أخر الاخبار

ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ: ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺎﺕ ﻭ ﺍﻷﺳﺲ


ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ: ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺎﺕ ﻭ ﺍﻷﺳﺲ

ﺳﺆﺍﻝ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺒﺎﺩﺭ ﻟﺬﻫﻦ ﻛﻞ ﻣﻬﺘﻢ ﺑﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ، ﻫﻞ ﻧﻌﺘﺒﺮ " ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ " ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻧﺼﻮﺹ ﻣﺘﻨﺎﺛﺮﺓ ﻋﻨﻮﺍﻧﺎ ﻟﻠﻌﺪﺍﻟﺔ ، ﺃﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﺗﺘﻀﻤﻨﻪ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ، ﻭ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻜﺮﻳﺴﻬﺎ ﻓﻘﻂ ؟

ﺇﻥ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻟﻴﺲ ﺃﻣﺮﺍ ﻳﺴﻴﺮﺍ ﻭ ﻻ ﺗﻘﻨﻴﺎ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﻣﻨﺎ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﺍﻵﻟﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎ ﺣﺮﻓﻴﺎ، ﻭ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺳﻠﻮﻙ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﻌﻴﺶ ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﻮﻛﻴﻞ ﺟﻬﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻻﺣﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺗﻌﺴﻔﺎ ﺗﺨﻠﺖ ﻋﻨﻪ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﻀﺮﺓ ﻭ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻣﻦ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﺭﺱ ﻛﺤﻘﺒﺔ ﻣﻀﺖ .

ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻻ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻣﺘﻜﺮﺭﺓ ﻹﺭﺟﺎﻉ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﻧﺼﺎﺑﻬﺎ ، ﻭ ﺇﺭﺟﺎﻉ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻭ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ﻭ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺘﺒﺎﻋﺪ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ . ﻭ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﺎﻋﻞ ﻭﺍﻗﻌﻴﺎ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﺴﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺃﻭ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺇﺻﺪﺍﺭﻫﺎ ﺃﻭ ﻧﺼﻮﺹ ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺗﺼﺪﺭﻫﺎ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ .

ﺗﺒﺪﺃ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺫﺍﺗﻬﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻓﻴﻬﻢ ﺷﺮﻭﻁ ﺇﺣﻘﺎﻕ ﺍﻟﺤﻖ ﻭ ﻧﺒﺬ ﺍﻟﻈﻠﻢ ، ﻭ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻤﺴﺒﻘﺔ ﺑﺤﻘﻮﻕ ﻭ ﻭﺍﺟﺒﺎﺕ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ، ﻭ ﺍﻟﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻭ ﺇﺟﺎﺩﺓ ﺗﻮﻇﻴﻔﻬﺎ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﻬﺎ ، ﻭ ﺇﻧﻤﺎ ﺑﻮﺍﺯﻉ ﺃﺧﻼﻗﻲ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﺧﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ ﻭ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ " ﻣﺮﺍﻛﺰ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ " . ﻭ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﻔﺮﺩ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺗﺮﺑﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﺍﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻭ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﺍﻟﺮﻓﻴﻊ ، ﻫﺬﺍ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻟﺔ .

ﺃﻣﺎ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻴﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﻛﻮﻝ ﻟﻬﺎ ﺃﻣﺮ ﺇﺻﺪﺍﺭ " ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ " ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﺄﻥ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻳﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺎ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻤﺜﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﻭ ﻓﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﻭ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺗﺤﻜﻢ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ ، ﺃﻡ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﺑﺄﻥ ﺳﻦ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ " ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ " ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺣﺼﺮﻱ ﻟﻬﺎ ؟

