📁 آخر الأخبار

الحضانة بين مدونة الأسرة و العمل القضائي




الحضانة بين مدونة الأسرة و العمل القضائي 

مقدمة : 


قطع المشرع المغربي أشواطا مهمة في اعادة صياغة وهيكلة مضمون مدونة الاحوال الشخصية انطلاقا من مدونة 1995 مرورا بتعديلات 1993 وصولا الى مدونة الاسرة الجديدة , فالانتقال من مدونة الاحوال الشخصية الى مدونة الاسرة ليس انتقالا شخصيا فحسب بل جوهريا استهدف حماية الاسرة برمتها ,و تعتبر الحضانة من بين اهم الاصلاحات الجوهرية التي وردت في المدونة ,فقد نضم المشرع المغربي احكام الحضانة في مدونة الاسرة في الكتاب الثالث و قسمه الى ثالث اقسام و الحضانة نضمها في الكتاب الثاني حيت عرفها في المادة 163 هي حفظ الولد مما قد يضره والقيام بتربيته ومصالحه وعند الرجوع الى الكتب الفقهية نجد ان مفهوم الحضانة هو حفظ الولد في مبيته وطعامه وملبسه ومضجعه وتنظيف جسمه وعرفها اخرون على انها واجبة اجماعا لان تركها تضييعا للولد لأنه خلق ضعيفا يفتقر لكافل يربيه حتى يقوم بنفسه ,فهي فرض كفاية ان قام بها قائم سقطت عن الباقين . اما السند الشرعي للحضانة فقد جاءت في هذا الباب آيات كثيرة منه قوله تعالى “ :وحمله و فصاله ثلاثون شهرا “ , وقوله تعالى : ’’وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف“ اما بالنسبة للسنة النبوية تتمثل فيما رواه عبد الله بن عمر ان امرأة قالت يا رسول انا ابني كان بطني كان له وعاء , وتديي له سقاء وحجري له حواء و ان اباه طلقني و اراد ان ينتزعه مني فقال رسول الله انت احق به ما لم تنكحي .
وبالنضر الى اهمية الحضانة فقد اشار جلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية التي انعقدت بتاريخ 10 /10/ 2003 حيت قال لقد توخينا في توجهاتنا السامية لهذه اللجنة وفي ابداء نضرنا في مشروع مدونة الاسرة اعتماد الصلاحيات التالية :
ثامنا : الحفاظ على حقوق الطفل وإدراج مقتضيات الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب 
فأهمية الموضوع تكمن على المستوى النضري اي الوقوف على اهم الاشكالات التي يثيرها الموضوع و مستوى عملي حماية مصلحة المحضون بالدرجة الاولى 
فالطفل يحتاج الى رعاية خاصة من الابوين نضرا لدورهما الفعال في تكوين شخصه ونفسه فغياب احدهما يؤثر لا محالة سلبا على استقرار وحسن تربيته خاصة عند انحلال ميثاق الزوجية لأي سبب من الاسباب الذي يترتب عليه ضرورة الحرص على توفير الرعاية اللازمة و الملائمة من اجل نشأة هذا الطفل و ذلك من خلال وجود اطار قانوني ينضم احكام الحضانة وهذا ما نلمسه من خلال احكام مدونة الاسرة المنصوص عليها فالمواد من 163 اللى 186 التي جاءت بمجموعة من المستجدات تنصب اساسا على حماية حقوق الطفل سواء على مستوى مستحقو ا الحضانة وترتيبهم ,مدة الحضانة ,تكاليف المحضون ....كلها مستجدات حاول المشرع المغربي من خلالها ان يكون منسجما مع اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1989 وان كان قد حافظ على المادة 14 من هذه الاتفاقية و المتعلقة بالحرية الدينية للطفل ومن تبرز الاشكالية التالية :

 ما مدى فعالية ونجاعة االمقتضيات القانونية المتعلقة بالحضانة في اقرار و صيانة ومراعاة مصلحة المحضون ؟
 والى اي حد استطاع القضاء المغربي التوفيق بين روح النص و مصلحة المحضون ؟ هذا ما سنحاول الاجابة عنه من خلال التصميم التالي : 

تصـمــــيــــم الموضـــــــــــــوع :


 المبحث الأول : الأحكام المتعلقة بممارسة الحضانة 

 المطلب الاول : مناط اسناد الحضانة
           الفقرة الاولى : مفهوم الحضانة
           الفقرة الثانية : مستحقو الحضانة و ترتيبهم 

 المطلب الثاني : شروط ممارسة الحضانة
            الفقرة الأولى :الشروط العامة 
            الفقرة الثانية : الشروط الخاصة 

المبحث الثاني : الاخلال بأحكام الحضانة و اشكالاتها

المطلب الأول : سقوط الحضانة و دور القضاء في حماية المحضون
           الفقرة الاولى :اسباب سقوط الحضانة
           الفقرة الثانية : المس بمصلحة المحضون

 المطلب الثاني :اشكالات تطبيق مقتضيات المتعلقة بالحضانة
            الفقرة الاولى: إشكاليات على المستوى الموضوعي 
            الفقرة الثانية : إشكاليات على المستوى الشكلي

 

المبحث الأول : الأحكام المتعلقة بممارسة الحضانة

المطلب الاول : مناط اسناد الحضانة


تعتبر الحضانة أثرا من آثار الزواج ، وهي من حق الزوجين معا اثناء قيام العلاقة الزوجية ، ومن حق احد الأبوين أو غيرهما حسب الأحوال، عند انفصام العلاقة الزوجية. وقبل الحديث عن مستحقي الحضانة وترتيبهم لا بد لنا من الوقوف على مفهوم الحضانة:

الفقرة الاولى : مفهوم الحضانة : 

