أخر الاخبار

بحث شامل حول الأزمـات المـالية مفهومهـا وأسبابهـا وأهمها وكيفية تجنبها - الجزء 3/2

يمكن الرجوع إلى الجزء الاول "المبحث الأول":



1 .IIأزمـة 1929:
بعد مرور فترة الحرب العالمية الأولى شهد الإقتصاد العالمي نوعا من الإستقرارالنسبي في العلاقات النقدية والمالية الدولية بفضل الاصلاحات والتعديلات التي دخلت على الأنظمة النقدية التي كانت سائدة قبل الحرب .
بحث شامل حول الأزمـات المـالية مفهومهـا وأسبابهـا وأهمها وكيفية تجنبها
الأزمات المالية الدولية
حيث بدأت أسعار الأوراق المالية ببورصة نيويورك (WALL SHEET) بالإزدهار منذ عام 1929 واستمرت بالإرتفاع على مدى خمس سنوات إلى أن وصلت أعلى مستوياتها في 24 أكتوبر 1929 وارتفع مؤشر داونجوزأرتفاعات شديدة لم يسبق لها مثيل ثم بدأ بالإنحدارالذي نجم عن خسارة أدى ذلك إلى فقدان وخسارة المستثمرين في عمليات السوق تقدر بحوالي 200 مليون دولار ، وإفلاس حوالي 3500 بنك في يوم واحد ، واتسمت هذه الأزمة بعدة خصائص أهمها :
- كانت لها صفة الدورية انطلاقا من ارتباطها الوثيق بالأزمات الإقتصادية للنظام الرأسمالي .
- استمرار هذه الأزمة لفترة طويلة نسبيا حيث استنزفت ما يقرب من 4 سنوات تقريبا
الإنخفاض الكبير في مستويات أسعار الفائدة في خلال فترة الأزمة حيث إنخفض هذا المعدل من 5.5% إلى 3.1% في بنك انجلترا عام 1929 ومن 5.2% إلى 2.6% في البنك الإحتياطي الفدرالي حيث في بداية الأزمة كان الإرتفاع في أسعار الفائدة ناتجا عن تزايد الطلب على القروض بشكل حاد بسبب انخفاض الإنتاج والمبدالات وأيضا زيادة عرض رؤوس الأموال هذا بالإضافة إلى أن سياسة ( النقود الرخيصة ) التي اتبعتها البنوك المركزية بهدف معالجة الأزمة ورفع مستوى النشاط في الإقتصاد قد ساهمت إلى حد بعيد في إنخفاض أسعار الفائدة .
إن المستويات المتدنية للأسعار الفائدة تسببت في إطالة أمد الأزمة ، كما أن المقترضين كانوا يغالون في طلب الضمانات على القرض مما كان يؤدي إلى انخفاض الطلب على القروض .
- عمق وحدة هذه الأزمة بشكل استثنائي ، ففي الو.م.أ مثلا غنخفضت الودائع لدى البنوك بمقدار 33% ، كما انخفضت عمليات الخصم والإقراض بمرتين ، وكان عدد البنوك التي أفلست منذ بداية عام 1929 حتى منتصف عام 1939 أكثر من 10000 بنكا ، أي حوالي 40% من اجمالي عدد البنوك الأمريكية ، إنهيار هذا العدد الكبير من البنوك أدى إلى ضياع الكثير من مدخرات المودعين وكان ظهور هذه الأزمة في الأسواق المالية من خلال انهيار أسعار الأوراق المالية التي انخفضت بنسبة 66% في المانيا و 90% في الو.م.أ .
- اختلاف أمد ودرجة حدة الأزمة من بلد لآخر بشكل كبير .
- ترافق الأزمة بتقلبات حادة في أسعار صرف العملات ، مما نتج عنه انهيار النظام الذهبي في معظم الدول ، وفي بنفس الوقت تدهور القوة الشرائية لمعطم العملات بسبب تزايد العجز في موازين المدفوعات وانخفاض حجم الاحتياطات الذهبية الرسمية .
- نتج عن أزمة الإئتمان الدولي الطويل الأجل توقف 25 دولة عن سداد قروضها الخارجية .
2.IIأزمـة اكـتوبـر 1987 :
الأوضـاع الإقتصاديـة قبـل الأزمـة : 
يمكن تلخيص الأوضاع الإقتصادية التي كانت سائدة قبل الأزمة في النقاط التالية : 
- وجود تفاوت في حجم الادخارات المتوافرة بين البلدان الرأسمالية المتقدمة المعنية ، والتي تمثلت بمواقف موازين مدفوعاتها فبعضها دول ذات فائض خارجي كاليابان والمانيا ، ودول اخرى ذات عجز كالولايات المتحدة وفرنسا وايطاليا مما يعني صعوبة اتفاق هذه الدول بصدد وضع سياسات اقتصادية أو مالية تكفل لمعالجة الاختلالات .
- أدى انخفاض قيمة الدولار بعد عام 1971 إلى إلحاق الأضرار بإقتصاديات المجموعة . فبالنسبة للإقتصاد الأميركي أدي هذا الإنخفاض إلى بروز موجات تضخمية رافقتها انكماش اقتصادي ،فحين أدى ذلك إلى ضعف القوة التنافسية للصادرات الأوروبية في الأسواق العالمية الدولية ، مما عرض هذه الدول إلى حالات عجز في موازناتها العامة والجارية .
- إضافة إلى ذلك ، فقد آل القرار الأوربي برفع سعر الخصم قبل إندلاع الأزمة إلى قيام البنوك التجارية برفع أسعار الفائدة مما أدى إلى تحول المستثمرين من المضاربة بالأسهم إلى حوافظ السندات لما تحققه لهم من عوائد مرتفعة مقارنة بالأسهم التي تدهورت أسعارها في هذه الحالة وتعرضت أسواقها إلى اضطربات حادة .
وهكذا أنخفض الطلب الاستثماري على أثر تهافت كبريات الشركات الأمريكية مثل شركة GMو IBM على بيع أسهمها وهو ما قاد إلى حصول حالة من الإنكماش .
- بروز أزمة ثقة – نفسية- للتوقعات حول مستقبل الأسواق المالية .
- استمرار عدم ثقة الأمريكان بتحسن حالة العجز في الموازنة العامة ، وبالتالي اضطرار السلطات النقدية برفع سعر الخصم لأكثر مما سبق .
- الإشاعات التي روجت من لدن السماسرة (brokers) في أسواق الأسهم المالية .


الأوضـاع الاقتصاديـة والماليـة اثنـاء الأزمـة :
إن الأزمة الحادة التي شهدتها الأسواق المالية الدولية في أكتوبر عام 1987 والمتمثلة في الانخفاض الكبير والمستمر في أسعار الأوراق المالية فقد نتجت عن اتجاه أسعار الفائدة نحو الإرتفاع وتوقع حدوث أزمة اقتصادية بسبب تراجع مؤشرات الأداء الاقتصادي بالإضافة إلى العوامل الآخرى والتي من أهمها تدهور قيمة الدولار في أسواق صرف العملات حيث تعرضت أسعار الأوراق المالية (خاصة الأسهم ) إلى انخفاضات متتالية ومتسارعة ، كما أن لجوء حملة الأوراق المالية إلى طرح أوراقهم للبيع بهدف تجنب الانخفاضات اللاحقة في قيمتها ، كان يؤدي بدوره إلى زيادات كبيرة في العرض ، وبالتالي انخفضاتآخرى في أسعارها ، مما كان يثير قلق الأوساط المالية .
وكان الوضع في الأسواق المالية الدولية يتمثل فيمايلي :
- كان معظم اصحاب الأوراق المالية يرغبون في بيع ولكن لايجدون مشترون .
- إن أزمة الدولار الأمريكي كانت تزيد في تفاقم أزمة الأسواق المالية ، ذلك لأن جزء هاما من الأوراق المالية المتعامل بها في هذه الأسواق محررة بالدولار الأمريكي ، ولجوء حملة هذه الأوراق إلى بيعها مقابل عملات آخرى قوية (كالمارك الألماني والين الياباني) ، كان بدوره يزيد في عرض الأوراق المالية خاصة المحررة بالدولار ويتسبب في : 
1. زيادة عرض الأوراق المالية واستمرار الإنخفاض في أسعارها في كل الأسواق المالية الدولية .