ﺳﺆﺍﻝ ﺟﻮﻫﺮﻱ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺮﺣﻨﺎ ؛ ﻷﻥ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣﻨﺘﺠﺎ ﻭ ﺇﻳﺠﺎﺑﻴﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺳﺎﺩ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻟﺪﻯ ﺃﻋﻀﺎﺋﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻣﻤﺜﻠﻴﻦ ﻟﺘﻄﻠﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻜﻞ ﻓﺌﺎﺗﻪ ﻭ ﺃﻃﻴﺎﻓﻪ ﻭ ﺃﻓﺮﺍﺩﻩ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﻣﺸﺎﺭﺑﻬﻢ ﺩﻭﻥ ﺇﻗﺼﺎﺀ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﻘﻮﺍﺀ ﺑﺎﻟﻌﺪﺩ ﻭ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻦ ﻳﺼﻮﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﻮﻟﻲ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻤﺎ ﺳَﻨَﺴُﻦُّ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻭﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ ﻹﺭﺟﺎﻉ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭ ﺗﻘﺮﻳﺐ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ .

ﻭ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻄﺮﻭﺣﺎ ﻫﻮ ﻫﻞ ﻳﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ / ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻣﺘﺨﻠﻘﺎ ﺑﻘﻴﻢ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭ ﺇﺣﻘﺎﻕ ﺍﻟﺤﻖ ﻭ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺗﺮﺍﻋﻲ ﻣﺎ ﺍﺗﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺃﻡ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ ؟

ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺍﺛﻨﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﺩﻭﺭ ﻣﺤﻮﺭﻱ ﺗﻨﻤﺤﻲ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻛﻞ ﺍﻷﺩﻭﺍﺭ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﺸﺨﺼﻨﺔ ، ﻭ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﻤﻦ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﻣﺤﻞ ﻣﺴﺎﺀﻟﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﺧﺮﻕ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ ﺑﻤﻌﻨﺎﻩ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ﻭ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻌﻨﺎﻩ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ ﺃﻭ ﺍﻧﺤﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺃﻭ ﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻤﺲ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭ ﺣﺮﻳﺎﺗﻬﻢ ﻭ ﻳﻌﺼﻒ ﺑﺎﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺗﻲ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ .

ﻭ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻠﻌﺒﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺽ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﻭﺭﺍ ﺣﺮﺍ ﻭ ﻣﺴﺘﻘﻼ ﻳﺮﺑﻄﻪ ﺍﻟﻮﺍﺯﻉ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ﻭ ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ ﺍﻟﻤﻬﻨﻲ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻧﻔﺴﻪ . ﻭ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺳﻦ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﻛﺂﻟﻴﺔ ﻣﻌﺰﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭ ﻣﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻬﻮﺍﺟﺲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﺃﻭ ﻣﻦ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺃﻭ ﺗﺤﺪ ﻣﻦ ﻫﺎﻣﺶ ﺗﺪﺧﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻗﻀﺎﺓ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺁﻻﺕ ﺻﻤﺎﺀ ﺑﺪﻝ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻬﺎ ﺩﻭﺭ ﺇﻳﺠﺎﺑﻲ ﻓﻲ ﺿﺒﻂ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎﺗﻬﺎ .

ﻭ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺮﺍﺳﺦ ﻟﺪﻯ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻘﻴﺪﺓ ﻭ ﻣﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻨﺺ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ، ﺗﻘﻴﻴﺪﺍ ﻭ ﺗﺤﻜﻤﺎ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺈﺧﻀﺎﻉ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ ﻟﻠﻨﺺ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎ ﺣﺮﻓﻴﺎ ﻭ ﺁﻟﻴﺎ ﻓﺈﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺳﻴﻀﻤﺤﻞ ﻭ ﻳﻨﺪﺛﺮ ﻭ ﺗﻨﻤﺤﻲ ﻣﻌﻪ ﻛﻞ ﺟﺬﻭﺓ ﺃﻣﻞ ﻓﻲ ﺗﻜﺮﻳﺲ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﻖ ﻭ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ .
ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ‏( ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ – ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ – ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ‏) ﻳﻨﺒﺜﻖ ﻣﻦ ﻣﻌﻄﻰ ﺩﺳﺘﻮﺭﻱ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺇﻟﺰﺍﻡ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ . ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻌﻄﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﺳﺘﻮﺭ 2011 ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ 110 ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ : " ﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻗﻀﺎﺓ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺇﻻ ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ . ﻭﻻ ﺗﺼﺪﺭ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ . " .

ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻳﺠﺐ ﻳﺘﻤﺤﻮﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻴﺘﻤﻜﻦ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻦ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ﻭ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ ؟

ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ ﻫﻮ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﺗﺒﻨﺎﻩ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻭ ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﻪ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻧﻄﻼﻗﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭ ﺣﺴﻢ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﺑﻴﻦ ﺗﺼﻮﺭ ﻗﺪﻳﻢ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺸﺒﺚ ﺍﻟﺤﺮﻓﻲ ﻭ ﺍﻵﻟﻲ ﺑﺎﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻭ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻣﻀﻤﻮﻧﻬﺎ ﻭ ﻣﺤﺘﻮﺍﻫﺎ ﻭ ﻟﻮ ﺃﺿﺮﺕ ﺑﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﺿﺮﺭ ﻛﺒﻴﺮ ﻟﻠﻤﺼﺎﻟﺢ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻭﺍﻗﻊ ؛ ﺇﻣﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ ﺍﻟﻘﺎﺻﺮ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺟﻤﻴﻊ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻭ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺃﻭ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻻﺳﺘﻐﻼﻝ ﺍﻟﻤﺎﻛﺮ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻵﻟﻴﺔ ﺍﻟﺤﺮﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﺰﻡ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺘﻘﻴﺪ ﺍﻟﺼﺎﺭﻡ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺇﺭﺟﺎﻉ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﺃﻡ ﻻ . ﻭ ﺑﻴﻦ ﺗﺼﻮﺭ ﺃﻣﻠﺘﻪ ﺍﻟﻈﺮﻓﻴﺔ ﻭ ﺍﻵﻣﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻗﻲ ﺑﺎﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻠﻌﺒﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ، ﻭ ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻬﺎﻣﺶ ﻭﺍﺳﻌﺎ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﻤﺮﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ . ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺃﻥ ﻭﺍﺿﻊ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﺭﺗﺄﻯ ﺃﻥ ﻳﺴﻴﺮ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭ ﺳﻠﻄﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻷﻧﺠﻠﻮﺳﺎﻛﺴﻮﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺑﻤﺮﻭﻧﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻏﺎﻳﺘﻪ ﺇﺣﻘﺎﻕ ﺍﻟﺤﻖ ﻭ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﻠﺺ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ . ﻭ ﻫﻮ ﺗﺼﻮﺭ ﻟﻮ ﺻﺪﻕ ﺳﻴﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ، ﻓﻤﻦ ﺟﻬﺔ ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﻤﻬﺪ ﻹﺻﻼﺡ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻛﻨﺘﻴﺠﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﻟﻼﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﺮﺳﻪ ﻭ ﺗﺴﺘﻘﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻨﻮﺍﻗﺺ ﻭ ﺍﻟﺸﻮﺍﺋﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺮﺽ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭ ﺗﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﺿﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻏﺎﻳﺎﺗﻬﻢ ﻭ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ .

ﻓﺘﺒﺎﺩﻝ ﺍﻷﺩﻭﺍﺭ ﺑﻴﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻭ ﻧﻈﻴﺮﺗﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﻤﻔﺼﻞ ﺃﻋﻼﻩ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺴﻨﺪﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ، ﻭ ﻳﻤﻜﻦ ﺭﺻﺪ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ :
ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻠﻂ ، ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺩﺳﺘﻮﺭ 2011 ﺑﺎﺣﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻭ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺳﻠﻄﺔ ﻣﻘﺪﺳﺔ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﺇﺑﺪﺍﺀ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻓﻴﻬﺎ ، ﻓﺎﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺒﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﺍﻟﺮﺍﺳﺦ ﻓﻲ ﺃﺫﻫﺎﻥ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺗﻈﺎﻓﺮﺕ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪ . ﺻﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﻣﺎ ﻳﺼﻄﻠﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ ، ﻭ ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺠﺎﻣﺪ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ، ﻭ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﻌﻴﺪ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﻤﺆﻃﺮﺓ ﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ ﻟﺘﻨﺴﺠﻢ ﻭ ﻣﻨﻄﻖ ﺩﺳﺘﻮﺭ 2011 ؛ ﻭ ﻟﻌﻞ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ . ﺇﺫ ﺃﻥ ﺩﻭﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺑﻤﻌﻨﺎﻩ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺛﻴﻖ ﻣﺎ ﺗﻌﺎﺭﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭ ﺇﺧﺮﺍﺟﻪ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻧﺼﻮﺹ ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﺬﻟﻚ ، ﻭ ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻬﺎ ﺣﺮﻳﺔ ﻭﺿﻊ ﺗﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﻗﺪ ﺗﺼﻄﺪﻡ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﻌﺎﺭﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ، ﺃﻭ ﻗﺪ ﺗﻌﺼﻒ ﺑﺤﻘﻮﻗﻬﻢ ﺃﻭ ﻗﺪ ﺗﺸﻞ ﻋﻤﻞ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﺪﻋﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ .

ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺎﺭﻛﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻋﻤﺎﺩ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺪﺓ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﺩﺳﺘﻮﺭ 2011 ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻻ ﺗﻤﻠﻚ ﺣﻖ ﺍﻻﺳﺘﺌﺜﺎﺭ ﺑﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﺭﺃﻱ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺘﺪﺧﻠﻴﻦ ، ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺤﻘﻮﻕ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻛﺎﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﺐ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻘﻞ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻘﺎﺿﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻐﻞ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ، ﻓﻤﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻻ ﺗﻤﻠﻚ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﺴﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻭ ﻧﺼﻮﺹ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﺗﺎﻡ ﻟﻠﻔﺎﻋﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻭ ﻏﻴﺮﻫﺎ ، ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺴﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻭ ﻧﺼﻮﺹ ﻗﺪ ﺗﻤﺲ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺗﺄﺧﺬ ﺭﺃﻱ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﻭ ﻟﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﺓ . ﻭ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﺴﻴﻂ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﻫﻢ ﺍﻷﺩﺭﻯ ﺑﺎﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻫﺎ ﻋﻨﺪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺳﻦ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ . ﻭ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﺐ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺸﺎﺭ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﻓﻬﻢ ﺍﻷﺩﺭﻯ ﺑﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﻭ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻮﺟﻪ ﻟﻠﻤﺲ ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ ﻣﻬﻨﺔ ﺍﻟﻄﺐ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺸﺎﺭ ﺃﻫﻞ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ، ﻭ ﻛﺬﺍ ﻧﻔﺲ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺣﻴﺚ ﻳﺠﺐ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺧﻄﺔ ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﻓﻴﺠﺐ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭﺓ ﺃﻫﻠﻪ ، ﻭ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻛﻠﺔ ﻧﻔﺲ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺠﺐ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭﺓ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﻢ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﺿﻴﻦ ﻭ ﻛﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻭ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ . ﻭ ﻟﻴﺲ ﺫﻟﻚ ﺗﺤﺠﻴﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻭ ﺇﻧﻤﺎ ﺗﺠﺴﻴﺪ ﻟﻤﺒﺪﺃ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺎﺭﻛﻴﺔ ، ﻓﺄﻣﺮ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻣﺸﺎﻭﺭﺍﺕ ﻗﺒﻠﻴﺔ ﻣﻜﺜﻔﺔ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ، ﻟﻴﺘﺴﻨﻰ ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺳﻦ ﺗﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﺗﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻠﺤﺎﺟﺔ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻭ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭ ﺇﻻ ﻓﺈﻥ ﻋﺪﻡ ﺗﻨﺎﻏﻢ ﻭ ﻋﺪﻡ ﺗﻮﺍﺯﻥ ﺳﻴﺴﻮﺩ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ .

ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺭﺑﻂ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ ﻛﻤﺒﺪﺃ ﺩﺳﺘﻮﺭﻱ ، ﻓﺈﻥ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻦ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﻟﻴﺲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﻘﺪﺳﺔ ، ﻭ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻗﺪ ﻳﻌﺘﺮﻳﻬﺎ ﻧﻘﺺ ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻌﺘﺮﻱ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ، ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﻤﺘﺪﺧﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﺠﻮﻳﺪ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺿﻤﺎﻥ ﺃﻛﺒﺮ ﻗﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﻭﻧﺔ ﻭ ﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺗﺒﻘﻰ ﺃﻣﺮﺍ ﻣﻬﻤﺎ ﻭ ﻭﺍﺟﺒﺎ . ﻭ ﻟﻌﻞ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﻭ ﺍﻟﺘﺘﻤﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﻓﻬﺎ " ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ " ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﻌﺘﺮﺽ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﻭ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﺜﻼ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﺪﻭﻧﺔ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﺃﻭ ﻣﺪﻭﻧﺔ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺪﺧﻼﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻷﺧﺮﻯ ، ﻓﻠﻮ ﺗﻤﺖ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺘﺪﺧﻠﻴﻦ ﻟﻜﻨﺎ ﻗﺪ ﺗﻔﺎﺩﻳﻨﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺪﺧﻼﺕ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﻭ ﻟﻀﻤﻨﺎ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺿﻤﺎﻥ ﺃﻛﺒﺮ ﻗﺪﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻤﻮﺩ .

ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﺪﻭ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻤﻘﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﺎﺀ ﺑﻬﺎ ﺩﺳﺘﻮﺭ 2011 ، ﻭ ﻫﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻨﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﻨﻴﻪ :
1 - ﻓﺘﺢ ﺑﺎﺏ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺑﺪﻝ ﺍﻟﺘﻀﻴﻴﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﺼﻮﺹ ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺟﺎﻣﺪﺓ ﻳﻀﻄﺮ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﻘﻤﺺ ﺩﻭﺭ ﺍﻵﻟﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻭ ﻟﻮ ﻋﺼﻔﺖ ﺑﺎﻟﺤﻘﻮﻕ ﻭ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ، ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎﻓﻲ ﻭ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺎﻁ ﺑﻪ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ .
2 - ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﻫﺎﻣﺶ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ، ﻷﻥ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﻭ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺠﺰﺍﺀﺍﺕ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﺒﻞ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻭ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﺸﺘﻐﻞ ﻭﻓﻖ ﺧﻄﻮﺍﺕ ﺻﻤﺎﺀ ﺑﻜﻤﺎﺀ ﻻ ﺗﺮﺍﻋﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﻛﺈﺻﺪﺍﺭ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻓﻲ ﺃﺟﻞ ﻣﻌﻘﻮﻝ ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻔﻘﺪ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻬﺎ .

3 - ﺿﻤﺎﻥ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻨﺪ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺃﺷﻐﺎﻟﻪ ، ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻤﺎﺭﺳﺘﻪ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻭ ﺇﺭﺟﺎﻉ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭ ﺍﻧﺘﺰﺍﻋﻬﺎ ﻣﻦ ﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻋﺘﺪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ .

ﻓﻜﻞ ﺫﻟﻚ ﺳﻴﺴﺎﻋﺪ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ ، ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺇﻻ ﺗﺠﺴﻴﺪ ﻟﻤﺮﻭﻧﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺃﻛﺜﺮ ﻗﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭ ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻮﺛﺎﺋﻖ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﺎﻗﻠﺔ ﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ، ﻭ ﺗﻔﺎﺩﻳﺎ ﻟﻀﻴﺎﻉ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﺿﻴﻦ ﺿﻌﻴﻔﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ . ﻭ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻟﻠﺤﻘﻮﻕ ﻭ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺮﺍﻋﻲ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺮﺍﻋﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ .
----
ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﺤﻜﻤﺎﻭﻱ
ﻧﺎﺋﺐ ﺃﻭﻝ ﻟﻮﻛﻴﻞ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﺑﺎﻟﺮﺑﺎﻁ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺟﺎﻣﻌﻲ ﺯﺍﺋﺮ ﺑﺎﺣﺚ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-