أخر الاخبار

إشكالية عبارة ترتيب الآثار القانونية في منطوق الأحكام الصادرة في مواجهة أشخاص القانون العام





من البين أن تنفيذ الحكم القضائي، معناه تنفيذ القرار الصادر عن محكمة، أو هيئة قضائية بعد إصداره بالشكل الصحيح ووفقًا للقانون، فعملية تنفيذ الأحكام القضائية تمثل جزءًا هامًا من مراحل المنازعة القضائية من جهة ومن جهة أخرى لما لها من قوة و حجية فيما قضت به ، مما يتعين معه احترامها والمبادرة إلى أجرأة عملية التنفيذ تنفيذًا كاملا غير منقوص أخدا بعين الاعتبار الأساس الذي أقام عليه الحكم قضاءه، غير أنه ولئن كانت الحجية قاعدة أساسية تنبث للأحكام القضائية الحائزة على قوة الشيئ المقضي به،،فإنه يشترط لثبوت حجية الشئ المحكوم فيه لما يرد في منطوق الحكم أن يكون قد ورد فيه بصيغة الحكم والفصل،

فإذا أورد الحكم في منطوقه بعض العبارات العارضة التي تشمل أمرا لم تتناوله منازعة الخصوم ولم يرد في طلباتهم، فإننا سنكون أمام إشكالية تقتضي بيان وتفسير منطوق الحكم وفهم مداركه و مقتضياته، إلى جانب رفع اللبس الذي قد يحيط بالعبارات الواردة في منطوق الحكم القضائي.

وحيث إن مناط فهم العبارات الواردة بمنطوق الحكم القضائي يثير خلافاً حول فهم المعنى المراد منها بسبب الغموض أو الإبهام الذي يلازم الحكم في مقتضاه، سوف نتطرق في هذا المقال إلى بعض الإشكالات القانونية التي يطرحها تنفيذ الأحكام القضائية، مبتدئين بعبارة مع (ترتيب الأثر القانوني) و التي كثيرا ما نصادفها في منطوق الإحكام القضائية الصادرة في مواجهة أشخاص القانون العام، و التي تطرح أكثر من لغط حول مدى حجيتها و ترتيب أثارها عند تنفيذ الأحكام القضائية، لا سيما لما لها من ارتباط بفكرة ودرجة الاستقرار التي يجب أن يكتسبها هذا الحكم قبل تنفيذه.




الفقرة الأولى: ماهية الحكم القضائي و منطوقه

مما لا شك فيه أن الحكم القضائي كما سبق بيانه، هو كل قرار يصدر من المحكمة في خصومة قضائية وفقا لقواعد إصدار الأحكام القضائية، و بعبارة أكثر وضوحا فهو القرار الذي تصدره محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا، ومختصة في خصومة رفعت إليها، وفقا للإجراءات المسطرية المتبعة، سواء كان صادرا في موضوع الخصومة، أو في شق منها، أو في مسألة متفرعة عنها، ويرى جانب من الفقه أنه كل قرار تصدره المحكمة بمقتضي سلطتها القضائية، وفاصلا في منازعة معينة .