2. ارتفاع الطلب على العملات القوية نسبيا (كالمارك الألماني والين الياباني) مقابل الدولار وبالتالي استمرار تدهور قيمة الدولار مقابل العملات الآخرى . 
العوامـل التـي زادت من حـدة الأزمـة : 
- التطور الهائل في نشاط الأسواق المالية الدولية الذي بلغ ذروته عام 1987 .
- اشتداد وتوثق الروابط والصلات بين هذه الأسواق .
- استخدام أحدث الأساليب في الإتصال وأكثرها تطورا ، مما زاد في سرعة أداء العمليات و في نفس الوقت ساعد على سرعة انتقال الأزمات من سوق لآخر .
- طبيعة وخصائص العلاقات النقدية والمالية الدولية حيث اصبح تداول العملات الرئيسية الدولية من أهم قنوات انتقال الأزمات وخير دليل على ذلك الدور المهم الذي يلعبه الدولار ، حيث تسبب تدهور قيمته في تفاقم الأزمة المالية الدولية في أكتوبر 1987.


آثـار انهيـار بورصـة نيويـورك 1987 :
- الخسارة الكبيرة في احتياطي الشركات الكبرى للدول المعنية بالأزمة ، نظرا للتدهور الحاد في محافظها بالأسهم ، والتحول نحو السندات وبالتالي الإنكماش في انتاجيتها واستثماراتها .
- وهذا يعني فقدان جزء مهم من الادخار المحلي الذي كان يحتفظ به الأفراد والشركات .
- تعرضت البنوك الدائنة إلى أزمة افلاس من جراء فقدان القدرة على تسديد التزمات العملاء إزاء هذه البنوك .
- ومن الطبيعي أن يقود ذلك كله الى حدوث بطالة خاصة في القطاع المصرفي والشركات الكبيرة .
- لقد بلغت أسعار الأوراق المالية في البورصات الدولية أدنى مستوى لها في 17 أكتوبر 1987 ، حتى أطلق على ذلك التاريخ (يوم الأثنين الأسود) فقد كان المتعاملون يحاولون التخلص مما في حوزتهم من الاوراق المالية باي سعر و في هذا اليوم اندلعت الازمة في (وول –ستريت)بنيويورك ، حيث فقد مؤشر (داوجونز)الذي يعبر عن تقلبات اسعار (30) نوعا من أسهم الشركات الصناعية الأمريكية حولى (508) نقاط في ذلك اليوم فقط ، أي بنسبة (21.6%) من مستواه السابق في اليوم المذكور هبطت أسعار الأسهم في بورصة نيويورك بنسبة (26%) وقد بلغت الخسائر 800 مليار دولار ، (22%) في لندن ، (17%)في طكيو، (15%) في فرانكفورت ، (12%) في أمستردام .
سيـاسـات معالـجة الأزمـة : 
إن الاضطربات التي تلقتها أزمة أكتوبر في المعاملات النقدية والمالية الدولية استوجبت تدخل السلطات النقدية في كل الدول التي شملتها ، بهدف معالجتها ووضع الأسس الكفيلة بعدم تكرارها ومن أهم أشكال هذاالتدخل : 
- إيقاف التعامل مؤقتا في بعض البورصات.
- استخدام سياسة اسعار الفائدة (تخفيض أسعار الفائدة) لإيقاف تدهور أسعار الأوراق المالية .
- لجوء بعض الدول خاصة (المانيا واليابان) لشراء عدة مليارات من الدولار بعملاتها الوطنية للحد من الإنخفاض قيمة الدولار مقابل عملات هذين البلدين بشكل خاص .
- قيام الحكومات بوضع قيود و ضوابط جديدة لتنظيم عمليات البورصات و الحد نوعا ما من اشتداد المضاربات .
- مطالبة الدول الأوربية واليابان للولايات المتحدة الأمريكية بإتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة لمعالجة أوضاعها المالية .
- استخدام اجراءات اقتصادية أكثر شمولية وفعالية في مواجهة هذه الأزمات .
- قيام الو.م.أ بالضغط على المانيا الإتحادية لكي تجرى تخفيضات في اسعار فائدنها ، بهدف إيقاف تدهور الدولار مقابل المارك ، ورغم أن ألمانيا كانت ترفض فكرة تخفيض أسعار الفائدة لأنها كانت تعطى الأولوية لهدف القضاء على التضخم وإبقائه قريبا من الصفر ،إلا انها رضخت أخيرا وخفضت أسعار الفائدة مما ساعد على تخفيض الضغوط التضخمية على الدولار .
- تدخل الحكومات بشكل مباشر في عمليات البيع و الشراء (كمتعامل).
وبالفعل ساهمت هذه الإجراءات نوعا ما في إعادة الإستقرار تدريجيا إلى الأسواق المالية .

3.IIأزمـة 1989 : 
لقد أثرت هذه الأزمة على الو.م.أ ، أما انعكاساتها على الأسواق المالية الأخرى فقد كانت أقل منها عن سنة 1987 فأصل الأزمة يعود الى وضع التسير المبرمج في قفص الاتهام و من أجل التوصل إلى أوضاع 1989 لابد من التطرق إلى النقاط التالية :
أ. تـقنيـة Les JunKbons السنـدات ذات المردوديـة العاليـة :
Junk bonds السندات ذات المردودية المرتفعة أو السندات الرديئة أصبحت هذه التقنية جد متداولة خلال سنوات الثمنينيات بفضل مختص في المالية يدعى مايكل ميلكن الذي كان قد عين أنذاك من طرف البنك الاستثماري الأمريكي DBL (Drexe Burnham Lambert) .يتعلق هذا الأمر بسندات مصدرة من طرف شركات أين علامتها (Rating) أي عدد النقاط التي تحصبلت عليها من طرف شركات المراقبة مثل (Moodys) تكون متوسطة أو حتى تحت مستوى .
مثل هذه الحقوق بالو.م.أ لم تكن تغري المستثمرين لولا أن مايكل ميلكن بين أن هذه الحقوق تمنح عوائد أكبر بكثير من تلك التي لديها علامات أكبر أو مرتفعة ، وأن الخطر فيها يصبح هامشيا بشكل كلي ، عمليا فإنه يمكن القول أن تفلس المؤسسة من بين 20 أخرى ما دامت المردوديات المحققة من طرف 19 الباقية تغطى الخسارة وتمنح مردودية مرتفعة عنها المحققة في حقوق ذات قيم مضمونة (ليس فيها مخاطرة) .
هذه السندات الرديئة لم يخسر لها سوى 2 مليار دولار في سنة 1980 أما في سبتمبر 1989 تعدى الرقم 220 مليار دولار ما يمثل 25% من سوق السندات الأمريكي ، وكان مايكل ميلكن قد حقق ثروة .
ب. LBO Leveraged Buy Out :
تقنية جديدة نعتمد على تقنية Junk bonds إلا أنها متطورة ، تترجم على أنها شراء المؤسسات ويتضمن هذا الأمر بالشراء تقنية Levier ، هذه التقنية ولدت بالو .م.أ في بداية الثمنينيات تسمح بشراء شركات ، وذلك بفضل قروض مالية هامة أين الخدمات (خدمة القروض) وقيمة الدين أي تسديدها تتحملها القدرة الشرائية لمؤسسة المشتراة .
تسمح هذه التقنية بتحقيق حجم كبير من OPA للمضاربة من طرف أناس ذوي مقدرة (يبسطون نفوذهم بالإستفادة من ضعف الآخرين ) لتحقيق صفقات مربحة حيث يقومون بشراء مؤسسات تواجه مشاكل ويقومون بتفكيكها أو بيعها بالتجزئة بأثمان مرتفعة أي بشكل أجزاء منفصلة .
ما يجب الإشارة إليه هو أن (Leverage Manegement buy out) نوع من LBO إلا أن في حالتها يكون الأشخاص الذين قاموا بشراء المؤسسة هم على وجه الأساس المديرون و الإطارات العليا Reprise d’ une enterprise par les salaries شراء المؤسسة من طرف أجرائها .