• الحضانة لغة :
 معناها الحضن وهو الجنب او الصدر ويقال حضن الطائر بيضه إذا ضمه الى نفسه تحت جناحيه .وحضنت الأم ولدها إذا ضمته الى جنبها وقامت بتربيته ورعايته.
• والحضانة في الاصطلاح الشرعي :
 هي تربية الطفل ورعايته والقيام بجميع شؤونه.
- وعرفها المذهب الشافعي بأنها تربية من لا يستقل بأموره وتربيته بما يصلحه ويدفع عنه الضرر بغسل جسده وثيابه ودهنه وكحله.
- وعرفها الفقيه المالكي ابن عرفة بأنها حفظ الولد في مبيته ومؤو نته ولباسه ومضجعه.
- وعرفها الآبي الازهري بأنها صيانة العاجز والقيام بمصالحه.
وبالرجوع للكتب الفقهية يمكن التمييز بين ثلاثة اشكال لرعاية الصغير والسهر على شؤونه الشخصية.
أ‌- العناية بإعداد طعامه وتنظيف جسمه وثيابه وفراشه مع السهر على حمايته من تعريض نفسه للأخطار الجسدية والصحية التي يمكن ان يقع فيها ، وهذا ما تتطلبه السنوات الأولى من ولادته.
ب‌- العناية به في التوجيه والتربية ، وإعداده للحياة المستقبلية عن طريق التعليم والتدريب على المهن وأعمال الكسب المختلفة.
ج- الحماية الخاصة بالفتاة من الاعتداء عليها جنسيا وصيانتها.
والحضانة حق للأم فهي أولى بولدها من غيرها متى كانت اهلا للحضانة ، وقد روي ان عمر بن الخطاب طلق زوجته أم عاصم وأراد أن ياخد ولده منها ، فأبت عليه ذلك ، وتخاصما الى ابي بكر رضي الله عنه وهو خليفة ، فقال أبو بكر لهم : خل بينه وبينها ، ريحها ومسها ومسحها وريقها خير له من الشهد عندك. وفي هذا الصدد يقول ابن عاصم الغرناطي: 
               وصرفها الى النساء أليق لأنهن في الأمور أشفق
وقد تبنى المشرع المغربي من خلال مدونة الأسرة نفس المفهوم ، حيث نص في المادة 163 منها على ما يلي : "الحضانة حفظ الولد مما قد يضره والقيام بتربيته ومصالحه ".    
وهو نفس التعريف الذي سبق للمشرع المغربي ان تبناه في الفصل 97 من مدونة الأحوال الشخصية. 
وفي إطار الحديث عن الحضانة ينبغي ان نميز بين حق الحضانة والحق في الحضانة.
- فحق الحضانة : هو حق الحاضن في ممارستها وتوليتها والقيام بها أما كانت او أبا.
- اما الحق في الحضانة : فهو حق المحضون في الرعاية المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية.

الفقرة الثانية : مستحقو الحضانة : 


ان الحديث عن مستحقي الحضانة وترتيبهم يقتضي منا الوقوف على محطتين اساسيتين:

 المحطة الأولى : وفق مدونة الاحوال الشخصية الملغاة
وسنميز فيها بين:
أ‌- مقتضيات ما قبل تعديل الفصل 99 من مدونة 1957:
نص الفصل 99 من مدونة الأحوال الشخصية على ترتيب دقيق للحاضنين ، وقدم الأم والنساء من جهتها على الأب الذي جعله في المرتبة السادسة. 
 وقد نص الفقه الحنفي على إسناد الحضانة للأم ، وجعل الولاية بشقيها على النفس والمال للأب ، وهو التوجه الذي سار عليه الشيخ خليل في متنه : " حضانة الذكر والأنثى للأم ". 
هذا وقد نص الفقه المالكي ومن بعده مدونة الاحوال الشخصية لسنة 1957 فيما يخص ترتيب الحاضنين على ما يلي : " وكما تكون الام أحق من الأب فإن قرابتها أحق من قرابات الأب لا اختلاف بين أهل العلم في ذلك ". 
ويعتبر الترتيب الوارد أعلاه واجب الاتباع حسب الفصل 100 من نفس المدونة ، الذي نص على ما يلي : " يراعى هذا الترتيب اذا كان الاول مستحقا وإلا انتقلت الى الذي يليه ، وكذلك ان سقطت حضانته أو كان معدوما ".
كما ان الوصي يقدم على سائر العصبات في المحضون الذكر وفي الأنثى حال صغرها مطلقا ، وفي حال كبرها ان كان محرما أو كان امينا متزوجا.
ب‌- مقتضيات ما بعد تعديل الفصل 99 بظهير 10 شتنير 1993:
حيث نص الفصل 99 بعد التعديل على ما يلي : " الحضانة من واجبات الابوين مادامت الزوجية قائمة بينهما ، فإذا انتفت فالأم أولى بحضانة ولدها من غيرها ثم ابوه ثم امها..." والباقي لا تغيير فيه،
ويستفاد من هذا الفصل ، أن الاب الذي كان يحتل المرتبة السادسة في مدونة 1957، قد انتقل الى المرتبة الثانية ويستحق الحضانة مباشرة بعد سقوطها عن الأم ، أو تنازلها عنها.
وفي هذا التعديل تكريس للمصلحة الفضلى للمحضون أولا وقبل أي اعتبار آخر ، مراعاة للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل والتي صادق عليها المغرب.

 المحطة الثانية : مستحقو الحضانة وترتيبهم في ضوء مدونة الاسرة:
تتجلى الاهمية التي وفرتها مدونة الاسرة للمحضون ، في تخصيصها المادة 171 منها لترتيب الحاضنين ، حيث نصت على ما يلي : " تخول الحضانة للأم ، ثم للأب ، ثم لأم الأم ، فإن تعذر فللمحكمة ان تقر بناءا على ما لديها من قرائن اسناد الحضانة لاحد الاقارب الأكثر أهلية مع جعل توفير سكن لائق للمحضون من واجبات النفقة ".
ومفاد هذا النص ان الام هي الأولى بالحضانة ، لكن لا تتصرف فيها كيف تشاء ، فتمنحها لمن تشاء ، وانما هي الأولى بالحضانة من غيرها ، فإذا تنازلت عنها أو سقطت عنها ، فانها تنتقل للاب ثم لأم الأم. هذا مع مراعاة مقتضيات المادة 166 من المدونة .
وانطلاقا مما سبق يتضح لنا ان المشرع في مدونة الأسرة ، قد تخلى عن الترتيب المنصوص عليه في المادة 99 من مدونة الاحوال الشخصية الملغاة. حيث انتقل مباشرة الى تكليف القضاة للنظر في من هو اهل لرعاية المحضون ، كما لو كان الطفل يتيم الأبوين والجدة من جهة الأم ، اي ان المدونة أسندت حماية مصلحة المحضون للسلطة التقديرية للقاضي.

المطلب الثاني : : شروط ممارسة الحضانة :


لما كانت الحضانة مهمة خطيرة لأنها تتضمن مسؤولية حفظ إنسان في طور التكوين و النشوء هو أشد الحاجة لرعاية و العناية لذلك اشترط في الحاضن شروط معين يجب توفرها كي يستحق صاحبها حضانة الطفل و ثبوت هذه لحضانة له .
و الحضانة ترمي للقيام بشؤونه بالكيفية التي تتفق و مصلحته المالية و المعنوية ، فهو حق يثبت لنساء بالأسبقية كما يثبت لرجال في بعض الأحيان .
كذا فلا بد من توفر شروط معينة فيمن يحضن الصغير سواء كان ذكرا أو أنتى و هذه الشروط تنقسم إلى 
- 1الشروط التشريعية العامة لممارسة الحضانة من جانب الحاضن 
- 2الشروط التشريعية الخاصة بالمرأة الحاضنة.

 الفقرة 1 : الشروط لتشريعية الخاصة لممارسة الحضانة من جانب الحاضن : 

نظرا لأهمية الحضانة و أثرها على تربية الطفل ورعايته فقد قيدها المشرع بشروط واجب توفرها في كل حاضن سواء أكان ذكرا أو أنتى بنص قانوني مضمون في مدونة الأسرة و التي نصت عليها المادة 173 منها .