أما منطوق الحكم القضائي فهو الذي يتضمن ما قضت به المحكمة في النزاع المعروض عليها، فالأصل أن منطوق الحكم هو الذي تثبت له الحجية لأنه تتمثل فيه الحقيقة القضائية، غير أنه يشترط في ثبوت حجية الشئ المحكوم فيه لما يرد في منطوق الحكم أن يكون قد ورد فيه بصيغة الحكم والفصل ، فإذا أورد الحكم في منطوقه بعض العبارات العارضة التي تشمل أمرا لم تتناوله المطالبة القضائية، ولم يرد في طلبات الخصوم، فمثل هذه العبارات لا تحوز حجية الشئ المحكوم فيه، ما دامت لم ترد فيه بصيغة الحكم والفصل، وقد يفصل المنطوق في بعض نقط النزاع بطريق ضمني فتثبت الحجية لهذا المنطوق الضمني ما دام هو النتيجة الحتمية للمنطوق الصريح الصادر فـي الدعوى، فعلى سبيل المثال إذا كانت دعوى الإلغـاء هي دعـوى تهدف إلى إعدام القرار الإداري المخالـف للمشروعيـة، فـإن قيمة هذه الدعوى تتحقق في حكمها،إلا أنه وفي بعض الأحيان، فإن الأمر لا يتوقف على صدور الحكم من طرف القضاء، بل أن الحكم يتحدد في آثاره وما فد يرتبه من نتائـج و التي قد تطرح العديد من الإشكاليات فيما قد يشتمل عليه منطوق الحكم من عبارات قد تتخذ أوجها عدة، من حيث نطاق ترتيب أثاره و تنفيذه، ولعل أهم هذه العبارات التي تعودنا على قراءتها في منطوق الأحكام القضائية السارية في مواجهة أشخاص القانون العام، على سبيل المثال لا الحصر تداول عبارة "مع ترتيب الآثار القانونية" التي تطرح من حيث الواقع العملي و القانوني عدة تساؤلات بمناسبة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة أشخاص القانون العام، ومختلف المواقف المعلنة في شأنها، وانعكاساتها على مبادئ الحكامة الإدارية والقضائية، وكيفية تعامل الإدارة معها في مجال التنفيذ، بحيث تصل أحيانا إلى ما يمكن وصفه بالمساس بمبدأ لمساواة بين المتقاضين .

وفي هذا السياق، و نظرا لأهمية الموضوع وضرورة بسط مدلول عبارة( ترتيب الآثار القانونية ) عند تنفيذ الأحكام القضائية، و حتى يتسنى لنا الإجابة عن التساؤلات المتعلقة بمدى تمتعها بالقوة الإلزامية إلى جانب بسط الإشكالات التي قد تعيق تنفيذها ؟ وتحديد مدى الآثار المترتبة عنها أثناء عملية التنفيذ؟، سوف نتناول في الفقرة الموالية ماهية عبارة مع ترتيب الآثار القانونية، والتطرق إلى بعض الإشكاليات المرتبطة بها .




الفقرة الثانية: مدلول عبارة ترسيب الآثار القانونية وبعض الإشكاليات المرتبطة بها


كما لا يخفى على الجميع، أن المقصود بترتيب الآثار القانونية في منطوق الأحكام القضائية أو القرارات الإدارية، هو تحديد التسلسل أو الترتيب الذي ينبغي أن تتخذه الآثار القانونية المترتبة على صدور حكم قضائي أو قرار قانوني، وتشمل عبارة الآثار القانونية مجموعة من الجزاءات القانونية التي تنجم عن القرارات القضائية، ومثالها الالتزام بالحكم، وتعويض المتضررين، وتنفيذ الجزاءات وغيرها، وعادة ما يتم تحديد ترتيب الآثار القانونية في النص القانوني، أو في النص القضائي الذي يتضمن الحكم أو القرار ويعتمد هذا الترتيب على التشريعات المعمول بها والقواعد القانونية الجاري بها في البلد أو النظام القانوني المعني، و على سبيل المثال يكون ترتيب الآثار القانونية بتنفيذ الحكم و الامتثال لمضمونه إلى جانب الحرص على ما قد يترتب عنه من تعويض لفائدة المتضررين إذا كان هناك أطراف متضررة من القرار، لكن الواقع العملي لتنفيذ الأحكام القضائية أبان عن بعض الإشكاليات المتعلقة بتحديد الآثار المترتبة عن تنفيذ الحكم القضائي خصوصا على مستوى تحديد بعض العبارات الملازمة لمنطوقه وما تثيره من غموض ولبس على مستوى نطاق و حدود و إدراك عبارة ترتيب الأثر القانوني للحكم القضائي، ذلك أن ترتيب الآثار القانونية في تنفيذ الأحكام القضائية المراد به تحديد التسلسل الصحيح لتنفيذ الأحكام القضائية وترتيب الآثار الناتجة عن تلك الأحكام. التي تعتبر مسألة هامة في العمل القضائي، إذ يجب أن يتم تنفيذ الأحكام القضائية بطريقة تحقق العدالة وتحافظ على حقوق الأطراف المعنية، لكن بالمقابل والى جانب تنوع الآثار القانونية لتنفيذ الأحكام القضائية وشمولها لمجموعة من الإجراءات والتدابير التي يجب اتخاذها لتنفيذ الحكم الصادر من المحكمة. يجعلها لا تخلوا من بعض الإشكاليات المتعلقة بالتنفيذ المباشر الذي يتم من خلاله تنفيذ الحكم عن طريق تنفيذ الإجراءات المحددة فيه، مثل تسليم الممتلكات، أو تنفيذ التزام محدد، أو إلزام طرف بإتمام عمل معين،أو بالتعويض المالي بحيث يمكن أن يتضمن الحكم تعويضًا ماليًا للطرف الرابح، ويجب تنفيذ هذا التعويض ودفعه من قبل الطرف الخاسر، كما يمكن للحكم أن يرتب اثأر قانونية تستهدف إلغاء الأفعال غير القانونية كنتيجة طبيعية للحكم، إلا انه بالرغم من تحديد الآثار القانونية المترتبة على تنفيذ حكم قضائي، فقد يأتي منطوق الحكم بعبارات تحتاج إلى تفسير و رفع الغموض الذي تنطوي عليه ، فكثيرا ما نصادف أحكام قضائية يشتمل منطوقها على عبارة مع ترتيب الآثار القانوني و التي تطرح غموضا من حيث الالتزام بمدلول هذه العبارة أثناء التنفيذ ومدى ضمان تنفيذ الأحكام بطريقة فعالة ومنصفة، وتجنب التعارض بين الآثار المختلفة التي تتطلب معه أن تتسم الأحكام القضائية بصفات خاصة، منها حسن اختيار اللفظ ودقة الأداء، والوضوح في صياغة مفردات الحكم مع ضرورة الإشارة إلى نصوص القانون، فالحكم القضائي لابد و أن يكون على درجة عالية من الوضوح، مما يتوجب على القاضي أن يختار العبارات الواضحة والتي لا يشوبها غموض أو إبهام، والوضوح في العبارة يتحقق باختيار القاضي للألفاظ الدالة على المعنى الذي يقصده، وإلا سنكون في مواجهة عبارات قد ترد في منطوق الحكم تكون لها انعكاسات وخيمة على مبادئ الحكامة الإدارية والقضائية، قد تصل أحيانا إلى ما يمكن وصفه بالمساس بمبدأ المساواة بين المواطنين .