لكن فجأة يصبح المستثمرون جد حذرين اتجاه هاتين التقنيتين Junk bonds و LBO 
السببـين المباشريـن لأزمـة 1989 :
أ.السبـب الأول : التحويـل غيـر القانـوي للأمـوال من طـرف مايكل ميلكن
برغم الثروة التي جمعها ذلك الطالب في كلية التسير الذي كان مجبرا على العمل ليلا لتسديد أقساط دراسته ، حيث كان دخله ما عدا العمولات في سنة 1988 يقدر بـ 550 مليون دلار ، اتهم من طرف العدالة بتهمة حيازة معلومات بطريقة غير قانونية (Délitdinitié) وتهمة التواطؤ لتغيير مسار الأسعار وكذلك تهمة التزوير في الأوراق الرسمية وقد حكم عليه بـ 10 سنوات سجنا نافذة بينما أعلنت Drexel Burnham Lambert عجزها عن تسديد المدفوعات الواجبة عليها علما أن ما يتعدى 220 مليار دولار كانت موضوع ل Junk bonds فقط بفضل DBLوميكال ميلكن .

ب. السبـب الثاني : حادثـة Campeau والحـذر من بعـض أنـواع LBO :
ارادت مؤسة الترقية العقارية الكندية Campeau أن تبني لنفسها إمبراطورية في تجارة التجزئة ولأجل تحقيق مآربها فقد استخدمت العديد من LBO التي كانت تمثل ما قيمته 11 مليار دولار منها 3 مليار مصدرها Junk bonds إلا أنه في سبتمبر 1989 أصبحتCampeau غير قادرة على تغطية تعاملاتها واصبحت LBO شيئا فشيئا تساهم في خلق المصاعب .
في 13 اكتوبر 1989 انهارت الأسواق المالية الأمريكية ولم يعد من الممكن الإبقاء على الثقة في J.B ولا في LBO وقد عبرت الصحافة عن الوضع بالجملة التالية " نحن بصدد الدخول في المرحلة المالية الحزينة " لأن الإبداعات هي سبب الأزمة وانهيار أسعار البورصة .
فقد سارعت الحكومات إلى التدخل لإقاف الأزمة ، فقد صرح وزير الخزانة الأمريكية فور اندلاع الأزمة عن استعداد السلطات النقدية الأمريكية للتدخل بمبلغ كبير من السيولة لمواجهة عمليات البيع التي قد تزداد في بداية الأسبوع التالي ، وهذا ما ساعد بشكل واضح على احتواء الأزمة وعودة الأسواق المالية تدريجيا إلى نشاطها العادي ، وفعلا لم تشتد الأزمة ولم تتفاقم الأمور بل اتجهت الأوضاع نحو الاستقرار لتعود إلى ماكانت عليه .
في الحقيقة فإن إنذار 1989 كان التغلب عليه سريعا نوعا ما إلا أن تلك الأزمة بينت وبشكل واضح أنه من الواجب عدم التمادى في الإبداعات إذا لم تكن المراقبة ، ولم يكن بالإمكان التحكم فيها ، رغم ذلك عادت للتداول تقنية J.B من جديد سنة 1991 .
4.IIمقارنـة بين أزمـة 1929 والأزمـات الماليـة :
1.المميـزات المشتركـة بين الأزمـات : 
- وجود ارتفاع مستمر وشديد وبشكل وهمى في اسعار البورصة خلال السنوات التي تسبق كل أزمة إذ تتوالى الارتفاعات دون وجود مبرر عقلاني لها .
- اللجوء إلى اتخاذ القرارات الخاطئة كالرفع من معدلات الفائدة والردود الانتقامية من الأطراف الدولية المشاركة في الساحة المالية على أحد قرارات إحدى الدول من اتخاذ الرفع من سعر الفائدة .
- الانخفاض الفجائي في اسعار البورصة خلال يوم واحد (فترة قصيرة) ففي يوم الخميس الأسود 24 اكتوبر 1929 انخفض مؤشر داونجونز بـ 13% بينما يوم الاثنين الاسود 19 أكتوبر 1987 انخفض بـ 22.5% ( من 2516 إلى 1950 نقطة ) ، بينما في يوم الجمعة 13 أكتوبر 1989 خسر نفس المؤشر 7% ، إلا أن انعكاسات هذا الانخفاض كانت أقل منها في 1929 و 1987 في الأماكن الأخرى .
2. أوجـه الاختـلاف بين الأزمـات الماليـة :
في أزمة 1929 لم يكن يوجد تكامل أو اتحاد دولي وإنما اهتمت كل دولة بنفسها أي أن الدول لم تتحرك بشكل جماعي لمواجهة الأزمة ، وإنما بشكل إنفرادي
استمرار انخفاض أسعار الأسهم من سنة 1929 حتى 1933 .
حجم كبير من المشتريات من الأسهم قبل 1929 كان على الحساب حيث تم بواسطة منح القروض في الو.م.أ فإن تطبيق تقنية (شراء على الحساب) تسمح بالمضاربة على الأسهم بدفع فقط 10% من قيمتها أي العميل يدفع 10% ويقوم السماسرة بتغطية 90% من قيمة الصفقة عن طريق طلب قرض يومي من البنوك أي قرض يجدد كل يوم ، هذه النوعية من القروض calloans مثلت خلال أزمة 1929 سدس الكتلة النقدية الأمريكية ، بالمقابل في أزمة 1987 فإن المناخ كان اقتصاديا أكثر من مالي حيث كان مختلفا عن سابقه ، ومع ذلك فلاننفي وجود ضيق نقدي إلا أن الاختلالات الاقتصادية لم تكن على قدر من الأهمية التي كانت عليها أزمة 1929 .
- في ميدان البورصة إن انخفاض الأسعار كان لفترة قصيرة خاصة عمليات شراء الحقوق هذه المشتريات كان من المفروض أن تحقق عائدا أكبر من الاستثمارات الإنتاجية التي بدأ التخلي عنها ، فإتجهت السلطات لاتخاذ القرارات الملائمة التي من شأنها تجنيب الأسواق انهيار جديد ، كذلك الوفرة النسبية للمصادر ( لأجل التوظيف المالي ) أدى إلى زعزعة الحركة بين الأسهم والسندات .
استمرت أزمة 1929 لمد 4 سنوات تقريبا كانت الأزمات الأخرى قصيرة لم تتجاوز بضعة أسابيع
- الاختلاف الكبيرة بين الدول التي تشملها الأزمة من حيث تاريخ بدئها واننتهائها ، فأزمة 1929 لم تبدأ في جميع الدول بوقت واحد ، أما أزمة 1987 فقد اندلعت بسرعة كبيرة بين الدول ولم تكن هناك فروق جوهرية فيما بينها من حيث مدى حدتها ومواعيد انخسارها كما كان الحال عليه في سنة 1929 أي ان أزمة 1929 لم تكن بنفس الدرجة من العمق والحدة في كل الدول .
التبـاين الكبيـر في أسبـاب الأزمـات : 
- فيمكن ارجاع اسباب أزمة الكساد العظيم خلال الفترة 1929-1933 إلى ارتباط النقد بالذهب ، وعدم توافر المرونة الكافية لكمية النقود اتجاه تغيرات النشاط الاقتصادي ، بعبارة اخرى عدم مقدرة النظام النقدي على تلبية متطلبات التطور الاقتصادي المتزايد إلى النقود و أيضا غياب إمكانية استخدام السياسات النقدية لتحقيق سواء أهداف اقتصادية داخلية أو اهداف اقتصادية خارجية (دوليا).
- بينما تكمن أهم أسباب أزمة اكتوبر 1987 في التطور الهائل والمتسارع في النظمة النقدية والائتمانية مع إزالة معظم الحواجز بين الأسواق المالية الدولية مما زاد في سرعة انتقال الأزمات من سوق إلى آخر وأيضا في سرعة الأزمات للطابع الدولي بالإضافة إلى توفر كل الامكانيات اللازمة لاستخدام السياسات النقدية على أوسع نطاق لذلك أصبح من أهم سمات التطور الاقتصادي للتأثير على الاوضاع الداخلية بل والدولية أيضا .
حيث أن السياسات النقدية للدول الصناعية الكبرى تؤثر على الاوضاع النقدية والمالية في الدول الاخرى من خلال قنوات العلاقات النقدية والاقتصادية الدولية والتي من اهمها العملات الاحتياطية الرئيسية ، وبالتالي فإن من أهم أسباب هذه الأزمة انبثقت من التطور الكبير في الانظمة النقدية والمالية وايضال من الإفراط في استعمال السياسة النقدية والمالية لتحقيق المكاسب الخاصة .