.1الرشد القانوني لغير الأبوين :
يشترط في الحاضن عموما أن يكون راشدا أي بالغا سن الرشد القانونية وفق المادة 209 مدونة الأسرة و المحددة في 18 سنة شمسية كاملة . 
إلى أن هذا الرشد القانوني غير مطلوب بالنسبة للأبوين الحاضنين و يستنتج هذا من البند 1 من المادة 173 و هو استثناء يفرضه وجوب الانسجام مع مقتضيات المادتين 20 .21 من مدونة الأسرة التي نظمت شروط زواج القاصر 
و في الأخير يمكن أن نخلص بأنه لا حضانة إلا باكتمال السن القانونية لراشد . 

.2الإستقامة و الأمانة :
تفيد الاستقامة في اللغة الاعتدال في السلوك . و تفيد الأمانة الثقة و الصدق و هما خصلتان تترجمان بجانب من الأخلاق الفاضلة داخل المجتمع . 
فالأمانة لا تتحقق إلى بالاستقامة فمتى كان الشخص مستقيما يمكن أن يكون أمينا ,والمستقيم هو من اعتدل في سلوكه و في هذا يقول بعض فقهاء المالكية
" لا حضانة لسكير أو مشتهر بالزنا أو الهو الحرام و عليه فإن لم يحدث الفسق على سبيل الاشتهار ، فلا يسقط الحضانة "
فيجب أن يكون الحاضن أمينا على المحضون في نفسه و في عقله و في ماله . فإن كان مستهترا لا يأثمن منه على الطفل لسبب من الأسباب فإنه لا يكون أهلا للحضانة 
و بالتالي فإن كان طالب الحضانة مستقيما أمكنه أن يحفظ للمحضون حقوقه و أن يؤمن على عقل المحضون و نفسه و ماله و عرضه و دينه. 
أما من الناحية القانونية فشرط الاستقامة هذا يقضي ألا تكون الحاضنة مثلا قد سبق الحكم عليها بالخيانة الزوجية أو أن هناك محضر يتبث كونها ضبطت في حالة تلبس و لو سقطت الدعوى العمومية . 
و هذا ما ذهبت فيه محكمة النقض في قرار لها جاء فيه :
لكن حيث أن سقوط الدعوى العمومية في إطار المادة 4 من ق م ج لا يترتب عنه نفي الفعل كما لايؤدي لإلغاء الإجراءات المنجزة و المحكمة في إطار سلطتها قد استخلصت من الوقائع الثابتة في المسطرة الزجرية ارتكاب الطالبة للخيانة الزوجية فاعتبرتها بذلك غير مستقيمة و ليست أهلا للحضانة مطبقة المادة 173 من مدونة الأسرة و مستبعدة ضمنا موجب الصلح المحتج به .
قرار عدد 420 صادر بتاريخ 16 غشت 2011 في الملف الشرعي عدد 34/ 2 /1 / 2010

.3 القدرة على تربية المحضون و صيانته و رعايته دينا وصحة و خلقا و على مراقبة التمدرسه :
إن هذا الشرط تتفرع عنه عدة شروط فرعية اخرى وهي كالتالي : 

-1 القدرة على تربية المحضون :
فيشرط في الحاضن أن يكون قادرا على تربية المحضون و معاينته ماديا و معنويا . وأن يقوم الحاضن بتربية المحضون بنفسه دون تفويض مهمة ذلك للغير و هذا ما أخد به الاجتهاد القضائي .
فقد قرر القضاء المغربي إسقاط الحضانة عن أم حاضنة تعيش في فرنسا و تترك المحضون لأمها بالمغرب 
وكذا قرار يرمي إلى اسقاط الحضانة عن الحاضنة التي تعيش خارج المغرب و المحضونة تتعيش داخل المغرب 
قرار عدد 88 بتاريخ 8/2/. 2006 ملف شرعي عدد 389 / 2/ 1 / 2005

-2 الرعاية الدينية : 
يفيد هذا الشرط وجوب المحافظة على الهوية الإسلامية للطفل المسلم الموجود تحت الحضانة . فيجب على الحاضن أن يوفر له جوا يساعده على ترسيخ تلك الهوية .
وقد نبه المشرع المغربي في المادة 54 من مدونة الأسرة إلى أن من حقوق الطفل على أبويه ( التوجيه الديني و التربية على السلوك القويم(

-3 الرعاية الصحية و الأخلاقية :
لقد سبق أن نص عليها المشرع في الفصل 98 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة .
و بما أن الحاضن يقوم مقام الأبوين فمن واجبه ما وجب للوالدين طبقا للمادة 54. و بالتالي فعلى مستوى الرعاية صحية وجب على الحاضن توفير الحماية له و ضمان سلامته و إتخاد كل التدابير الممكنة لنمو الطبيعي له و كذا الحفاظ على سلامته الجسدية و النفسية و العناية بصحته و العمل على وقايته من الأمراض ، و معالجته منها عند إصابته بها .
أما فيما يتعلق بالرعاية الأخلاقية فعلى الحاضن أن يربي المحضون التربية الحسنة التي تسبك سلوكه و تحبك قيمه و أخلاقه . على نحو يضمن صدق الفتى في القول و العمل .
  
-4 التعليم :
يضمن دستور 2011 لجميع أفراد المجتمع بما فيهم طبعا المحضون حق التعليم ، فضلا عن الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل 
أما مرونة الأسرة فقد ألزمت الإباء بأن يهيؤا لأولادهم قدر المستطاع الظروف الملائمة لمتابعة دراستهم حسب استعدادهم الفكري و البدني , ناهيك عن ضرورة ضمان التعليم و التكوين الذي يؤهلهم للحياة العلمية و يضمن لهم انخراط في المجتمع و الاندماج فيه على نحو يمكنهم من خدمة الصالح العام المادة 169.
و بما أن الحاضن يقوم مقام الأبوين فما وجب لهما وجب للحاضن .
. 4استقرار وضعية الحاضن لما فيه مصلحة للمحضون : 
و يشترط في الحاضن استقرار وضعيته ماديا أو معنويا على نحو يضمن مصلحة المحضون و رعايته إلا أن الوضعية المادية و المعنوية للحاضن لا يمكن أن تسري على وتيرة واحدة .
وبصفة عامة فمتى وقع تغير في وضعية الحاضن خيف منه إلحاق ضرر بالمحضون سقطت حضانته و إنتقلت إلى من يليه و ذلك طبقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 173
.5عدم زواج الحاضنة إلا في الحالات المنصوص عليها في المادة 174 ,178 من هذه المدونة :
فقد ميز المشرع بين الحاضنة الأم و الحاضنة غير الأم و هذه المقتضيات فرضتها مصلحة المحضون و الحاضنة على حد سواء . 
فمن بين موانع الحضانة زواج الحاضنة و لا يأخذ المنع على إطلاقه فهناك حالات لا تسقط فيها الحضانة رغم زواج الحاضن :   
 - اذا كان زوج الحاضنة قريبا محرما للمحضون .
 - اذا كان الزوج نائب شرعي ( نائب الشرعي للمحضون ) تزوج الحاضنة غير الأم .
 - اذا كانت الحاضنة نائبا شرعيا للمحضون 
من كل ما تقدم نلاحظ ان هذه الشروط الواردة في المادة 173 تضع عبئا كبيرا على عاتق القضاء للتيقن من المعوقات التي تجعل الحاضن فير صالح لتحمل مسؤولية الحضانة و أمانته و القدرة على تربية المحضون و صيانته .
 و تجدر الإشارة إلى أن القضاء يتحمل مسؤولية كبرى في التأكد و التحقق من توفر الشروط المذكورة أعلاه في طالبة الحضانة و ذلك عبر القيام بمجموعة من التحريات التي من شأنها الاطمئنان على مصلحة المحضون و سلامته .