الفقرة الثالثة: نطاق المطالبة القضائية و حدود عبارة ترتيب الآثار القانونية عند تنفيذ الأحكام القضائية

الواضح أن مدى المطالبة القضائية ونطاقها أمر تحدده طلبات الخصوم، وما تنتهي إليه المحكمة في قضائها، وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن الطلبات المقدمة للقضاء، تنقسم إلى طلبات أصلية وطلبات عارضة أو طارئة، والمراد بالطلب القضائي الأصلي بأنه صحيفة الدعوى التي تقدم إلى المحكمة من المدعي استعمالاً لحقه في الدعوى القضائية، ويسمى أيضا بالطلب المفتتح للخصومة، و أما الطلبات العارضة بمعناها الواسع فهي الطلبات التي تُبدى بمناسبة طلب أصلي وفي أثناء النظر فيه وترمي إلى وقف السير في الطلب الأصلي أو منع الحكم به، أو تغيير وجه الحكم فيه، أو يكون الغرض من إبدائه ضمّه للطلب الأصلي والحكم فيهما معاً، وللمدعي الحق في تقديم ما يشاء من الطلبات الأصلية طالما توافرت شروط قبولها بخلاف الطلبات العارضة التي حدد المشرع حق الخصم في تقديمها للقضاء، وسواء كان الطلب المرفوع للقضاء أصلياً أم عارضاً تترتب على رفعه أثار قانونية، وعلى هذا الأساس، فالحكم الصادر بالإلغاء لا يرتب آثار آلية بإزالة كافة الآثار القانونية التي خلفها القرار الملغي، و إلا كان ذلك بمثابة حلول المحكمة محل الإدارة في مباشرة اختصاصاتها الإدارية،، وإنما يتطلب التنفيذ تدخلاً إيجابياً من الإدارة بإصدار قرار إداري جديد يقضي على آثار القرار الملغى، ومن ثم فانه إذا ما تقرر إلغاء القرار، فانه يوجب على الإدارة الالتزام بإعادة الحال إلى ما كان عليه كما لو لم يصدر القرار الملغي بحيث يترتب على الإدارة التزامان، الأول يقتضي التزام الإدارة بإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل صدور القرار الملغي بإزالة كافة الآثار القانونية والمادية التي ترتبت في ظله بأثر رجعي، كما يلزمها بهدم كافة القرارات والأعمال القانونية التي استندت في صدورها إلى القرار الملغي، والثاني يتمثل في التزام الإدارة بعدم انتهاكها قوة الشيء المقضي به، فعليها أن تمتنع عن تنفيذ القرار الملغي وتتمتع أيضاً عن الاستمرار في تنفيذه أن بدأت به، كما يفرض هذا الواجب على الإدارة أن لا تعيد إصدار القرار الملغي من خلال إصدارها قراراً جديداً تمنح فيه الحياة للقرار الملغي بصورة مباشرة، ومن ثم، فإن مقتضى تنفيذ الحكم الصادر بالإلغاء هو إعادة الحال إلى ما كان عليه وقت صدور القرار المقضي بإلغائه، والوقوف بالتنفيذ عند هذا الحد، دون أن يشمل ذلك أيا من القرارات اللاحقة، التي يتعين الطعن عليها استقلالا، حيث يفتح ميعاد جديد للطعن عليها من تاريخ صدور الحكم القاضي بالإلغاء، كما أن الحكم الصادر بالإلغاء يمتد ليشمل إلغاء القرارات اللاحقة كأثر من آثار الحكم، تأسيسا على أن القرار الملغى.