- أزمة 1929-1933 شملت كل جانب النشاط الاقتصادي خاصة الانتاجي أما أزمة 1987فإنها انصبت بشكل رئيسي على الأسواق المالية ومنها انعكست على جوانب أخرى من العلاقات الاقتصادية .
- الاختلافات الجذرية في الاجراءات والسياسات التي اتبعت لمواجهة كل من أزمة 1929 وأزمة 1987 وأخيرا فإن المصدر المهم للأزمة جاء من الامتيازات الجديدة في وظائف الاسواق المالية . 
- وقد أكد تقرير برادي على خطر البرمجة الآلية عن طريق الكمبيوتر لأوامر الشراء والبيع لحقوق وعقود المؤشرات البورصاوية لأجل في صبيحة يوم أزمة أكتوبر 1989 تم احصاء 90 مليار مسيرة عن طريق البرمجة الآلية ، فبمجرد أن يسجلاالسوق الانخفاضات الأولى تقوم الحواسب الآلية المبرمجة بشكل فوري وتلقائي في اطلاق أوامر البيع التي لم تجد لها مقابل ، لهذا أصبح التسيير الآلي مسؤولا عن تفاقم الأزمات حتى أزمة 1989 إذ كان من أهم المتهمين في وقوعها ، أما المتهم الثاني فكان السوق لأجل أو السوق المستقبلي الذي كان يعتمد بالدرجة الاولى على التسيير المبرمج
- في عام 1929 كانت بريطانيا قوة سياسية واقتصادية عظمى مهيمنة على دول العالم وكانت تتزعم المعسكر الغربي ، وعندما حدث الانهيار عجزت هذه القوة على انهاء الأزمة ، اما سنة 1987 ورثت الو.م.أ الزعامة وهي قوة سياسية اقتصادية وعسكرية لما لها من تأثير ونفوذ على الدول الصناعية الكبرى .
- مركزية الثروات وتركزها في بعض المناطق في عام 1929 أدى إلى تحطم الثروات بكميات هائلة ، اما في أزمة 1987 فإن هناك انتشار واسع للثروات أكثر مما كان عليه الوضع في أزمة 1929 بدليل أن 47 مليون شخص كانوا يملكون أسهما في الشركات .
- وجود المؤسسات الاقتصادية والمالية المتطورة بنظمها الحديثة كالبنوك المركزية التي تراقب وتشرف وتستخدم السياسات المالية والنقدية وسعر الصرف وغيرها من الأدوات والسياسات للتحكم في السوق المالية واتجاهات حل مشاكله وهذا ما لم يكن متوفرا في أزمة 1929 ، بالإضافة إلى الخبرات والدروس المستفادة من أحداث تتلك الأزمة والتي حدت أو ساعدت على ذلك لتجنب الوقوع في أزمة مالية أكبر .
- توفر السيولة لدى الكثير من المستثمرين في عام 1987 مما جعلهم يخاطرون بجزء من مدخراتهم من أجل الحصول على أرباح في حين معظم الأموال المستثمرة في عام 1929 كانت أموال مقترضة لذلك اضطر المستثمرون إلي بيع ما بحوزتهم خوفا من استمرار انهيار الأسعار وتكبدهم خسائر لا يستطعون بعدها تسديد التزماتهم المالية .
- انتشار المعلومات والدرسات والابحاث التفصيلية عن الأوضاع والمؤشرات الاقتصادية الرئيسية مما ساعد على التوقعات المستقبلية لاتجاهات الاقتصاد المختلفة الأمر الذي لم يكن موجودا في عام 1929 .









II.5 الأزمـة المكسيـكيـة :
قبل الحديث عن الأزمة المكسيكسة وحيثياتها ، قد يجدر بنا الأمر أن نشمل هذه النقطة بإعطاء وصف شامل وملخص للسياق والظرف الذي جاءت فيه ، فبعد أن كان المكسيك هو المنطلق لأزمة المديونية سنة 1982 ، بدأت الدولة في القيام بإصلاحات هيكلية تضمنت عدة نقاط غرضها إعادة الثقة لدى المستثمرين قصد اعادة المكسيك إلى الأسواق المالية الدولية ، فإنتهاج برنامج اصلاحات ذو طابع حر (رفع الرقابة على أسعار الصرف خوصصة ، تحرير التجارة الخارجية ، إزالة القيود التنظيمية بالإستثمارات الاجنبية ، التخفيف من القيود التنظيمية وتحديث الأسواق المالية ) كان يحظى بدعم من عدة هيئات مالية دولية ( كون المشروع برادي لإعادة هيكلة الديون على إتفاق مع البنوك التجارية ومصالحها) ، وقد سمح بإعادة المكسيك إلى النمو الاقتصادي ، تخفيض معدل التضخم والرجوع إلى التوازن الميزاني ، وهكذا تراجع معدل التضخم من 114% سنة 1988 إلى 26% سنة 1990 ،وفي سنة 1994 انخفض التضخم إلى مستوى الأرقام الأحادية وهو الأمر الذي لم يحدث منذ 20 سنة من قبل . هذا كما عرف معدل النمو الانتاج المحلي الاجمالي للمكسيك تنامي معتبر ليصبح في الفترة 1989-1994 يقدر بـ3.9% في المتوسط .
وفي هذه الفترة عرف فيها المكسيك تحسن وضعيته المالية ، ثم التوقيع على اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (NAFTA) والذي يربط الولايات المتحدة الامريكية ، المكسيك ، كندا قصد إنشاء منطقة للتبادل الحر .
كل هذه النقاط ساهمت في اعادة الثقة لدى المسثمرين اتجاه المكسيك ، ففي حين كان يعرف هذا الأخير في الفترة 1983-1989 خروج صافي لرؤوس الأموال بمقدار 15 مليار دولار كمتوسط سنوي ، سجل هذا البلد في الفترة 1990-1994 دخول لرؤوس الأموال بمقدار 102 مليار دولار (قيمة مجمعة) من بينها 30 مليار دولار في سنة 1993 ، أي ما يمثل 8% من الناتج الداخلي الخام . كذلك ، وفي اطار الحديث عن عودة الثقة لدى المتسثمرين تجاه المكسيك ، فقد نشير إلى دور خطة برادي Brady والتي بالإضافة إلى دورها في تخفيض القيمة الإسمية للمديونية ، فقد أدت إلى جعل المديونية تصبح على شكل سندات مضمونة جزئيا بسندات الخزينة الأمريكية ، وهي قابلة للتداول بكل حرية ، ومن ثم فيمكن أن نعتبر أ، المكسيك قد أصبح في بداية التسعنيات من أهم بلدان الأسواق الناشئة بإعتبار الفترة 1989-1993 قد تمكن من استقطاب 13% من اجمالي صافي تحركات رؤس الأموال الخاصة نحو الدول السائرة في طريق النمو وهو ما يجعله في الرتبة الثانية بعد الصين .
هذا ، ويجب أن نشير أن كل هذه التطورات قد أفضت إلى حدوث طفرة في شكل وبنيةالتمويلات الخارجية الداخلة إلى المكسيك ، فقد اصبحت استثمارات الحوافظ المالية هي المسيطرة متجاوزة بالتالي حجم الاستثمارات المباشرة والقروض البنكية .
هكذا ففي الفترة 1991 إلى 1993 كان ماقيمته 77% من تدفقات رؤس الأموال الخاصة المتجهة نحو المكسيك على شكل شراء اصول مالية .
وبالرغم من تحسن وضعية المكسيك فيما يخص التوازن الميزاني ، محاربة التضخم واستقطاب رؤوس الأموال لكن في المقابل فقد تزامن هذا مع تنامي العجز في ميزان المدفوعات خاصة في ديسمبر 1994 ، بحيث تدهور رصيد الميزان الجاري في الفترة 1990-1994 ليصبح يقدر بـ 7.5% من الناتج الداخلي الاجمالي وإضافة إلى عجز ميزان المدفوعات فثمة هناك أسباب آخرى رفعت من حدة التشكيك خاصة منها ، الاضظربات السياسية المرتبطة بالإنتخابات الرئاسية في اوت 1994 ، لاسيما بإغتيال واحد من المرشحين فيها ، ظهور ثورة " الزباطيين" في منطقة الشياباس في جانفي 1994 وارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ، وهو ما أدى إلى انخفاض مؤشرات الأسواق المالية في أمريكا الجنوبية هذا ولقد كان أول مظهر للأزمة المكسيكية ، ظهور ضغوطات على سعر صرف البيزو ، أو بتعبير آخر ظهور أزمة مرتبطة بسعر الصرف .