الفقرة الثانية :ا لشروط التشريعية الخاصة بالمرأة الحاضنة :


بالإضافة إلى الشروط العامة الواجب توفرها في الحاضنة و التي تم ذكرها و سنتطرق الآن إلى الشروط الخاصة بالمرآة و التي ميز المشرع فيها بخصوص حضانة أم المحضون و من ليست بأمه .
 - 1زواج الحاضنة غير الأم :
الحاضنة غير الأم هي الجدة من جهة الأم أو من قررت المحكمة اسناد الحضانة إليه تطبيقا لمقتضيات المادة 171 و القاعدة أنه يشترط في صاحبة الحضانة غير الأم ألا تكون متزوجة و أن زواجها إن حدث و هي حاضنة يسقط حضانتها إلا في الحالات التالية :
الحالة 1 : إن كان زوجها قريبا محرما من المحضون : 
أي من أقاربه الذين يحرم عليه الزواج منهم على فرض أنه أنتى فإن كان مثلا : المحضون أنثى لا تسقط حضانة المرآة إذا تزوجت عم المحضونة .
الحالة 2: اذا كان الزوج نائبا شرعيا : 
فإذا تزوجت الحاضنة غير الأم النائب الشرعي للمحضون لا تسقط حضانتها حتى و لو كان هذا النائب الشرعي غريبا عنه .
الحالة 3 : إذا كانت الحاضنة نائبا شرعيا : 
فالحاضنة غير الأم لا تسقط حضانتها إذا كانت نائبا شرعيا للمحضون حتى و لو تزوجت شخصا غريبا عنه و لا تمت بأية صلة قرابة بالصغير 
 -2زواج الحاضنة الأم : 
و التي نصت عليها المادة 175 و هذا النص الخاص بزواج الحاضنة الأم يشترك مع النص السابق الخاص بزواج الحاضنة غير الأم في شرطين 1 و 2 من المادة 174 و الجديد في المادة 175 أن زواج الأم لا يسقط حضانتها مطلقا متى كان المحضون صغيرا لم يتجاوز عمره سبع سنوات أو تجاوز هذا السن غير أنه قد تأكد أن الطفل المحضون قد يلحقه ضرر من فراق أمه أو اذا كان المحضون مصابا بعلة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غير أمه .
هكذا يتضح جليا انه أصبح من الصعوبة بمكان إسقاط الحضانة عن الأم رغم زراجها لأن مصلحة الطفل تقتضي في أغلب الحالات بقاءه إلى جانب أمه . 
إلا أنه إذا تضح أن الوضع الجديد الذي أفرزه زواج الحاضنة يتضرر منه المحضون بشكل واضح . يمكن اعتماد المقتضيات التي تسمح للمحكمة بإعادة النظر في الحضانة فقرة الأخيرة من المادة 173.
و تجدر الإشارة في الأخير إلى أن تنازل الأب عن حقه في الحضانة لفائدة الأم مقابل تحملها لنفقة المحضون بأشهاد الطرفين عليه و مصادقة الاب عليه بإبقاء أولاده مع والدتهم و تحملها لجميع مصاريفهم من نفقة و لباس عليه بالإبقاء أولاده مع والدتهم و تحملها لجميع مصاريفهم من نفقة و لباس و سكنى و تمد رس و تطبيب ، فمن سعى إراديا إلى التنصل من حقوق أطفاله لا يستحق حضانتهم .

 -3سكوت من له الحق في الحضانة مدة سنة بعد علمه بالبناء يسقط حضانته إلا لأسباب قاهرة :
يلاحظ أن المشرع حاول قدر الإمكان أن يجعل الحضانة من نصيب الأم ، و أساسنا في ذلك مقتضيات المادة 176 التي جاءت كامتياز الأم دون الأب .
فبالعودة لأحكام هذه المادة فالحضانة تسقط بسكوت من له الحق فيها بمرور سنة بعد علمه بالبناء .
و إن كان هذا هو المبدأ العام ، فإن الاستثناء هو أن من له الحق في الحضانة أن يتمسك بها بعد سكوته عنها و مرور سنة محتجا بوجود أسباب قاهرة حالة بينه و بين المطالبة بهذه الحضانة .
و في الأخير لا يسعني القول إلى أن إخلال أحد الشروط اللازمة للحضانة يحول دون إمكانية قيامها ,أي غياب أحد الشروط يؤدي إلى سقوط الحضانة .

المبحث الثاني :الاخلال بأحكام الحضانة و اشكالاتها : 

من خلال ما سبق فالمشرع المغربي نظم شروط الحضانة و استحقاقها و معاييرها ،على النحو الذي اسلفناه ، فمن خلال التأمل نجد ان مصلحة المحضون هو المبدأ الذي يخضع له كل الحالات المتعلقة بمسقطات الحضانة او التنازل عنها و قد جرى على ذلك القضاء المغربي باعتبار ”مصلحة المحضون ” المرشد الواجب حذوه هنا،اذ كلما كانت المصلحة حاضرت كانت الحضانة قائمة و كلما انتفت المصلحة، سقطت الحضانة. 