الفقرة الرابعة :متلازمة ترتيب الأثر القانونية و صعوبة تنفيذ الإحكام القضائية


تنفيذ الأحكام القضائية ليس امرأ ميسوراً في جميع الأحوال، بل قد تلاقى تصفية الأوضاع القانونية التي تمت استناداً إلى منازعة قضائية العديد من الصعوبات الواقعية و القانونية، قد تحتاج إلى تفسير منطوقه، والتي تتحول أحياناً إلى استحالة في التنفيذ، فالأصل في الحكم القضائي انه واجب التنفيذ فيما اشتمل عليه منطوقه وأسبابه المرتبطة به ارتباطا وثيقا لا يمكن فصله عنه، بحيث يحمل الحكم على منطوقه، وهو المعبر عن الحكم بألفاظه الصريحة الواضحة وأسبابه، وهي التي تبين بناء الحجج القانونية والأدلة الواقعية التي بُني عليها الحكم، غير انه يجوز للخصوم أن يطلبوا إلي المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إيهام، ويقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى، ويعتبر الحكم الصادر بالتفسير متممًا من كل الوجوه للحكم الذي يفسره. ويسري عليه ما يسري على هذا الحكم من القواعد الخاصة بطرق الطعن العادية وغير العادية .

وعليه فإن طلب تفسير الحكم لا يكون إلا بالنسبة إلي قضائه الوارد في منطوقة، فهو الذي يحوز حجية الشئ المقضي به أو قوته دون أسبابه، إلا ما كان من هذه الأسباب مرتبطًا بالمنطوق ارتباطًا جوهريًا ومكونًا لجزء مكمل له، كما لا يكون إلا حيث يلحق بهذا المنطوق أو يشوبه من غموض أو إبهام يقتضي الإيضاح والتفسير لاسـتجلاء قصد المحكمة فيما غمض أو أبهم ابتغاء الوقوف علي حقيقة المراد منه حتى يتسنى تنفيذ الحكم بما يتفق وهذا القصد، ويعتبر الحكم الصادر بالتفسير متممًا للحكم الذي يفسره من جميع الوجوه لا حكمًا جديدًا، ولذلك يلزم أن يقف عند حد إيضاح ما أبهم أو غمض بالفعل بحسب تقدير المحكمة لا ما التبس على ذوي الشأن فهمه على الرغم من وضوحه، وكل ذلك دون المساس بما قضي به الحكم محل التفسير بنقص أو زيادة أو تعديل، وإلا كان في ذلك إخلال بقوة الأمر المقضي. والتزاما بهذه القواعد وفي نطاقها يتحدد بوضوح طلب التفسير، فلا يكون له محل إذا ما تعلق بأسباب منفكة عن المنطوق، أو بمنطوق لا غموض فيه ولا إبهام أو إذا استهدف تعديل ما قضي به الحكم زيادة أو نقصانا أو كان قضاءه خاطئا أو إذا قصد إلي إعادة مناقشة ما فصل فيه من الطلبات الموضوعية، أيا كان وجه الفصل في هذه الطلبات، وترتيبا علي ذلك يتعين استظهار دعوي التفسير علي أساس ما قضي به الحكم المطلوب تفسيره إن كان ثمة وجه في الواقع والقانون، لذلك دون التجـاوز إلي تعديل ما قضي به.