وقد يعزى هذا إلى تنامي العجز في الميزان الجاري للمكسيك ، والذي أصبح في نهاية 1994 يعادل 8% من الناتج الاجمالي الداخلي ، وهو مستوى أكبر من مستوى العجز الذي سجل في بداية الثمنينيات قبيل الأزمة التي عرفتها ديون الدول النامية ( أزمة المديونية) . وقد رجع كذلك هذه الضغوطات من جهة آخرى، إلى النمو السريع للإئتمان المصرفي المقدم للقطاع الخاص والاحتفاظ بالارتباط بعملة أخرى أو كركيزة لسعر الصرف ( في حالة المكسيك كانت العملة التي يرتكز عليها سعر الصرف هي الدولار الأمريكي) وارتفاع أسعار الفائدة دوليا ، ناهيك عن الاضطربات السياسية التي سبقت اليها الاشارة ، وبالتوازي مع هذا فقد انخفضت احتياطات الصرف لتنتقل من 29 مليار دولار في فيفري 1994 إلى 7مليار في شهر ديسمبر من نفس السنة ، ويجب أن نذكر هنا أن قيمة البيزو المكسيكي كانت على ارتباط وثيق بقيمة الدولار الأمريكي ، حيث كانت تقلبات البيزو تتبع تقلبات قيمة الدولار في حدود مجال ضيق نسبيا ، ونظرا للضغوطات التي مافتئتتزداد حدة لاسيما مع بداية خروج رؤوس الأموال من المكسيك ( خاصة لكون معظم رؤوس الأموال التي دخلت المكسيك كانت عبارة عن استثماراتللحوافظ المالية والتي كان من السهل التنازل عنها في الأسواق المالية ) ، بالرغم من تعهداتها على الحفاظ على قيمة البيزو ، قررت الحكومة المكسيكية الجديدة ( بعد ثلاث اسابيع من انشائها) يوم 20/12/1994 تخفيض قيمة العملة الوطنية بـ 15% بالنسبة للدولار الأمريكي ، ولقد أدى هذا القرار إلى الخروج رؤوس الأموال بشكل أكبر وهو الأمر الذي انجر عنه بداية نفاذ احتياطات الصرف ن الأمر الذي دفع السلطات النقدية بعد يومين من القرار الأول إلى إقرار تعويم الحر لسعر الصرف البيزو .
على هذا الأساس فقد عمد صندوق النقد الدولي ، إلى جانب دول أخرى إلى توفير الدعم المالي للمكسيك بحيث توزعت المساهمات بالشكل التالي : 
- تعهد صندوق النقد الدولي بتقديم قرض قيمته 17.8 مليار دولار على شكل تسهيلاتStand-By .
- قدمت الخزينة الأمريكية قرضا بقيمة 20 مليار دولار مقتطعة من صندوق استقرار اسعار الصرف ، بحيث كان هذا القرض على شكل انفاق تبادل Swap مقابل ضمانات حول مداخيل بترولية ، وإلى جانب هذا فقد طالبت الخزينة من بنك الاحتياطي الفيدرالي قرضا قصير الأجل بقيمة 6 مليار دولار
- أما بنك التسويات الدولية فقد تعهد بتقديم قرض بقيمة 10 ملايير دولار .
- كما تعهدت بعض البنوك التجارية بتقديم قرض قيمته 3 مليار دولار .
- وبالنظر إلى المبالغ المقدمة إلى المكسيك والسرعة التي تمت بها توفيرها ، فيمكن اعتبار أن هذا الدعم المالي طارئ ولم يسبق له مثيل ، فعلى سبيل المثال 17.8 مليار دولار التي قدمها الصندوق النقد الدولي للمكسيك إنما في الحقيقة تمثل ما قيمته 688% من حصتهquote-part في هذه الهيئة المالية . ولولا هذا الدعم المالي الذي تقرر إعداده في فيفري 1995 فكان من المنتظر أن يصل إلى عدم الاستطاعة على الوفاء بتعهداته ، خاصة منها دفع خدمة ديونه قصيرة الأجل في آجالها المحددة .
- فلقد ساهم هذا الدعم في إعادة الثقة لدي المستثمرين إزاء المكسيك ، الأمر الذي سمح للحكومة المكسيكية بالرجوع إلى الأسواق المالية الدولية وهو ما قد يفسر عودة رؤوس الموال نحو المكسيك ففي سنة 1996 بلغ الحجم الصافي لدخول رؤوس الأموال الخاصة مبلغ 28.1 مليار دولار .
II.6 الأزمـة الأسيـويـة
جنـوب شـرق آسيـا من النمـو المتسـارع إلى الأزمـة الماليـة : 
قد عرفت التنمية الاقتصادية في آسيا عدة مراحل فإنطلاقا من اليابان ( منذ حوالي قرن) ، وصولا إلى الصين حاليا ، كان نموذج التنمية المتبع متشابه إلى حد كبير ، فقد كان يعتمد دوما في بادئ الأمر على تصدير منتجات ذات كثافة من حيث استعمال اليد العاملة (النسيج ، صناعة مصغرة) والتي سرعان ما تتنقل شيئا فشيئا إلى المنتجات أكثر تعقيدا لا سيما مع الميل إلى الصناعة " الثقيلة" إضافة إلى هذا ، فقد كانت تتميز أقتصاديات هذه البلدان بوجودأسواق داخلية معتبرة لكنها محمية من دخول المنافسة الأجنبية ، شركات ضخمة عادة ما تحظى بحماية من عند الدولة وتوفر اليد العاملة لا سيما بفضل الزحف الريفي ( والتي عملت على ارتفاع مستويات معدل الادخار ).
وانطلاقا من نهاية الحرب العالمية الثانية ، كان اليابان من أوائل البلدان التي سارت على هذا النهج (بفضل إعانة من الولايات المتحدة ) ، ليصبح هذا البلد أول مصدر للملابس في العالم سنة 1955 ، لينتقل في العقد الذي تلى إلى إنتاج السيارات على نطاق واسع مرورا بالصناعة الإلكترونية الموجهة للتصدير ( وهو ماينطبق مع النموذج الذي اشرنا اليه ) .
وبعد عشرية تقريبا من بداية هذه التغيرات ، انتهجت دول اخرى من دول جنوب شرق آسيا نفس النهج الذي سار عليه اليابان من قبل ، أي الإنطلاق من صناعة نسيجية موحهة للتصدير للوصول إلى إنشاء صناعة الإلكترونيات والتي كانت دوما موجهة للتصدير ، وبناءا على هذا النموذج فقد عرفت دول جنوب شرق آسيا الدخول في فترة من النمو الاقتصادي لاسيما في بداية التسعنيات ، فقد كان متوسط معدل النمو في هذه المنطقة دوما أكبر من 8% علما أن بلغ هذا المتوسط في الصين مايقارب 12.5% خلال الفترة 1993-1998 ، ولقد ترجم هذا بدخول رؤوس الأموال الى جنوب شرق آسيا بشكل معتبر نسبيا، لاسيما بعد وقوع الأزمة المكسيكية .
وكدليل على مدى استقطاب منطقة جنوب شرق آسيا لرؤوس الأموال الأجنبية نشير أن الفترة من 1991 إلى 1994 قد تلقت هذه المنطقة ما قيمته 61% من الاستثمارات المباشرة و 29% من استثمارات الحوافظ المالية في طريق النمو ، ويرجع البعض هذه النسبة وبنية رؤوس الأموال الداخلة لجنوب شرق آسيا إلى ارتفاع معدلات الادخار والاستثمار في هذه المنطقة والعوائد التي قد يحققها المستثمرون في هذه المنطقة ( 6% بالنسبة للقصير الأجل ) .
لكن بالرغم من كل هذا فلا بد من الاشارة إلى أن في أواسط التسعنيات ظهرت بعض العوامل التي سرعان ما أثرت سلبا على الثقة التي وضعها المستثمرون في هذه البلدان وأدت إلى ظهور الأزمة .
