أخر الاخبار

كيف تعلق على حكم أو قرار قضائي

 

كيف تعلق على حكم أو قرار قضائي

 

إن أول ما يواجه الطالب الذي انكب على دراسة القانون هو الإشكاليات المتعلقة بحركية النصوص القانونية في الواقع ، ذلك أن تلك الحركية يمكن أن تتجسد في شكل قضايا و نوازل تعرض على المهتمين بالشأن القاوني لإبداء رأيهم فيها على شكل استش ارات قانونية أو تعرض على المحاكم قصد الحصول على أحكام قضائية فاصلة فيها.

 

كيف تعلق على حكم أو قرار قضائي
و من الأمور التي ينبغي على طالب القانون الاهتمام بها الأحكام و القرارات القضائية الصادرة عن المحاكم في النوازل و القضايا المعروضة عليها للبت فيها.
ذلك أن تلك الأحكام و القرارت تعتبر بمثابة التطبيق العملي للنص القانون الذي يكتفي طالب القانون بدراسته نظريا بمدرجات الكلية.


و عليه ، فإذا طلب من الطالب التعليق على القرار أو الحكم القضائي فما هي الخطوات التي ينبغي له التقيد بها؟

 

إن المنهجية الأكاديمية للتعليق على الأحكام و القرارات القضائية تقتضي المرور عبرمجموعة من المراحل يمكن إيجازها في الآتي :

 

أولا : الإحاطة بموضوع النازلة .
ثانيا : تلخيص الوقائع .
ثالثا : دراسة وجهة نظر المحكمة في القضية و إبراز النقاط التي ارتكزت عليها للفصل في الموضوع .
رابعا : إعطاء تقييم لما وصلت إليه المحكمة في حكمها .

 

و فيما يلي التفصيل في ذلك .

 

أولا : الإحاطة بموضوع النازلة .

إن أول خطوة يجب أن يسلكها الطالب المقبل على التعليق على حكم قضائي أو قرار قضائي هي أن يعرف و بتفصيل الوقائع المادية التي تشكل جوهر النزاع بين الأطراف و التي لم تكن محل تفاهم بينهم ، الشيء الذي يجعلهم يرفعون النزاع أمام المحكمة للفصل فيه .


و للوقوف على تلك الوقائع يجب أن يكون الطالب حذرا و هو يتمعن الأحداث المكونة للقضية، ذلك أن أي إغفال لأي عنصر من شأنه أن يعطي للنزاع مسار آخر - و هو ما يفسر في القانون بتحريف الوقائع، و الذي يعتبر سببا من أسباب الطعن في الأحكام و القرارات القضائية .


و الطالب و هو بصدد دراسة الوقائع يجب عليه أن يستنبط المفاهيم الأساسية التي تؤطر النزاع موضوع الحكم و أن يعطي لها تعريفها الخاص بها سواء من الناحية القانونية النظرية أو إن كان ملما من ناحية العمل القضائي كذلك - كما هو الأمر مثلا بالنسبة لمفهوم المشاركة في القانون الجنائي التي تستخدم في العمل القضائي في محل مفهوم المساهمة .


و بذلك يكون الطالب بحسب تمكنه من المبادئ الأساسية التي تلقاها بالكلية و مدى إدراكه لجوهرها ،وكيفية استعمالها، قادرا على الإحاطة من الناحية القانونية بالوقائع المكونة للنوازل و القضايا موضوع التعليق، و هو الأمر الذي يسهل عليه المرور للخطوة التالية .

 

ثانيا : تلخيص الوقائع .

إن الخطوة الأولى متى كانت متقونة على الوجه السليم، سوف تكون بمثابة الجزء الأكبر من المرحلة الثانية في التعليق على الحكم أو القرارا القضائي .


ذلك أن هضم البنية العامة للوقائع - أن صح التعبير - يعتبر المفتاح الأساسي لإعادة صياغة تلك الوقائع بالأسلوب الخاص للطالب - هنا تجدر الإشارة إلى أن المراقب لذلك التعليق يعرف من خلال هذه الخطوة الثانية مدى تمكن الطالب من فهم الوقائع على النحو السليم أم لا - صياغة غير مخلة بالمعنى ،و لا مفرطة في الأركان الأساسية المكونة للنزاع.