وفي هذا السياق وما أبان عنه الواقع العملي للعمل القضائي، كثيرا ما نصادف عبارة مع ترتيب الأثر القانوني و ما تثير من صعوبات أثناء عملية تنفيذ الأحكام القضائية خصوصا على مستوى ادارك و استيعاب الإدارة المتنازع معها لدلالة و مفهوم عبارة مع ترتيب الأثر القانوني، على أساس وانه في بعض الحالات نجد الإدارة نفسها عاجزة عن ترتيب الأثر القانوني الواردة في منطوق الحكم بحجية أن المطالبة القضائية الأصلية لا تشمل على بعض المطالب الفرعية المرتبطة بموضوع المنازعة أو لصعوبة تنفيذ الآثار القانونية لحكم قضائي لسبب تدييل هذا الحكم بعبارة مع ترتيب الأثر القانوني ،مما يجعل من هذه العبارة في رأيها تتعدى نطاق ما جاء بالطلب الأصلي للدعوى.

وبناء عليه و أمام هذه الوضعية، نتساءل عم مآل عبارة مع ترتيب الأثر القانوني عند تنفيذ الأحكام القضائية ? وهل يمتد أثارها إلى إعمال الأثر القانوني قيما لم التنصيص عليه المطالبة القضائية?

من وجهة نظرنا في الموضوع، فإن ترتيب الأثر القانوني الوارد في منطوق الحكم مرتبط بالآثار التي قد تلحق القرار الإداري نفسه من حيث إلغاؤه أو تعديله ، وهكذا تمتد اثأر تلك العبارة لتشمل كل ما يمكن أن يترتب ليس فقط عن إلغاء القرار الإداري موضوع المنازعة ،و لكن نرى انه بتعدي نطاقها كل الآثار الفرعية التي تنجم عنه، بداء من إلغاء القرار إلى ما يمكن أن يترتب عنه حتى ولو لم يكن موضوع المطالبة القضائية و أساس ذلك أن القضاء لا يمكن أن يحل محل الإدارة و توجيهها، مما يبقى على الإدارة أن تلتزم كخصم شريف إلى تنفيذ كل ما يرتبه الحكم القضائي من دلالات و استحقاقات للجهة المدعية، في إطار القانون إحقاقا للعدل و الإنصاف، ذلك أن عبارة ترتيب الآثار القانونية قد تؤسس لمرحلة ما بعد إلغاء القرار الإداري لتترك للإدارة حرية و هامش التصرف إعمالا منها لمبدأ فصل السلط ..




الفقرة الخامسة: مبدأ عدم رجعية القوانين وتطبيق عبارة مع ترتيب الآثار القانونية


من المقرر أن أحكام القوانين لا تجري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها، ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ويقُصد بالقانون على ما جرى عليه العمل القضائي القانون بمعناه الموضوعي، محدداً على ضوء النصوص التشريعية التي تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي تقرها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية عملا بالتفويض المقرر لها لتقرير القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وتسري القاعدة القانونية اعتباراً من تاريخ العمل بها على الوقائع التي تتم في ظلها وحتى إلغائها، فإذا حلت محل القاعدة القديمة قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لكل من القاعدتين، وتظل المراكز القانونية التي اكتمل تكوينها وترتبت آثارها في ظل القانون القديم، خاضعة لحكمه وحده.

ونظرًا لخطورة الآثار التي تترتب على الأحكام بمعناها الدقيق بشكل عام وبشكل خاص إعمال عبارة )مع ترتيب الآثار القانونية (، وحرصًا على عدم تأبيد المنازعات من ناحية،والعمل على استقرار الحقوق والمراكز القانونية من ناحية أخرى،فقد أحاط المشرع إصدار الأحكام بضمانات كثيرة لم يحظ بمثلها أي من الأعمال الأخرى التي تصدر عن السلطات العامة فالحكم لا ينشئ حقا جديدا لم يكن موجودا، ولا يجدد الحق ، وإنما هو يقويه وينشئ لصاحبه بعض المزايا.