فبادئ ببدأ لابد من الاشارة إلى تراجع الصادرات وبداية ظهور العجز الجاري لدى بلدان جنوب شرق آسيا لا سيما مع بداية التسعنيات . وقد يعزى هذا إلى انتهاج سياسة تثبيت سعر الصرف العملة بالنسبة للدولار الأمريكي والذي بدأت قيمته في الإرتفاع خاصة سنة 1995 من جهة وإلى انخفاض أسعار المنتجات الإلكترونية لا سيما سنة 1996 والتي كانت تشكل من بين أهم المنتجات المصدرة من طرف دول جنوب شرق آسيا ( وقد يترجم هذا اتباع النموذج الآسيوى ) .
وقد تم تمويل هذا العجز بفضل رؤوس الأموال الأجنبية والتي كانت في معظمها عبارة عن قروض قصيرة الأجل عمل النظام المالي والبنكي في دول جنوب شرق آسيا على اعادة تخصيصها في المنطقة لاسيما لتمويل استثمارات مالية وعقارية ( وهو ما قد يفسر ظهور فقاعة مضاربة عقارية) ، وبالتوازي مع تراجع مردودية الاستثمارت في دول شرق آسيا في بداية التسعنيات (بالرغم من الدخول المتزايدة لرؤوس الأموال) فلا بد من الاشارة إلى بعض الخصائص التي تمتاز بها الانظمة المالية في المنطقة فإلى جانب اعتماد البنوك على العقارات كرهن لمنح القروض فقد كانت الأنظمة البنكية والمالية تعرف تدخل رجال السياسة فيها بواسطة نفوذهم وكذلك تشهد نقص للتنظيمات الاحتياطية وانتشار المعلومات فيها ، وعلى ضوء كل هذا فقد أدى التراجع المزمن للصادرات ومردودية الاستثمارات في دول جنوب شرق آسيا إلى ظهور الشكوك حول قدرة هذه البلدان على الابقاء ومواصلة العمل بسياسة ارتباط سعر الصرف عملاتها بقيمة عملة أخرى كانت تتمثل في الدولار الأمريكي .
أساسا إضافة إلى هذا فقد اشرنا سابقا إلى سوء تخصيص رؤوس الأموال من طرف الأنظمة المالية في دول جنوب شرق آسيا وهو ما أدى إلى ظهور الفقاعة المضاربة (عادة ما تعرف هذه الظاهرة بالانتقاء المعاكس) ، وفي هذا الاطار فقد ادى الاعلان سنة 1997 عن مستوى الديون المشكوك في تحصيلها لدى 10 هيئات مالية بين 92 هيئة مالية إلى الرفع من هذه الشكوك .
وقد اظهرت بعض الاحصائيات مثلا أن مستوى الديون المشكوك في تحصيلها في تايلندا ، ماليزيا ، اندونسيا ن الفلبين وسنغافورة تقدر بـ 73 مليار دولار أي 13% من الانتاج الداخلي المجمع لهذه الدول
ومع تنامي هذه الشكوك بدأت رؤوس الأموال بالخروج من دول شرق آسيا المر الذي ادى الى بدية انخفاض أسعار الأصول المالية والعقارات والذي أثر سلبا على البنوك وباقي الهيئات المالية .
هكذا فبعد أن انتقلت قيمة رؤوس الأموال الصافية الخاصة الداخلة إلى هذه المنطقة (كوريا ، أندونسيا ،تيلندا ،الفلبين ماليزيا ) من 38 مليار دولار سنة 1994 إلى 97 مليار سنة 1996 انخفضت هذه القيمة لتصبح في حدود (-12) مليار دولار (تدفق سلبي) وهو ما يعنى تراجع بمقدار 109 مليار وهو ما يمثل 10% من الناتج الداخلي الاجمالي لهذه البلدان .
هكذا فقد ظهرت أول الضغوطات ضد الباهت التايلندي انطلاقا من شهر فيفري 1997 وهو ناتجة عن افلاس واحدة من أهم الهيئات المالية في تيلندا شركة Finance one بحيث تمكنت السلطات النقدية التايلندية من مواجهتها لتتبعها سلسلة ثانية من الضغوطات ضد الباهت دائما في شهر ماي من نفس السنة وقد استدعى مواجهتها تدخل كافة البنوك المركزية في المنطقة وبالرغم من كل هذا فقد عرف الباهت موجة ثالثة من الضغوطات المضاربة دفعت السلطات النقدية التايلندية إلى الاعلان عن تعويم سعر الصرف الباهت في02 جويلية 1997 ومع أعلانتايلندا عن تعويم سعر صرف عملتها والتي بدأت بالإنخفاض فقد بدأت الصعوبات تظهر في النظام المالي التايلندي واخذت الانتقال إلى باقي البلدان في جنوب شرق آسيا .
فقد أدى الخروج الكبير نسبيا لرؤوس الأموال من المنطقة إلى ظهور جملة من ردود الفعل المتسلسلة ، فنظرا للتخلى السلطات النقدية عن نظام ربط قيمة العملة بقيمة الدولار الأمريكي ، فقد عمد العديد من المقترضين الذين اقترضوا من قبل رؤوس اموال العملة الأجنبية إلى شراء الدولارات وذلك خوفا من تكبد خسائر الصرف وفي المقابل فقد شكك المقترضون في قدرة المدينين على دفع خدمة ديونهم ومن ثم القرار بعدم منح القروض وعدم تجديدها ، كل هذا قد أدى إلى نقص السيولة في اقتصاديات دول جنوب شرق آسيا ( وهو الأمر الذي قد يعتبر من بين الخصائص الأساسية للأزمة المالية ) ونظرا لصعوبات التي وجدتها المؤسسات في الحصول على القروض لا سيما لتمويل رأس المال العمل فقد خلق صعوبات للبنوك وللهيئات المالية الأخرى .
وبالتالي فكل هذه العوامل قد تفسر الصعوبات التي اعثرت البنوك التايلندية فعلا فقد شهدت هذه الأخيرة انخفاض الباهت بنسبة 37% انخفاض الأصول المالية بنسبة 40% وانخفاضا بقيمة 50% على العقارات التي تحصلت عليها على شكل رهن .
واستنادا إلى هذا فقد حاول A.Guillouet أن يعطي صورة عن نمط انتقال الأزمة المالية من قسم إلى قسم أخر في النظام المالي التايلندي .
العقارات حالات افلاس القروض إفلاس الشركات افلاس الهيئات المالية
الباهت ديون المؤسسات بالعملة الأجنبية واسعار الفائدة للدفاع عن الباهت حالات الافلاس .
هذا ولقد ساهم تدهور قيمة الباهت في تنشيط هذه الحلقة وذلك لكون هذا التدهور قد أدى إلى رفع قيمة المديونية التي تم الحصول عليها بالعملة الصعبة ، وبالتوازي مع انتشار الأزمة المالية عبر النظام المالي التايلندي فقد بدأت الأزمة في الانتقال نحو باقي دول المنطقة بحيث ظهرت ضغوطات مضاربة ضد عملات باقي الدول ، ماليزيا ، الفلبيين واندونيسيا في مرحلة اولي ثم هونغ وكوريا الجنوبية في مرحلة ثانية .
الأزمـة الأسيويـة من العـدوى إلى تدخـل صنـدوق النقـد الدولـي :
فعلا فنظرا للإنخفاض المعتبر لأسعار صرف عملاتها والخروج المكلف لرؤوس الأموال الاجنبية منها اضطرت كوريا واندونيسيا وتايلندا إلى طلب الاعانة (على غرار ما حدث في المكسيك سنة 1994–1995) من صندوق النقد الدولي وقد كان هذا في ايطار اتفاقية تأكيد .
وفي الحقيقة فقد تضمنت الخطة المقترحة من طرف صندوق النقد الدولي للخروج من الأزمة شطرين أولهما مرتبط بالسياستين النقدية والجبائية ،والآخر بجملة من الاصلاحات الهيكلية فقصد الحد من العجز الخارجي والعمل على استقرار العملة بعد تدهورها (كشرط لإسترجاع القدرة التنافسية) ، كان من الواجب انتهاج سياسات نقدية وجبائية تقييدية وذلك في محاولة لتخفيض الطلب الداخلي واسترجاع ثقة المستثمرين وبالتوازن مه هذا فقد طلب الصندوق من هذه البلدان ( كوربا، تايلندا ، واندونيسيا) اتخاذ جملة من التدابير الهيكلية واعادة هيكلة ورسملة القطاع البنكي ( سبق وأن ذكرنا هذه الطريقة تعتبر كوسيلة لواجهة الأزمات البنكية) تقييد ورفع الرقابة الاحتياطية Prudentielcontrôle تطوير التشريع الخاص بالبنوك وبالافلاس وفتح النظام البنكي لرأس المال الاجنبي .
