أخر الاخبار

ماهو ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ؟

ﺗﺘﻌﺪﺩُ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ ﻭﺗﺨﺘﻠﻒ ﺃﺩﻭﺍﺭُﻫﺎ، ﻭﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺗﺤﺘﻜﺮ ﺳُﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻭﺍﻻﺗﻬﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺔ ﺛﻢ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻓﻘﺪ ﻇﻬﺮﺕ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻬﺪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻻﺗﻬﺎﻡ ﻭﻣﺒﺎﺷﺮﺗﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ، ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ
ﻭﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻻ ﺗُﻤﺜﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺧﺼﻤﺎً ﻋﺎﺩﻳﺎً، ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻨﻮﺏُ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺄﺩﻳﺔ ﻋﻤﻞ ﻋﺎﻡٍ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ . ﻓﺎﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺣﻖ ﻛﺎﻟﺨﺼﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﻴﻦ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺳُﻠﻄﺔ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﻝ ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﻓﻘﻂ ﻻ ﻏﻴﺮ، ﻓﺎﻟﻔﺮﺽ ﺃﻥ ﺇﺩﺍﻧﺔ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻫﻮ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻧﻌﻘﺎﺩ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮٍ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻋﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺃﺩﻟﺘﻬﺎ ﺍﺩﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻭﻗﺪ ﺗﺆﺩﻱ ﻟﻠﺒﺮﺍﺀﺓ ﺃﻭ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ،

ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺳﻮﻯ ﺃﻥ ﺗﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺣُﻜﻢ ﺍﻟﺒﺮﺍﺋﺔ، ﺃﻭ ﺃﻥ ﺗُﻘﺪﻡ ﺍﻻﻟﺘﻤﺎﺱ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻤﺎﺳُﻬﺎ ﺃﻭ ﻃﻌﻨُﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ؛ ﻷﻥ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻫﻮ ﺍﻋﺘﻘﺎﻝ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻻﻥ ﻫﻮﻳﺘﻪ ﻣﻐﺮﺑﻲ ﺑﻌﻘﻮﺑﺔ ﻟﻤﺠﺮﺩ ﺍﻻﺷﺘﺒﺎﻩ ﺑﺄﻧﻪ ﺍﺭﺗﻜﺐ ﺟُﺮﻣﺎً، ﻭﻻ ﻳﺠﺐ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻟﻠﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﻤﻜﻦ ﺍﻟﻤﺤﻘﻖ، ﺃﻳﺎً ﻛﺎﻥ ﻣُﺴﻤّﺎﻩ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻣﻤﺜﻼً ﻟﻠﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﻡ ﻗﺎﺿﻴﺎً ﻟﻠﺘﺤﻘﻴﻖ، ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻗﻨﺎﻋﺘﻪ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﺸﺘﺒﻪ ﺑﻪ، ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﺭﺗﻜﺐ ﺍﻟﺠُﺮﻡ ﺃﻭ ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﻓﻴُﺤﺎﻝُ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻤﺔ، ﻭﻣﻊ ﺍﻻﺳﻒ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻳﺤﺎﻛﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺠﻼﻟﺔ ﺩﻭﻥ ﺗﻮﺍﻓﺮ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺑﺤﻘﻪ، ﻭﺩﻭﻥ ﺗﻮﺍﻓﺮ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺠُﺮﻡ، ﺃﻭ ﻷﻱ ﺳﺒﺐ ﺁﺧﺮ ﻳُﺒﻘﻴﻪ ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ، ﻭﺇﻣﺎ ﺃﻧﻪ ﺑﺮﻱﺀ ﻣﻤﺎ ﻇُﻦ ﺑﻪ .

ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻭﻫﻲ ﺗُﺒﺎﺷﺮُ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ، ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻨﺼﻊ ﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺣﻴﻦ ﻳُﻔﻀﻲ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻟﻠﺒﺮﺍﺀﺓ ﺃﻭ ﺍﻹﺩﺍﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮﺍﺀ، ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﻏﺎﻳﺔ ﺳﺎﻣﻴﺔ، ﻳﺘﻌﻴﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺃﻱ ﺍﻧﺘﻬﺎﻙ ﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗِﻴﻞَ ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺴﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻹﺩﺍﻧﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻖ ﻣﻌﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻬﻤﻴﻦ، ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻀﻄﻠﻊ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺑﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ، ﺑﻞ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺩ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﺃﻇﻬﺮ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻊ ﺍﻥ ﻗﺎﺿﻲ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻪ ﺃﻱ ﺩﺭﺍﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺮﺍﻡ .

ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﻧﻈﺎﻣﻨﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ، ﻳﺴﻴﺮ ﺑﺨﻼﻑ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ﺑﻘﻮﻟﻬﺎ، ‏« ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺷﻌﺒﺔ ﺃﺻﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺷُﻌَﺐ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﺍﻷﻣﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ، ﻭﺗُﺒﺎﺷﺮ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻭﺍﻻﺗﻬﺎﻡ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﺎﺗﻬﺎ ﻭﻓﻘﺎً ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ ‏» ﻓﻌﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺠﻌﻞ ﺭﺍﺋﺪﻫﺎ ﺃﺻﺎﻟﺔ ﺍﻟﺒﺮﺍﺀﺓ، ﻓﺈﻥ ﺗﻄﺎﺑﻘﺖ ﺗﺤﻘﻴﻘﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺻﺎﻟﺔ ﻓﻨﻮﺭٌ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﺭ، ﻭﺇﻥ ﻗﺎﺩ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ، ﺑﺈﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ، ﻟﻐﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻷﻣﻴﻨﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﺑﺤﺴﺐ ﺻﺮﻳﺢ ﻧﺺ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺒﺎﺷﺮ ﺭﻗﺎﺑﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻀﺒﻄﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ، ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻋﺮﺽ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻷﻋﻤﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ؛ ﻟﺘﻘﺮﺭ ﻣﺪﻯ ﻛﻔﺎﻳﺔ ﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﻟﻼﻗﺘﻨﺎﻉ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻭﺇﻣﻜﺎﻥ ﻧِﺴﺒﺘﻬﺎ ﻟﺸﺨﺺ ﻣﻌﻴﻦ، ﻭﻣﺪﻯ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﻳﺎﺕ ﺑﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ؛ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻛﻲ ﺗﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻗﺮﺍﺭﻫﺎ ﺑﺎﻟﺘﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﺍﻩ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎً ﻟﻜﺸﻒ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ .

ﻭﻟﻠﻨﻴﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ، ﻋﺪﻡ ﺍﻻﻛﺘﻔﺎﺀ ﺑﻤﺎ ﺣﻮﺗﻪ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﺘﺤﺮﻱ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﺑﻞ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺩﺍﺋﺮﺗﻲ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ؛ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻤﻨﻊ ﺗﻌﺴﻒ ﺳﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻀﺒﻂ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ، ﻣﻊ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ، ﻟﻤﺎ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎﺕ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻗﺪ ﻳُﻔﻀﻲ ﺗﺤﺮﻛﻬﺎ ﺑﻼ ﺭﻗﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ، ﻭﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ، ﻟﻠﻤﺴﺎﺱ ﺑﺤﻘﻮﻕ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭﺣﺮﻳﺎﺗﻬﻢ ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴُﻠُﻄﺎﺕِ ﻧﺰّﺍﻋﺔ ﺑﻄﺒﻌﻬﺎ ﻟﻠﺘﺴﻠُّﻂ .

ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻭﺳﻴﺮﻩ ﻭﻓﻘﺎً ﻟﻠﻨﺰﺍﻫﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺩﻳﺔ، ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺍﻹﺷﺮﺍﻑ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﻱ ﻭﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﻭﺗﺒﻌﻴﺔ ﻭﻛﻼﺀ ﻭﻧﻮﺍﺏ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﻴﻬﺎ ﻟﻤﺮﺍﻗﺒﺔ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻭﺍﻟﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﺨﺬﺓ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭﺿﻤﺎﻥ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﺱ ﺑﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ،