المطلب الأول : حالات سقوط الحضانة و دور القضاء في حماية مصلحة المحضون:

يرتبط موضوع سقوط الحضانة أشد لارتباط بتوفر شروطها، و بإثبات تلك الشروط ، و لأن الحاضن،  
في حالة اختلال شروط الحضانة في جانبه ، لا يتصور منه أن يتخلى عنها بكيفية تلقائية ، فإن الامر يحتاج إلى رفع دعوى قضائية ،متى تبين أن هناك مساس بمصلحة المحضون, و إتحاد جميع الاجراءات الكفيلة بذلك.
لذلك سنقسم هذا المطلب الى فقرتين : 

الفقرة الاولى : حالات سقوط الحضانة : 

1- حالة زواج الحاضنة بأجنبي: 
كما تم سرده سابقا في الشروط الخاصة التي يجب توفرها في الحاضنة كما هو الشكل في المادتين 174 و 175 من المدونة. ان القاعدة ، الحضانة تسقط بسبب الزواج بغير قريب محرم ، و الواضح من المادتين
اتتنا باستثناءات ، للقاعدة المذكورة جاءت رعاية لمصلحة المحضون ، جاءت ترمي إلى غرض و هو
 إبقاء الطفل مع أمه أقصى مدة ممكنة ، لكون الأم لا أحد يعوض حنانها ، و غريزة الأمومة أقوى من
أي عطف يمكن أن تقدمه حاضنة أخرى ..
فالقاعدة هنا صارمة و جامدة،لا كنها تلين إذا تعلق الأمر بالحاضنة الأم. وعلاوة على ذلك ، فهذه الاستثناءات تشير ضمنيا أن إسقاط الحضانة بالزواج ، لكن القاضي يجب أن ينشغل قبل كل شيء بمصلحة
 المحضون ، يتوجب للاستفادة من الإستثناء المنصوص عليه في المادة 174 من مدونة الأسرة أن يكون زواج الحاضنة بشخص تجمعه قرابة مباشرة بالمحضون.
وتطبيقا لكل هذا ، قضت المحكمة الابتدائية بأكادير حكما صادرا بتاريخ 4 يونيو 1998 في قضية تتلخص وقائعها في أن المدعي طلب اسقاط الحضانة عن الأم الحاضنة و إسنادها له بسبب زواجها من زوج أجنبي.
“حيث أن الحضانة أجازت أن البنت المحضونة مصابة بمرض القلب و يغمى عليها باستمرار و في 
حاجة مستمرة إلى الرعاية و هذا ما أكدته الشهادة الطبية...
حيث صرح المدعي أنه يعمل كبائع متجول مما يتضح معه الغياب باستمرار و تعذر القيام بمراقبة البنت و حيث ان المعمول فقها ، أنه إذا كان يخشى على المحضون أن يصاب في عقله أو جسمه أو صحته لو
 نزع ممن هو في حضانته فيبقى لها و لو سقطت. فالقاضي إذن لا يجب أن ينشغل بزواج الحاضنة ، بقدر انشغاله براحة المحضون المعنوية. و من ثم نرى منح القاضي سلطة تقديرية. في هذا المضمار،إذ على ضوء الاعتبارات يضع نصب أعينه مصلحة المحضون ،و خاصة إذا كانت هناك تدخل في حالات 
الضرورة بناءا على القواعد الفقهية القائلة ” لا ضرر و لا ضرار” و ”و الضرر يزال” و“العادة محكمة ” و غيرها من القواعد الأخرى:
و هذا ما اقره قانون الأحوال الشخصية لدولة الإمارات العربية المتحدة ، في المادة 211 على أن ” زواج الحاضنة بغير محرم للصغير لا يسقط حقها في الحضانة و للقاضي أن يمنعها من الحضانة إذا رأى إستمرارها منافيا لمصلحة المحضون”
و صار على نفس المنوال القضاء المصري (1) الذي قرر بأنه ”خلو الحاضنة من الزواج الأجنبي كشرط من شروط صلاحيتها للحاضنة يخضع لتقدير القاضي فله أن يبقي الصغير في يدها إذا اقتضت 
مصلحته ذلك اتقاء لأشد الأضرار بارتكاب أخفها ”(2)
و قول أستاذنا الخمليشي قائلا ” فإننا نميل إلى القول بأن زواج الحاضنة و بالأخص الأم ، لا يسقط 
حضانتها تلقائيا و بقوة القانون إذ لا ينبغي أن يفصل الولد عن أمه إلا لضرورة سيما في السنين الأولى
من عمره .نعم يبقى الزواج من الوقائع التي يمكن أن يستند إليها القاضي لإنهاء الحضانة ، متى تبين له من ظروف و ملابساتها أن مصلحة المحضون تتطلب هذا الانتهاء”

2- انتقال المحضون :
إذا تبتت الحضانة للأم ، ما صح لها أن تمنع الأب من زيارة المحضون و الإطلاع على أحوال أحواله،خاصة أنه نائبه الشرعي و إذا وقعت الحضانة للأب و ثبتت فإنه يقع عليه ذات الإلتزام .بقوله تعالى : ”لا تضار والدة بولدها و لا مولود له بوالده ”.
 فحق الزيارة يعتبر من النظام العام لا يمكن الإتفاق على منعه أو اسقاطه، فتنظيم الزيارة بين الأبوين يتم تحديده بدقة بمقرر إسناد الحضانة إلا في بعض الأحيان قد يتعسف من له حق الحضانة لذلك كان القضاء صارم في حالة ما إذا تبث له تهاون أو تحايل يصل إلى حد إسقاط الحضانة. 
-قرار محكمة النقض عدد 446 بتاريخ 28/09/2005 ”إن الاتفاقية المتضمنة لشروط تسليم المحضون
 لولدها للمكوث معه خلال مدة معينة تحت طائلة سقوط الحضانة هي اتفاقية ملزمة لأطرافها.ثبوت امتناع الحاضنة عن تنفيذ مضمون الإتفاق -خرق لإرادة الأطراف عدم تسليم المحضون-النقض...نعم (3) ص 207 و ما بعدها ”المنازعات الأسرية ” ادريس الفاخوري طبعة 2015

-حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية بوجدة قسم قضاء الأسرة بتاريخ 16/06/2011 ” تزامن وقت زيارة المحضون مع وقت عمل الأب يعطي لهذا الأخير الحق للمطالبة بتغير وقت الزيارة (4) ص213 
و ما بعدها نفس المرجع السابق.
-حكم عدد 96/05 بتاريخ 03/02/2005. القاعدة ”إذا اصبح تنظيم الزيارة المقررة باتفاق الطرفين أو بمقرر قضائي ضار بأحد الطرفين أو بالمحضون أمكن مراجعته و تعديله و ذلك تطبيقا للمادة 183 من مدونة الأسرة . 