ومن خلال هذا نلاحظ أن إلى جانب اتباع سياسات نقدية وجبائية تقييدية فقد تمحور معظم التدابير الهيكلية المقترحة على النظام البنكي والذي قد يعتبر واحد من الاسباب الرئيسية للأزمة وذلك لنمط تخصيصه للقروض ولرؤوس الأموال ، وإلى جانب هذين الشطرين الذي تضمنتها خطة صندوق النقد الدولي فقد تضمنت أيضا اعانات مالية تقدم للبلدان المعنية ، ويبين الجدول التالي حجم الاعانات المالية المقدمة ومصدرها ، بإعتبار أن هذه الإعانات متأتية من هيئات مالية دولية مختلفة .
II.6 الأزمـة الأسيـويـة
جنـوب شـرق آسيـا من النمـو المتسـارع إلى الأزمـة الماليـة : 
قد عرفت التنمية الاقتصادية في آسيا عدة مراحل فإنطلاقا من اليابان ( منذ حوالي قرن) ، وصولا إلى الصين حاليا ، كان نموذج التنمية المتبع متشابه إلى حد كبير ، فقد كان يعتمد دوما في بادئ الأمر على تصدير منتجات ذات كثافة من حيث استعمال اليد العاملة (النسيج ، صناعة مصغرة) والتي سرعان ما تتنقل شيئا فشيئا إلى المنتجات أكثر تعقيدا لا سيما مع الميل إلى الصناعة " الثقيلة" إضافة إلى هذا ، فقد كانت تتميز أقتصاديات هذه البلدان بوجودأسواق داخلية معتبرة لكنها محمية من دخول المنافسة الأجنبية ، شركات ضخمة عادة ما تحظى بحماية من عند الدولة وتوفر اليد العاملة لا سيما بفضل الزحف الريفي ( والتي عملت على ارتفاع مستويات معدل الادخار ).
وانطلاقا من نهاية الحرب العالمية الثانية ، كان اليابان من أوائل البلدان التي سارت على هذا النهج (بفضل إعانة من الولايات المتحدة ) ، ليصبح هذا البلد أول مصدر للملابس في العالم سنة 1955 ، لينتقل في العقد الذي تلى إلى إنتاج السيارات على نطاق واسع مرورا بالصناعة الإلكترونية الموجهة للتصدير ( وهو ماينطبق مع النموذج الذي اشرنا اليه ) .
وبعد عشرية تقريبا من بداية هذه التغيرات ، انتهجت دول اخرى من دول جنوب شرق آسيا نفس النهج الذي سار عليه اليابان من قبل ، أي الإنطلاق من صناعة نسيجية موحهة للتصدير للوصول إلى إنشاء صناعة الإلكترونيات والتي كانت دوما موجهة للتصدير ، وبناءا على هذا النموذج فقد عرفت دول جنوب شرق آسيا الدخول في فترة من النمو الاقتصادي لاسيما في بداية التسعنيات ، فقد كان متوسط معدل النمو في هذه المنطقة دوما أكبر من 8% علما أن بلغ هذا المتوسط في الصين مايقارب 12.5% خلال الفترة 1993-1998 ، ولقد ترجم هذا بدخول رؤوس الأموال الى جنوب شرق آسيا بشكل معتبر نسبيا، لاسيما بعد وقوع الأزمة المكسيكية .
وكدليل على مدى استقطاب منطقة جنوب شرق آسيا لرؤوس الأموال الأجنبية نشير أن الفترة من 1991 إلى 1994 قد تلقت هذه المنطقة ما قيمته 61% من الاستثمارات المباشرة و 29% من استثمارات الحوافظ المالية في طريق النمو ، ويرجع البعض هذه النسبة وبنية رؤوس الأموال الداخلة لجنوب شرق آسيا إلى ارتفاع معدلات الادخار والاستثمار في هذه المنطقة والعوائد التي قد يحققها المستثمرون في هذه المنطقة ( 6% بالنسبة للقصير الأجل ) .
لكن بالرغم من كل هذا فلا بد من الاشارة إلى أن في أواسط التسعنيات ظهرت بعض العوامل التي سرعان ما أثرت سلبا على الثقة التي وضعها المستثمرون في هذه البلدان وأدت إلى ظهور الأزمة .
فبادئ ببدأ لابد من الاشارة إلى تراجع الصادرات وبداية ظهور العجز الجاري لدى بلدان جنوب شرق آسيا لا سيما مع بداية التسعنيات . وقد يعزى هذا إلى انتهاج سياسة تثبيت سعر الصرف العملة بالنسبة للدولار الأمريكي والذي بدأت قيمته في الإرتفاع خاصة سنة 1995 من جهة وإلى انخفاض أسعار المنتجات الإلكترونية لا سيما سنة 1996 والتي كانت تشكل من بين أهم المنتجات المصدرة من طرف دول جنوب شرق آسيا ( وقد يترجم هذا اتباع النموذج الآسيوى ) .
وقد تم تمويل هذا العجز بفضل رؤوس الأموال الأجنبية والتي كانت في معظمها عبارة عن قروض قصيرة الأجل عمل النظام المالي والبنكي في دول جنوب شرق آسيا على اعادة تخصيصها في المنطقة لاسيما لتمويل استثمارات مالية وعقارية ( وهو ما قد يفسر ظهور فقاعة مضاربة عقارية) ، وبالتوازي مع تراجع مردودية الاستثمارت في دول شرق آسيا في بداية التسعنيات (بالرغم من الدخول المتزايدة لرؤوس الأموال) فلا بد من الاشارة إلى بعض الخصائص التي تمتاز بها الانظمة المالية في المنطقة فإلى جانب اعتماد البنوك على العقارات كرهن لمنح القروض فقد كانت الأنظمة البنكية والمالية تعرف تدخل رجال السياسة فيها بواسطة نفوذهم وكذلك تشهد نقص للتنظيمات الاحتياطية وانتشار المعلومات فيها ، وعلى ضوء كل هذا فقد أدى التراجع المزمن للصادرات ومردودية الاستثمارات في دول جنوب شرق آسيا إلى ظهور الشكوك حول قدرة هذه البلدان على الابقاء ومواصلة العمل بسياسة ارتباط سعر الصرف عملاتها بقيمة عملة أخرى كانت تتمثل في الدولار الأمريكي .
أساسا إضافة إلى هذا فقد اشرنا سابقا إلى سوء تخصيص رؤوس الأموال من طرف الأنظمة المالية في دول جنوب شرق آسيا وهو ما أدى إلى ظهور الفقاعة المضاربة (عادة ما تعرف هذه الظاهرة بالانتقاء المعاكس) ، وفي هذا الاطار فقد ادى الاعلان سنة 1997 عن مستوى الديون المشكوك في تحصيلها لدى 10 هيئات مالية بين 92 هيئة مالية إلى الرفع من هذه الشكوك .
وقد اظهرت بعض الاحصائيات مثلا أن مستوى الديون المشكوك في تحصيلها في تايلندا ، ماليزيا ، اندونسيا ن الفلبين وسنغافورة تقدر بـ 73 مليار دولار أي 13% من الانتاج الداخلي المجمع لهذه الدول
ومع تنامي هذه الشكوك بدأت رؤوس الأموال بالخروج من دول شرق آسيا المر الذي ادى الى بدية انخفاض أسعار الأصول المالية والعقارات والذي أثر سلبا على البنوك وباقي الهيئات المالية .
هكذا فبعد أن انتقلت قيمة رؤوس الأموال الصافية الخاصة الداخلة إلى هذه المنطقة (كوريا ، أندونسيا ،تيلندا ،الفلبين ماليزيا ) من 38 مليار دولار سنة 1994 إلى 97 مليار سنة 1996 انخفضت هذه القيمة لتصبح في حدود (-12) مليار دولار (تدفق سلبي) وهو ما يعنى تراجع بمقدار 109 مليار وهو ما يمثل 10% من الناتج الداخلي الاجمالي لهذه البلدان .