ﻭﺳﻨﻌﺮﺽ ﻟﺠﻮﺍﻧﺐ ﺭﻗﺎﺑﺔ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﺎﺑﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻀﻤﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﺤﻘﻘﻬﺎ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﺘﻬﻢ، ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻋُﻬﺪﺗﻬﺎ، ﻣﻨﻄﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺒﺮﺍﺀﺓ، ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺘﻤﺨﺾ ﻋﻦ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﻻ ﻫﻮ ﺻُﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﺻﻮﺭﻫﺎ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺘﺄﺳﺲ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽُ ﺍﻟﺒﺮﺍﺀﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻓﻘﺪ ﻭُﻟِﺪَ ﺣُﺮﺍً ﻣُﺒﺮﺃً ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﻴﺌﺔ،
ﻭﻳُﻔﺘﺮﺽ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻭﻣﻼﺯﻣﺘﻪ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻃﻮﺍﻝ ﺣﻴﺎﺗﻪ، ﺇﻟﻰ ﺃﻥْ ﻳُﻨﻘﺾَ ﺫﻟﻚ ﺍﻷﺻﻞ ﺑﺤﻜﻢ ﺟﺎﺯﻡ، ﺻﺎﺩﺭٍ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﻣﻨﺼﻔﺔ ﺑﺎﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻤﻘﺮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ‏( 14 ‏) ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻟﻠﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﻋﻠﻰ ﺿﻮﺀ ﺃﺩﻟﺔ ﻣﺘﻮﻟﺪﺓ ﻣﻦ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺇﺟﺮﺍﺋﻴﺔ، ﺗُﻌﺘﺒﺮ ﺣﻤﺎﻳﺘُﻬﺎ ﻣُﻔﺘﺮﺿﺎً ﺃﻭﻟﻴﺎً ﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ، ﻭﻳﺘﻄﻠﺒﻬﺎ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻟﺼﻮﻥ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺗﻬﺎ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ؛ ﻟﻴﻮﻓﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻟﻜﻞ ﻓﺮﺩ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻂ ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﻣﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺩﻟﻴﻞ، ﻭﺑﻤﺎ ﻳﺮُﺩُ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻋﻦ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﺛﺒﻮﺗﻬﺎ ﺑﻘﺮﻳﻨﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺗﺤﻜﻤﻴّﺔ ﻳُﻨﺸﺌﻬﺎ، ﻭﻳُﺘﺎﺡ ﻟﻠﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻴﺔ ﺗﻔﺮﻳﻌﺎً ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺒﺮﺍﺀﺓ ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ:

ﺗﻘﺪﻳﺮﻛﻔﺎﻳﺔ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻻﺕ ﻭﻣﺪﻯ ﺻﻼﺣﻴﺘﻬﺎ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻟﺸﺨﺺ ﻣﻌﻴﻦ، ﻭﺗﻜﻴﻴﻔﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ، ﺛﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻧﻮﻉ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻼﺋِﻢ ﻟﻜﺸﻒ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻭﺃﺧﻴﺮﺍً ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻭﺳﺎﺋﻞﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺎﺕ ﻭﻏﺎﻳﺎﺗﻬﺎ .

ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ﻣﻨﻄﻘﻲ، ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻦ ﺍﻷﻫﻮﺍﺀ، ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺨﺎﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗُﻄﻴﺢ ﺑﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭﺗﻨﺴﻒ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﺍﻟﺒﺮﺍﺀﺓ، ﺑﻤﺎ ﻳﻀﺮُ ﺑﺎﻟﻌﺪﺍﻟﺔ، ﺑﺨﻼﻑ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻣﻦ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﺇﻧﻔﺎﺫ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻟﻠﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻣﻊ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺩ ﺑﻤﺎ ﺻﺎﺭ ﻳُﻌﺮﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻲ ﺑﺎﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﺤﺠﺐ ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ، ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺇﺫ ﻳُﻘﻴﻢُ ﺣﻜﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺩﻟﻴﻞ ﻣﺼﺪﺭﻩ ﺳﺮّﻱ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ
ﻭﻇﻴﻔﺘﻪ، ﺗﺎﺭﻛﺎً ﺇﻳﺎﻫﺎ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﻦ ﻗﺪﻡ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻣﻦ ﻣﺼﺪﺭﻫﺎ ﺍﻟﺴﺮّﻱ؛ ﺫﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻳﺘﻌﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﻛﺎﺷﻔﺎً ﻋﻦ ﻋﺪﺍﻟﺘﻪ، ﺩﺍﻻً ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺃﺣﺎﻃﺖ ﺑﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻭﻣﺤﺼﺖ ﻣﺎ ﻃُﺮﺡ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺩﻟﺔ ﻭﺑﻴّﻨﺎﺕ ﻭﺍﻧﺘﻬﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺤُﻜﻤﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺣﺎﻃﺖ ﺑﻤﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻭﻣﺎ ﺗﻀﻤﻨﺘﻪ ﻣﻦ ﺩﻓﻮﻉ ﻭﺩﻓﺎﻉ ، ﺑﺤﻴﺚ ﺍﺳﺘﻘﺮﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻓﻲ ﻭﺟﺪﺍﻥ ﻭﺻﺎﺭﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺨﻼﺹ ﺳﺎﺋﻎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻭﻻ ﻳﺠﺐ ﺍﻭ ﻳﺤﻖ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺍﻥ ﻳﻨﻄﻖ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﻫﻨﻴﺌﺎ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻟﻪ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﻝ ﻭﺍﻻﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ " ﻣﻬﻨﺔ" ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ.....



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-