3- الإنتقال بالمحضون : 
فيما يتعلق بانتقال المحضون ، أي السفر به داخل أو خارج المغرب ، نظمه المشرع في المادتين 178 و 179 من مدونة الأسرة. يتضح من خلال المادة 178 من المدونة أن إنتقال الحاضنة أو النائب الشرعي 
الإقامة من مكان لآخر داخل المغرب لا يسقط الحضانة ، إلا في حالة ثبوت ما يوجب السقوط و بذلك 
يكون المشرع قد استبعد الأحكام الخاصة بالمذهب المالكي بحيث أن سفر الحاضنة بالمحضون بعيدا عن
 المكان الذي يوجد به الولي يسقط حضانتها. فبمجرد انتقال الحاضنة إلى مدينة العيون مثلا و الأب في 
طنجة .
يبرر سقوط الحضانة لأن في ذلك إرهاق للأب في ممارسة حقه في الزيارة و المراقبة و التوجيه.. 
حيث قال محمد كشبور : أن مقرر المشرع في آخر المادة 178 يتناقض في ظره ما جاء في مقدمته و
 آ خرها إذ أن الإنتقال لا يسقط الحضانة داخل المغرب ثم عاد و قرر ثانيا أنه يجب مراعاة الظروف 
الخاصة بالأب و النائب الشرعي و المسافة الفاصلة بين المحضون و أبيه أي مراعاة الأحكام الإمام 
مالك
-ا لانتقال بالمحضون داخل المغرب لا يسقط الحضانة إلا استثناء، 
- أما أنتقال المحضون خارج المغرب يشكل عائقا أمام أبيه أو نائبه الشرعي في الإشراف و التوجيه و ممارسة حق الزيارة لهذا نجد أن المشرع نص في المادة 179 من مدونة الأسرة على أحكام هذا السفر:
فهناك حالة السفر المؤقت و حالة الإستقرار :
ففي حالة السفر المؤقت بالمحضون إلى الخارج لا بد للمحضون من موافقة نائبه الشرعي، و كذا للنيابة
 العامة أن ترفع دعوى تلتمس فيها منع السفر بالمحضون،و يتم تضمين هذا الطلب قرار اسناد الحضانة و في قرار لاحق. و يمكن اللجوء إلى قاضي الإستعجالي لمنع السفر المحضون في حالة الإستعجال القصوى (المادة 149 ق.م.م).
لكن قد تكون هناك ضرورة تستدعي السفر المحضون خارج التراب الوطني فيرفض النائب الشرعي منح الموافقة على ذلك، هنا يمكن للحاضنة اللجوء بدورها إلى قاضي المستعجلات لاستصدار إذن بذلك بعد أن يتأكد هذا الأخير من الصفة العرضية للسفر و بالتالي العودة بالمحضون إلى أرض الوطن في المستقبل القريب { كالسفر من أجل العطلة الصيفية، أو السفر من أجل العلاج} 
- أما حالة الثانية كون هذا السفر يهدف من ورائه الحاضنة الإستقرار بصفة هائية بالمحضون خارج الوطن، مما يصعب على الأب مراقبة ولده ، فإن هذا الطلب لا يستجاب له من طرف القضاء الأسري القضاء الإستعجالي. 
كما جاء في القرار عدد 472 الصادر بتاريخ 15 أكتوبر 2008 ملف عدد 31/02/2007 الانتقال
 بالمحضون إلى الخارج دون موافقة نائبه الشرعي -يسقط الحضانة -الأساس القانوني المادة 179 م.أ
.( أنظر الملحق(
- قرار رقم 353 محكمة النقض سنة 25/06/2008 ملف شرعي عدد 10/02/2008 القاعدة ( يتوجب
 على الزوج الذي يدعي سفر مفارقته بأبنائه إلى الخارج مما يؤثر على حقه في الرقابة و توجيه أن يثبت ما ما يدعيه تحت طائلة رفض الطلب بإسقاط الحضانة عن مفارقته.( أنظر الملحق)           

الفقرة الثانية : دور القضاء و النيابة العامة في حماية مصلحة المحضون 

فيما يتعلق بالنيابة العامة تعتبر طرف اصلي في جميع القضايا الرامية الى تطبيق احكام مدونة الاسرة كم جاء في المادة 3 من المدونة, و في هدا الصدد قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في ملف عدد 2712\ 2005 وبناء عريضة النقض بتاريخ 6/2/2007 حيث تعيب الطاعنة القرار المطعون فيه بخرقه لمقتضيات المادة 3 لدلك وجب التنصيص في ديباجة القرار . والقرار المطعون فيه لما تغاضى عن دلك يكون قد خرق المادة المذكورة مما عرضه للنقض
واستقراءنا لمجموعة من النصوص فيما يتعلق بالباب الخاص بالحضانة نجد النيابة العامة لها دور مهم في حماية المحضون .
حيث نجد المادة 165 اعتمدت هده المادة قاعدة البحث عن مصلحة المحضون خاصة في غياب الابوين مما يحتم على المحكمة اختيار من يقوم بالحضانة من بين الاقربين الصالحين لها المتوفرين على شروطها و عند انعدام توفر هده الشروط فمن المؤسسات الصالحة للحضانة وعلى من يعنيه الامر او النيابة العامة التدخل لحماية مصلحة المحضون بتقديم طلب الى المحكمة لاختيار من تراه مؤهلا لحماية مصلحة المحضون و تنص المادة 177 على انه رغبة في توفير حماية المحضون و رعايته اوجب المشرع بالإضافة الى الاب و الام والأقارب من جهة الابوين معا وغيرهم ممن يلاحظ ان المحضون يتعرض الى سوء المعاملة و ان حاضنه لا يقوم اتجاهه بالمهام الكفيلة به من رعاية صحية و عناية وتربية فعلى هؤلاء و بمجرد ملاحظة هاته الاضرار ان يخبروا النيابة العامة بكل ما يتعرض له المحضون حيث تعمل النيابة العامة برفع الامر الى المحكمة التي تتخذ كل اجراء ملائم بما في دلك اسقاط الحضانة على من يمارسها فدور النيابة العامة هنا هو دور حمائي اضافة الى دلك نجد المادة 179 و التي تؤكد على لا يمنع الحاضن من السفر بالمحضون الى خارج المغرب ادا وافق النائب الشرعي لكن في غياب موفقة هدا الاخير فان له او النيابة العامة تقديم طلب للمحكمة لمنع الحاضن فس داك سواء اثناء النظر في اسناد الحضانة او بمقضى قرار لاحق وتتولى النيابة العامة مهمة السهر على تنفيذه .
اما بخصوص القضاء نجد ان المشرع من خلال مدونة الاسرة يؤكد على الاشراف الفعلي للقضاء ودلك لحسن تطبيق المقتضات المتعلقة بالحضانة فالقضاء يتحمل مسؤولية كبيرة في التاكد والتحقق من توفر الشروط لطالب الحضانة ودلك عبر القيام بمجموعة من البحوت من شانها الحفاظ على مصلحة المحضون وهدا ما تم تضمينه في الفقرة الاخيرة من المادة 
و المادة 170 تنص على دور المحكمة في حمايتها لمصلحة المحضون فحسب هدا النص التشريعي انه يبقى للمحكمة في جميع الاحوال ولو كانت الحضانة بين ايدي مستحقيها ان تعيد النضر في ما ادا كان في دلك مصلحة المحضون بحيث لها ان ترفض تلك الاستعادة او تحول الحضانة لطرف ثالت شريطة ان تبرر موقفها بكيفية مقبولة اما فيما يخص مراقبة المحضون و حتي يكون تقدير المحكمة لمستوى السكن مستندا على مبررات سليمة ادا لم تكن متوفرة على العناصر الكافية يمكن لها ان تستعين بتقرير من المساعدين الاجتماعيين المؤهلين لابرازعناصر التقدير و لمتابعة اطوار الحضانة و هدا ما تم التنصيص عليه في المادة 172 و هناك المادة 182 التي تعرضت لحالة عدم اتفاق الابوين على الزيارة بينهما للمحضون فأسندت دلك الى المحكمة التي يتعين عليها تنظيم الزيارة اما اتفاقا او قضاءا حيث يتعين عليها تنظيم ا الزيارة زمانا و مكانا و المحكمة عندما تريد تحديد دلك ان تراعي ضروف الابوين اما فيما يخص اجراءات الاخلا بالتنفيد و تاسيسا على دلك يجب على المحكمة ان تتخد الاجراءات المناسبة كتعديل نضام الزيارة بل يمكنها امن يتتخد قرار اسقاط الحضانة و الحاصل ان للمحكمة كامل الصلاحية لاتخاد ما تراه ملائما ايضا في حالة الاخلال ببنوج الاتفاق المنضم للزيارة وهدا ما تم تضمينه فس المادة 184 من مدونة الاسرة و اخيرا يمكن القول ان المحكمة وهي تنظر في قضايا الحضانة يجب عليها ان نتضر مصلحة المحضون في جميع الاحوال تبعا للاحكام الواردة في هدا الباب حيث تعمل على تنظيم اوقات الزيارة بالشكل الدي لا يؤثر و لا يثعب المحضون وهدا ما جاء في المادة 186 و الحاصل ان المادة موضوع الشرح تؤكد على قاعدة اساسية هي ان مصلحة المحضون فوق كل اعتبار.
 