هكذا فقد ظهرت أول الضغوطات ضد الباهت التايلندي انطلاقا من شهر فيفري 1997 وهو ناتجة عن افلاس واحدة من أهم الهيئات المالية في تيلندا شركة Finance one بحيث تمكنت السلطات النقدية التايلندية من مواجهتها لتتبعها سلسلة ثانية من الضغوطات ضد الباهت دائما في شهر ماي من نفس السنة وقد استدعى مواجهتها تدخل كافة البنوك المركزية في المنطقة وبالرغم من كل هذا فقد عرف الباهت موجة ثالثة من الضغوطات المضاربة دفعت السلطات النقدية التايلندية إلى الاعلان عن تعويم سعر الصرف الباهت في02 جويلية 1997 ومع أعلانتايلندا عن تعويم سعر صرف عملتها والتي بدأت بالإنخفاض فقد بدأت الصعوبات تظهر في النظام المالي التايلندي واخذت الانتقال إلى باقي البلدان في جنوب شرق آسيا .
فقد أدى الخروج الكبير نسبيا لرؤوس الأموال من المنطقة إلى ظهور جملة من ردود الفعل المتسلسلة ، فنظرا للتخلى السلطات النقدية عن نظام ربط قيمة العملة بقيمة الدولار الأمريكي ، فقد عمد العديد من المقترضين الذين اقترضوا من قبل رؤوس اموال العملة الأجنبية إلى شراء الدولارات وذلك خوفا من تكبد خسائر الصرف وفي المقابل فقد شكك المقترضون في قدرة المدينين على دفع خدمة ديونهم ومن ثم القرار بعدم منح القروض وعدم تجديدها ، كل هذا قد أدى إلى نقص السيولة في اقتصاديات دول جنوب شرق آسيا ( وهو الأمر الذي قد يعتبر من بين الخصائص الأساسية للأزمة المالية ) ونظرا لصعوبات التي وجدتها المؤسسات في الحصول على القروض لا سيما لتمويل رأس المال العمل فقد خلق صعوبات للبنوك وللهيئات المالية الأخرى .
وبالتالي فكل هذه العوامل قد تفسر الصعوبات التي اعثرت البنوك التايلندية فعلا فقد شهدت هذه الأخيرة انخفاض الباهت بنسبة 37% انخفاض الأصول المالية بنسبة 40% وانخفاضا بقيمة 50% على العقارات التي تحصلت عليها على شكل رهن .
واستنادا إلى هذا فقد حاول A.Guillouet أن يعطي صورة عن نمط انتقال الأزمة المالية من قسم إلى قسم أخر في النظام المالي التايلندي .
العقارات حالات افلاس القروض إفلاس الشركات افلاس الهيئات المالية
الباهت ديون المؤسسات بالعملة الأجنبية واسعار الفائدة للدفاع عن الباهت حالات الافلاس .
هذا ولقد ساهم تدهور قيمة الباهت في تنشيط هذه الحلقة وذلك لكون هذا التدهور قد أدى إلى رفع قيمة المديونية التي تم الحصول عليها بالعملة الصعبة ، وبالتوازي مع انتشار الأزمة المالية عبر النظام المالي التايلندي فقد بدأت الأزمة في الانتقال نحو باقي دول المنطقة بحيث ظهرت ضغوطات مضاربة ضد عملات باقي الدول ، ماليزيا ، الفلبيين واندونيسيا في مرحلة اولي ثم هونغ وكوريا الجنوبية في مرحلة ثانية .
الأزمـة الأسيويـة من العـدوى إلى تدخـل صنـدوق النقـد الدولـي :
فعلا فنظرا للإنخفاض المعتبر لأسعار صرف عملاتها والخروج المكلف لرؤوس الأموال الاجنبية منها اضطرت كوريا واندونيسيا وتايلندا إلى طلب الاعانة (على غرار ما حدث في المكسيك سنة 1994–1995) من صندوق النقد الدولي وقد كان هذا في ايطار اتفاقية تأكيد .
وفي الحقيقة فقد تضمنت الخطة المقترحة من طرف صندوق النقد الدولي للخروج من الأزمة شطرين أولهما مرتبط بالسياستين النقدية والجبائية ،والآخر بجملة من الاصلاحات الهيكلية فقصد الحد من العجز الخارجي والعمل على استقرار العملة بعد تدهورها (كشرط لإسترجاع القدرة التنافسية) ، كان من الواجب انتهاج سياسات نقدية وجبائية تقييدية وذلك في محاولة لتخفيض الطلب الداخلي واسترجاع ثقة المستثمرين وبالتوازن مه هذا فقد طلب الصندوق من هذه البلدان ( كوربا، تايلندا ، واندونيسيا) اتخاذ جملة من التدابير الهيكلية واعادة هيكلة ورسملة القطاع البنكي ( سبق وأن ذكرنا هذه الطريقة تعتبر كوسيلة لواجهة الأزمات البنكية) تقييد ورفع الرقابة الاحتياطية Prudentielcontrôle تطوير التشريع الخاص بالبنوك وبالافلاس وفتح النظام البنكي لرأس المال الاجنبي .
ومن خلال هذا نلاحظ أن إلى جانب اتباع سياسات نقدية وجبائية تقييدية فقد تمحور معظم التدابير الهيكلية المقترحة على النظام البنكي والذي قد يعتبر واحد من الاسباب الرئيسية للأزمة وذلك لنمط تخصيصه للقروض ولرؤوس الأموال ، وإلى جانب هذين الشطرين الذي تضمنتها خطة صندوق النقد الدولي فقد تضمنت أيضا اعانات مالية تقدم للبلدان المعنية ، ويبين الجدول التالي حجم الاعانات المالية المقدمة ومصدرها ، بإعتبار أن هذه الإعانات متأتية من هيئات مالية دولية مختلفة .
الـدروس المستخلصـة من الأزمـة الأسيويـة :
الـدرس الأول :
ضرورة إيلاء الإهتمام المبكر بتصحيح الإختلالات الاقتصادية الكلية قبل فترة من اندلاع الأزمات وهذا لم يحدث في تايلندا بالرغم من التحذيرات المتكررة في هذا الصدد .
الـدرس الثاني : 
بمقدور الدول المجاورة التي تعرضت إلى الأزمة ذاتها أن تأخذ جانب الحذر مقدما وذلك من خلال تعزيز سياستها الإقتصادية .
الـدرس الثالث :
إن معدل النمو الاقتصادي التي حققتها دول الأزمة إنما كانت تخفي بعض المشاكل ومنها العجز الكبير في الحساب الجاري وتدفق الاستثمارات الاجنبية عبر نظم اقتصادية اعتمدت على نحو واسع على تقديم قروض بالعملات الصعبة بأسعار فائدة منخفضة للغاية لصالح قطاعات غير منتجة .
الـدرس الرابع : إن التطورات الأخيرة لأسواق المال الأسيوية لا تكشف عن المخاطر الأسواق العالمية فحسب بل في كيفية التعامل معها بصورة مسؤولة من خرل اتباع سياسات اقتصادية تقوم على أسس متينة من الاصلاحات الهيكلية التي يمكن أن تقود إلى تحديد الثقة وبالتالي تساعد على تخصيص الموارد بصورة كفؤة
.II7 دراسـة مقارنـة بين الأزمـة المكسيكيـة والأزمـة الآسيويـة :
أ. اوجـه التشابـه:
- تشابه في تسلسل الوقائع بشكل عام .
- انتهاج نفس نظام الصرف من طرف البلدان التي مستها الأزمة .
- تنامي العجز الجاري قبيل ظهور الأزمتين .
- ارتفاع حجم التدفقات المالية للمنطقتين قبيل الأزمتين
- ضعف الأنظمة المالية في المنطقتين .
- وجود أحداث ولدت الضغوطات المضاربة في الأزمتين ووجود آثار العدوى.
ب. اوجـه الاختـلاف :
- ارتبطت الأزمة المكسيكية بالمديونية العمومية في حين ارتبطت الأزمة الأسيوية بالمديونية الخاصة .
- اختلاف في بنية التدفقات المالية المتجه للمكسيك (حوافظ مالية أساسية) ، وتلك المتجه للدول جنوب شرق آسيا (استثمارات مباشرة).
- ارتفاع معدل الادخار في جنوب شرق آسيا مقارنة مع المكسيك .
...
.......



يتبع في الجزء الثالث = المبحث الثالث : سيـاسات تجنب الأزمـات ، نماذجها ،أهـمية مقرض الملاذ الأخير العالمي
____
يهمك أيضا: يمكن الرجوع إلى الجزء الاول "المبحث الأول":



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-