ويلعب الأسلوب والمصطلحات ومدى تمكن الطالب من المفاهيم الأساسية للقانون أدوارا مهمة في إعادة صياغة الوقائع ، لأن تلك الصياغة هي التي ستؤدى لا محالة إلى إيجاد تصور أو إطار عام لحل ذلك النزاع. و هذا التصور هو ما سوف يوجه الطالب و هو بصدد دراسة موقف المحكمة من النزاع المعروض عليها، و لذلك فإنه كما تبين أن الخطوة الأولى تشكل العمود الفقري للخطوة الثانية ، فإن هذه الأخير هي بدورها تلعب دورا حاسما في فهم رأي المحكمة ،و هو ما يجب أن نشير إليه في الآتي.

 

ثالثا : دراسة وجهة نظر المحكمة في القضية و إبراز النقاط التي ارتكزت عليها للفصل في الموضوع .

إن درجة اليقظة و التنبه التي يجب أن تتوفر في الطالب و هو بصدد فهم الوقائع و إعادة صياغتها، يتعين أن تضاعف و هو بصدد دراسة موقف المحكمة من القضية المعروضة عليها .


إن المحكمة و هي تبت في القضايا المعرروضة عليها تأخذ - لا محالة - بمجموعة من الأمور قد لا يشار إليها في الحكم أو القرار موضوع التعليق ، كما أنها قد تأخذ بالاتجاه العام للعمل القضائي في شأن نقطة قانونية معينة - كما هو الأمر مثلا بالنسبة للطرق التي تستفاد منها نهائية الأحكام الأجنبية المراد تذييلها بالصيغة التنفيذية هنا بالمغرب,


فهذه الأمور التي تكون غالبا غائبة عن ذهن الطالب و هو بصدد التعليق قد تعطي لذلك التعليق بعدا آخر إما أن ينحو نحو تكوين الرأي السليم أو تكوين رأي خاطئ عن الوجهة التي خلصت إليها المحكمة .


و عليه فعلى الطالب أن يقف مليا أمام النقاط التي يرى أنها غامضة و ذلك بطرح جميع الجوانب التي يمكن أن تكون قد أثيرت أمام المحكمة ،و لم تذكر بالقرار أو الحكم القضائي - هنا تجدر الإشارة إلى أن هناك فرقا جوهريا بين أن تدلي برأيك أو تفصل في نزاع معروض عليك و أن تعلق على حل خلص إليه الغير في نزاع عرض عليه ، ذلك أنه في الحالة الأولى يتعين فقط التقيد بما هو معروص دون زيادة أو ن قصان و إعطاء الحل القانوني المناسب عبى ضوء الوقائع المعروضة فقط ، أما في الحالة الثانية فيمكن للمعلق أن يتوسع في التحليل و التعليق بطرح الاحتمالات التي تكون قد ساهمت في الوصول للحل المعطى للوقائع و النوازل .


و بالتمكن من تلك الخطوات و تلك الآليات العقلية، يمكن أن ننتظر من الطالب تعليقا مميزا عن الحكم أو القرار الذي هو موضوع التعليق. فمتى يظهر هذا التميز؟

يظهر بطبيعة الحال في الخطوة الرابعة و الأخيرة .

 

رابعا : تقييم الحل القضائي.

التقييم إبداء لوجهة النظر في الشيء المعروض عليك، و من تم فإن الهدف الأساسي من التعليق هو إبداء وجهة نظرك الأخيرة على ضوء الخطوات التي سلكتها منذ الأول،و عليه، فإن تقييمك للحل القضائي للنزاع سوف يكون بالضرورة بين المؤيد و المعارص لذلك الحل أو أن تؤيده في جزء و تنتقده في جزء آخر، و هذا يتوقف على درجة انتباهك و تمكنك من الوسائل القانونية المفيدة في ذلك.


و عليه ، فليس من الواجب أن يكون نظرالطالب مسايرا لما خلصت إليه المحكمة أو معارضا لذلك، و لكن المفروض علي الطالب و هو بصدد تقييم الحل القضائي أن يكون رأيه مؤسسا ومنطقيا، مستغلا في ذلك جميع معارفه القان ونية والعلمية و المنطقية التي يجب أن تجعل من الموقف الذي أخذه من الحل القضائي يشكل كتلة منسجمة من الناحية القانونية مع الأسس المعتمدة.

إذا تمكن الطالب مما ذكر كان تعليقه أكثر انسجاما و أكثر وضوحا، و أكثرتميزا.و

بالتوفيق للجميع.

 

في انتظار تعليقاتكم و إضافاتكم .




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-