أخر الاخبار

حقوق الإنسان والعالم الإسلامي_تقديم _ جزء 2

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

بعد الجزء الاول الذي قمنا من خلاله بمحاولة تعريف وتقديم بسيطين للموضوع، نناقش حالة اخرى تهم حقوق الإنسان ما بين الإعلان العالمي والشريعة الإسلامية من خلال التالي:
,
,



لقد أصبحت قضايا حقوق الإنسان اليوم من الموضوعات ذات الأهمية القصوى بالنسبة للعالم أجمع ويحضى هذا الاهتمام بشكل خاص من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي، يقابل ذلك الاهتمام رفض واحتجاجات من قبل كثير من دول العالم الثالث بشكل عام والعالم الغربي بشكل خاص، وقد برز هذا الجدل وأخذ يتصاعد بشكل لم يسبق له مثيل في العالم الإسلامي بصفة عامة والعالم العربي بصفة خاصة وأخذ هذا الجدل بالتوسع تدريجيا بين الدول الإسلامية والعربية منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 وازداد حدة بعدما توالت المعاهدات الدولية الأخرى في هذا الإطار. (*)


لقد تركز هذا الجدل حول مدى تعارض أو توافق مبادئ الإعلان العالمي والمعاهدات الوضعية، المماثلة مع المبادئ الأساسية للشريعة الإسلامية، وقد اختلفت الآراء والإجتهادات في بعض الأحيان بين مؤيد ورافض ومتردد لقبول فكرة حقوق الإنسان حيث يعتقد بعض المهتمين أنها مؤامرة غربية أوربية كافرة تستهدف الإسلام وأهله أو أنها حركية غربية أوربية أمريكية عززتها قوى الشر والهيمنة الدولية لغزو العالم الإسلامي والعربي ثقافيا وفكريا واقتصاديا، لكي تنصهر أو تتحول تلك المجتمعات إلى شعوب منحلة على غرار ما هو قائم في العالم المتحضر وبخاصة الدول الغربية.
ويرى آخرون أن حقوق الإنسان التي يتباهى بها الغرب ليست إلا شعارات خادعة ترفعها تلك الدول خارج حدودها وخصوصا المهيمنة منها كالولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوربي كوسيلة للتدخل في شؤون الدول الأخرى، في حين أنها في الوقت نفسها قوانين وتشريعات وضعية تطبقها تلك الدول بشكل جيد على شعوبها وقد عزز هذا الاعتقاد حقيقة ما أنجزته تلك الدول بشكل إيجابي داخل مجتمعاتها في مجال حقوق الإنسان في الوقت نفسه الذي استخدمت فيه ازدواجية المعايير التي يحددها حجم مصالحها وأهميتها تجاه كثيرين دول العالم الثالث، وربما يؤكد هذا الاعتقاد، التلويح بمسألة انتهاك حقوق الإنسان ضد تلك الدول وخصوصا التي لا تجاري سياسة الهيمنة في الوقت نفسه، تغض فيه الطرف عن انتهاك حقوق الإنسان التي تمارسها أنظمة قمعية ذات منهج ديكتاتوري، ضد شعوبها بسبب ارتباطاتها النفعية والمصلحية سواء أكانت تجارية اقتصادية أم استراتيجية حمائية.
لذلك نجد اليوم أن قضايا حقوق الإنسان أصبحت تحتل أهمية قصوى في أولويات السياسة الخارجية للدول وبخاصة الصناعية منها أو العالم الحر، لتضيف تأثيرا لا يستهان به في إطار العلاقات الدولية، تتمتع به دول القانون والديمقراطية والمؤسسات وبخاصة المهيمنة منها، لذا فإن مسألة تدويل حقوق الإنسان وبشكل لم يسبق له مثيل، لم يأت من فراغ، بل إنه أمرتم الترتيب له وبشكل عملي ومنظم وأخذ أبعادا لم يسبق لها مثيل وخصوصا بعد سقوط نظرية القطبية الثنائية في عالم السياسية الكونية المتزامن مع الكم الهائل من المتغيرات الدولية المتلاحقة حيث من المتوقع أن يشهد موضوع حقوق الإنسان تطورا غير مسبوقا مع بدايات العقد الأول من الألفية الثالثة.
,,,
يتبع في الجزء الثالث 
_____
الجزء الاول  هنــــــــــــا


(*) – من أهمها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966)، والبروتوكول الاختياري للعهد الأخير.



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-