ومن وجهة رأينا في الموضوع نظرنا، فإن عبارة- مع ترتيب الآثار القانونية - هي الأخرى تسري آثارها – كقاعدة عامة – من وقت صدور الحكم القضائي فيما اشتمل عليه في منطوقه، وإن كانت المطالبة القضائية تنشئ آثارا هامة هي التي تسري من وقت رفع الدعوى، ويقررها الحكم الصادر فيها.

وهكذا، فإذا كانت الواقعة أو المركز القانوني في طور التكوين إلى أن لحق القاعدة القانونية تعديل يمس عنصرا أو أكثر من عناصر هذه الواقعة، أو هذا المركز وجب تطبيق القاعدة الجديدة – المركز القانوني الذي يحدثه القرار الإداري كتصرف قانوني إرادي يترتب بمجرد إفصاح الجهة الإدارية عن إرادتها، فيكتمل بذلك نشوء هذا المركز ومن ثم تكون القاعدة الواجب تطبيقها لبيان مدى اتفاق القرار بما رتبه من مركز مع حكمها من عدمه، هي القاعدة التي صدر القرار إبان العمل بها,

وعليه فترتيب الآثار القانونية للحكم القضائي و إعمال قاعدة مع ترتيب الأثر القانوني فيما قضى فيه يكون مرتبطا بالقانون الجاري به العمل أثناء مرحلة المطالبة القضائية مالم ينص القانون على خلاف ذلك،ما عاد إذا كانت الواقعة، أو المركز القانوني في طور التكوين إلى أن لحق القاعدة القانونية تعديل يمس عنصرا أو أكثر من عناصر هذه الواقعة، أو هذا المركز وجب تطبيق القاعدة ترتيب الأثر الفوري للقاعدة القانونية بما يترتب عنها قانونا.

و أساس ذلك أن المحكمة صاحبة الاختصاص تباشر اختصاصها وهي تزن القرار بميزان المشروعية في ضوء أحكام القانون، فإذا ثبتت مخالفته لأحكامه قضت بإلغائه، فحكمها يكون حكما كاشفا لمدى صدور ذاك القرار مترملا بصحيح حكم القانون،




المراجع:

- مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
- محمد القصري – محمد قصري: الغرامة التهديدية والحجز في مواجهة الإدارة الممتنعة
- حسين ياسين العبيدي اللغة القضائية و أثارها في صياغة الحكم القضائي
- علاء رضوان – الآثار المترتبة عن منطوق الأحكام القضائية
- لبنى الوزاني :منطوق الحكم المدني من دروس المعهد العالي للقضاء
- عبد العلي فتحي - الفرق بين الحيثيات ومنطوق الحكم فى أحكام القضاء
- مجموعة قرارات مصرية حول حجية الأحكام-
النقض المدني - الفقرة رقم 1 من الطعن رقم 294 لسنــة 34 ق - تاريخ الجلسة 18 / 04 / 1968 مكتب فني 19 رقم الصفحة 801]
[النقض المدني - الفقرة رقم 3 من الطعن رقم 218 لسنــة 39 ق - تاريخ الجلسة 04 / 05 / 1975 مكتب فني 26 رقم الصفحة 913]
[النقض المدني - الفقرة رقم 5 من الطعن رقم 89 لسنــة 41 ق - تاريخ الجلسة 09 / 06 / 1976 مكتب فني 27 رقم الصفحة 1307]
[النقض المدني - الفقرة رقم 1 من الطعن رقم 915 لسنــة 44 ق - تاريخ الجلسة 30 / 03 / 1978 مكتب فني 29 رقم الصفحة 932]
النقض المدني - الفقرة رقم 1 من الطعن رقم 104 لسنــة 43 ق - تاريخ الجلسة 12 / 01 / 1980 مكتب فني 31 رقم الصفحة 131]



ترتيب الآثار القانونية, القانون العام, أشخاص القانون, منطوق الأحكام, الترتيب الصحيح, العدالة, تنفيذ القانون, العقوبات, الجزاءات المالية, الحجز على الممتلكات, السجن, القضاء, العدالة النهائية.



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-