المطلب الثاني : الإشكاليات التطبيقة للمقتضيات المتعلقة بالحضانة : 

تتوزع هذه الإشكاليات إلى نوعين : الأولى ترتبط بالجانب الموضوعي لهذه المقتضيات – الفقرة الأولى – والثانية ترتبط بالجانب الإجرائي –الفقرة الثانية –

الفقرة الأولى : الإشكالات المرتبطة بالجانب الموضوعي : 

نجمل أهم هذه الإشكالات فيما يلي :
 أولا : إشكالية الحضانة في الزواج المختلط
تعتبر الحضانة من الواجبات المشتركة بين الأبوين طالما أن العلاقة الزوجية قائمة بينهما طبقا لمقتضيات المادة 164 من مدونة الأسرة .غير أنه عند انحلال الرابطة الزوجية خاصة في الزواج المختلط ،غالبا ما يثار إشكال القانون الواجب التطبيق على الحضانة .
 ويلاحظ أن القانون المغربي على غرار تشريعات العديد من الدول لايتضمن أي قاعدة إسناد صريحة تحدد كيفية حل هذا الإشكال القانوني باسثتناء ما نصت عليه المادة 9 من ظهير الوضعية المدنية للفرنسين والأجانب ، حيث أشارت إلى القانون الواجب التطبيق على الطلاق والفصل الجسماني .الشيء الذي ترتب عنه اختلاف أراء الفقه والقضاء في هذا الموضوع بين من يقول بإخضاع الحضانة للقانون المطبق على أثار الزواج أو الطلاق ومن يقول بإسناد الحضانة وفق القانون المطبق على آثار النسب أو الأصلح للطفل.
  1: إسناد الحضانة وفق القانون الذي يحكم آثار الزواج : 
ينظر أنصار هذا الرأي إلى الحضانة باعتبارها أثر من أثار الزواج ، لذا فهي تخضع لقانون جنسية الأب وقت ابرام عقد الزواج سيما في حالة قيام العلاقة الزوجية بين والدي الطفل .
إن خضوع آثار الزواج لقانون الزوج يجد سنده في أنه لا يمكن أن ينطبق عليها قانونان مختلفان ، لذا لا يعتد بجنسية الزوجة إذا اختلفت عن جنسية الزوج إلا إذا كانت هذه الزوجة وطنية ، إذ يتعين في هذه الحالة إخضاعها للقانون الوطني .
وقد أخد بهذا الرأي القانون المدني الجزائري بمقتضى القانون رقم 05/10 المؤرخ في 20 يونيو 2005 حيث اعتبر الآثار الشخصية والتي من بينها الحضانة من آثار الزواج لذلك فهي تخضع لقانون الزوج وقت انعقاد الزواج وهو نفس الرأي الذي أخد به المشرع المصري في المادة 13 من القانون المدني المصري التي جاء فيها " يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على الآثار التي يرتبها عقد الزواج بما في ذلك من أثر بالنسبة إلى المال " .
وتطبيقا لهذا الفصل اعتبر القضاء المصري ، الحضانة لا تندرج ضمن الآثار المترتبة على الزواج بل تخضع لعناصر أخرى وبالتالي لا يصح أن ينظر إليها ويطبق بشانها وبشأن صاحب الحق فيها قاعدة الإسناد الواردة في المادة 13 المذكورة .
والحقيقة أن الحضانة لئن كان مصدرها غير المباشر هو عقد الزواج الذي يخضع للقانون الشخصي للزوج عادة ، إلا أن تفكيك مؤسسة الحضانة يوجب مراعاة مجموعة من العناصر وهي سن الطفل ومصلحته ومدى ارتباطه بطالب الحضانة أو المحضون له .ونظرا لهذه الطبيعة الخاصة للحضانة فقد ظهر في الفكر القانوني رأي آخر يخضع الحضانة للقانون الذي يطبق على آثارالطلاق فكيف ذلك؟ 

