أخر الاخبار

الحق في الحياة والأمان على النفس_ ج 4

بسم الله االرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله

بعد المقالة السابقة حول الحق في الحرية والمساواة في الكرامة والحقوق، نأتي إلى حقّ آخر من الحقوق المدنية، ويعلق الامر بالحق في الحياة والامان على النفس، ودائما بمقارنة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالشريعة الإسلامية,,






الحق في الحياة والأمان على النفس
    لا شك في أن الحياة مقدسة وهي حق وهبها الله للإنسان لكنها تفقد قيمتها وتصبح بلا معنى إذا جرد الفرد من حقه في الحرية وسلامة شخصه لذا فقد أكد الإعلان العالمي للحقوق الإنسان في مادته الثالثة أن «لكل فرد الحق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه» وإذا كانت التشريعات الوضعية للدول الأوربية قد تبلورت بفعل صراع شعوبها وقناعتها بالحق في الحياة والحرية وسلامة، الأبدان وحمايتها والحفاظ عليها لتقود إجماعا عالميا في إطار الأمم تفتخر بهذا الإنجاز نصف قرن من الزمن، وإذا كانت تلك الأمم تفتخر بهذا الإنجاز فإن شريعة الإسلام الربانية سبقت ذلك بنحو 14 قرنا لتبين وتفصل   بشكل جلي لا لبس فيه تلك الحقوق لأمة الإسلام بل للبشرية جمعاء.
يقول عز وجل ﴿من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا[1] لقد شبه الخالق سبحانه أن قاتل النفس أو من أستحل القتل بغير سبب من قصاص أو جنابة أو فساد في الأرض كقاتل الناس جميعا، وهذه دلالة قاطعة تؤكد القيمة الإنسانية وحرمتها وأنه ليس لأحد الحق في انتزاعها سوى خالقها ﴿ وهو الذي أحياكم ثم يميتكم[2]كما يقول عز وجل ﴿ولكم في القصاص حياة يا ألولي الألباب[3]وهذا أفصح وأبلغ وأوجز حكمة ربانية في شرع القصاص وهو قتل القاتل والقصاص من المعتدي بمثل ما اعتدى والهدف من ذلك حفظ الحياة الإنسانية وصونها، لأنه إذا علم من ينوي القتل العمد أنه سيقتل، وأن من أراد الاعتداء أنه سينال العقاب كف عن صنيعه فكان في ذلك حماية وحفظ للنفوس.
والتحريم في الإسلام لم يقتصر فقط على قتل النفس للنفس بل إنه حظر على الإنسان أن يعتدي على نفسه أو يؤديها، لذا فإن عقوبة المنتحر تساوي عند الله عقوبة قاتل النفس حيث إن الخالق أرحم بالعبد من نفسه، يقول عز وجل ﴿ ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما[4].وقد روى البخاري ومسلم أن النبي (ص)قال:﴿ من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى خالدا فيهاى أبدا- ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا فيها أبدا﴾.
 لذلك نستخلص مما سبق أن حياة الإنسان مقدسة كحريته والعكس كذلك وأن هذين الأمرين (الحياة والحرية) عمودان متلازمان، ومطلبان لا غنى عنهما، وبسقوط إحداها أو كلتيهما تصبح الإنسانية منتهية أو بلا معنى وتسود شريعة الغاب ويتسلط طغاة السلطة والثروة على الناس يعتدون عليهم، يستضعفونهم ويذبحونهم ويستعبدونهم مما يهيئ لأفراد والجماعات أن يبغي بعضها على بعض وهذا ما نراه بالفعل يحدث فيه المجتمعات المصادرة حريتها [5]
,,,
يتبع في الجزء الخامس


[1]  سورة المائدة الآية 32 .
[2]  سورة الحج الآية 66
[3]  سورة البقرة الآية 179-
[4]  سورة النساء الآية 29 .
[5]  صالح بن عبد اله الراجي: حقوق الإنسان السياسية والمدنية، مجلة الحقوق العدد الأول- السنة 27 – مارس 2003 ص122.



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-