 2: إخضاع الحضانة للقانون الذي يحكم آثار الطلاق :
ينطلق أنصار هذا الرأي من كون الحضانة لا يمكن أن تخضع في التطبيق إلى أحكام القانون الذي يحكم آثار الزواج ، لكون العلاقة الزوجية انتهت وبالتالي فإن يجدر بالحضانة أن تخضع في التطبيق إلى أحكام القانون الذي يحكم آثار الطلاق ومن ثم فإن جميع أثار الطلاق بحسب هذا الرأي يجب أن تخضع لقانون واحد هو قانون جنسية الزوج وقت الطلاق أو وقت رفع الدعوى بحسب الأحوال وعليه فإن هذا القانون وحده الذي سيختص بالبت في مسألة الحضانة شريطة ألا يكون متعارضا مع النظام العام في الدولة التي سيطبق فيها.
وفي هذا السياق أكد الأستاذ موسى عبود أنه بالرغم من سكوت المشرع المغربي عن تحديد القانون الواجب التطبيق على أثار الطلاق فإنه يجب التسليم بأن هذه الآثار ومن بينها الحضانة ستخضع لمقتضيات القانون الوطني لكل من الطرفين المتنازعين .ويبدو أن هذا الفقه أراد من إسناد الحضانة إلى أن القانون الوطني فقط احترام القانونين معا وإعطائهما نفس الفرص للتطبيق .وهي نفس النتيجة التي خلص إليها الأستاذ خالد برجاوي إذ أكد على أنه متى ثار النزاع بخصوص الحضانة عند انحلال الرابطة الزوجية فإن القاضي سيطبق القانون المطبق على آثار الطلاق . 
غير أنه قد يحصل التعارض بين القانونين معا الشيء الذي يدفع إلى البحث عن القانون الواجب التطبيق بعيدا عن القانون الوطني لكل من الزوجين . وفي هذا الصدد نلاحظ أن الحل الذي أخدت به مجلة القانون الدولي الخاص التونسية يبدو جديرا بالتأييد حيث نصت في الفصل 50 منه " تخضع الحضانة للقانون الذي وقع بمقتضاه حل الرابطة الزوجية أو القانون الشخصي للطفل أو قانون مقره ويطبق القاضي القانون الأفضل للطفل " ولعل أهمية هذا النص تكمن في جعله مصلحة الطفل معيارا يسترشد به القاضي للأخد بالقانون الأفضل سواء كان القانون الذي وقع بمقتضاه فصم عرى الزوجية أو القانون الشخصي للطفل أو قانون محل إقامته 
 3 : إخضاع الحضانة للقانون الذي يحكم آثار النسب :
يكيف هذا الإتجاه الحضانة بأنها حقا من الحقوق التي تدخل في إطار الولاية على النفس ، وعليه فهي لا تعد من آثار الزواج ولا من أثار الطلاق بل هي المرحلة الأولى من مراحل هذه الولاية في الشريعة الإسلامية .
وحسب هذا الإتجاه فإن الحضانة تخضع للقانون الذي يحكم البنوة الشرعية أي قانون الأب ، على أساس أن النسب لحمة شرعية بين الأب وابنه أي علاقة تنتج عنها حقوق والتزامات.
ولعل هذا الرأي يمكن الأخد به في إطار القانون المغربي لكون المادة 2 من مدونة الأسرة تنص على أن هذه المدونة تطبق على العلاقات الأسرية التي يكون فيها أحد الطرفين مغربيا كما هو الحال في هذه الروابط الدولية الخاصة المرتبطة بالحضانة الناجمة عن الزواج المختلط فضلا على أن الأخد بهذا الضابط لحل هذا التنازع الدولي بين القوانين لا ينطوي على أي تناقض مع موقف المشرع المغربي على النحو المذكور بل هو من صميم الفقه الإسلامي الذي يأخد بمبدأ " الإبن يتبع أباه في الذين والنسب " .
 هذا وبخلاف التشريع المغربي فإن بعض التشريعات المقارنة نصت صراحة على أن الحضانة تخضع للقانون الذي يحكم آثار النسب ومن بينها القانون الكويتي إذ أكد في مادته 43 على أنه " يسري قانون جنسية الأب في الولاية على النفس وفي الحضانة ". وعموما فإن مجمل الأراء التي قيل بها لما أخدت بقانون جنسية الأب كضابط إسناد لتحديد القانون الواجب التطبيق في الحضانة سواء باعتبارها من آثار الزواج أو الطلاق أو من لآثار النسب فإنها تكون بذلك قد كرست امتيازا لصالح قانون جنسية الزوج .الشيء الذي دفع بٍرأي في الفقه والقضاء إلى جعل القانون الأصلح للطفل هو الواجب التطبيق فكيف ذلك ؟

  4 : إخضاع الحضانة للقانون الأصلح للطفل : 
يذهب رأي في الفقه إلى ان الحضانة يتم إخضاعها للقانون الأصلح للطفل ، وذلك بالبحث عن ذلك القانون بين كل من القانون الواجب التطبيق على آثار الطلاق والقانون الشخصي للطفل أي قانون جنسيته .ولكن الصعوبة قد تكمن في كيفية التحقق من تواجد مصلحة المحضون من عدمها في هذا القانون او ذاك ،إذ المنطق يفرض عدم ربط البحث في هذه المصلحة بهذين القانونين فقط بل قد يحصل أن تتواجد في قانون آخر غيرهما . وفي هذا الصدد ذهبت محكمة أمستردام بهولندا إلى اعتماد معيار الموطن أو الإقامة الإعتيادية للطفل للقول بإعطاء الحضانة للأم .
ولعل ضابط المصلحة الفضلى للطفل يجد أساسه في إطار اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 إذ قررت المادة 3 منها ما يلي " في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الإجتماعية العامة أو الخاصة أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية يولى الإعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى".
وعلى غرار هذه الإتفاقية قررت مدونة الأسرة المغربية في مادتها 186 ما يلي "تراعي المحكمة مصلحة المحضون في تطبيق مواد هذا الباب" وهذا يدل على مسايرة المشرع المغرب لما تعرفه ضوابط الإسناد في الوقت الحاضر .
واعمالا لهذا الضابط الجديد فقد صدر عن محكمة النقض الفرنسية قرارا ثم التأكيد فيه على أن إسناد الحضانة بعد الطلاق اعتمادا على معايير محددة مسبقا وليس انطلاقا من معايير موضوعية تخدم مصلحة الطفل يعد مخالفا للنظام العام الفرنسي .غير أنه يبقى تقدير مصلحة المحضون من الأمور الواقعية التي يستقل بتقديرها قضاة الموضوع دون رقابة عليه من طرف محكمة النقض إلا من حيث نقصان التعليل أو انعدامه . وهذا ما أكدته محكمة النقض المغربية في قرارا لها جاء فيه " شرعت الحضانة لمصلحة المحضون كما هو الراجح وهذه المصلحة على محاكم الموضوع أن تتلمسها في كل قضية " .
ويبدو أن إخضاع الحضانة للقانون الأصلح للطفل هو الرأي الأقرب للصواب لكونه ضابط يسمح للقاضي بتوخي مصلحة المحضون وجعلها تسمو فوق كل اعتبار وترجع على غيرها من مصالح أطراف رابطة الحضانة في حال التعارض . ولكن على فرض أن القاضي فصل في النزاع المعروض عليه والمتعلق بالحضانة ذات العنصر الأجنبي على النحو الذي يحقق مصلحة المحضون إلا أن هذه المصلحة سيصبح في مهب الريح متى تعرض هذا المحضون للنقل غير المشروع من قبل أحد أبويه فكيف ذلك ؟. 

ثانيا : التطبيق العملي لمقتضيات الحضانة وإشكالته :

نجمل أهمها فيما يلي :
1 : توسيع حالات سقوط الحضانة : إلى جانب الحالات التي نصت عليها مدونة الأسرة ، أفرز العمل القضائي حالات أخرى نذكر بعضها كالأتي :
- خرق الاتفاقية المتضمنة لشروط الحضانة ، جاء قي قرار المجلس الأعلى –سابقا- عدد 446 بتاريخ 28/09/2005 في ملف شرعي عدد 611/2/1/2004 "ثبوت امتناع الحاضنة عن تنفيذ مضمون الاتفاقية ، خرق إرادة الإطراف ...شرط فاسخ وهو سقوط حقها في الحضانة ".
- إقامة الحاضنة خارج المغرب والمحضون داخله ، جاء في قرار المجلس الأعلى –سابقا- عدد 88 بتاريخ 8/2/2006 في ملف شرعي عدد 389/2/1/2005 "الحضانة هي حفظ الولد مما قد يضره قدر المستطاع والقيام بتربيته ?
تعليقات