أخر الاخبار

قراءة قانونية ومنهجية في مضامين القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور


قراءة قانونية ومنهجية في مضامين القانون التنظيمي 
رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا 
تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور.

ذ. عبد العزيز فجال 

 §       الأعمال الإدارية التي يمارسها المسؤول "المكلف" خلال المدة التي تتجاوز ثلاثة (3) أشهر هي أعمال تنتفي فيها شرعية التكليف، وفق منطوق النص. وبالتالي، فهي مشوبة بعيب الاختصاص ومخالفة القانون، أي أنها تصرفات باطلة وغير مشروعة.
 §       انقضاء مدة "التعيين" المحددة قانونيا في خمس (5) سنوات، دون تجديدها أو إجراء حركية داخل القطاع المعني، هو إعلان ضمني بانقضاء مدة التعيين في المنصب المذكور. وبالتالي، فالأعمال والتصرفات الإدارية الناتجة عنها هي أعمال باطلة وغير مشروعة بقوة القانون.
 §       الفقه القانوني: لا يمكن الخروج عن المدة أو الأجل المحدد في النص القانوني، لما له من أثر على استقرار الأوضاع الإدارية والمراكز القانونية.
 §       الاجتهاد القضائي: "عدم مشروعية قرار "التكليف" بمرور الأجل المحدد بالمرسوم رقم 2.12.412. وحاصل ذلك أن القرار المطعون فيه يكون خارقا للدستور وللقانون التنظيمي رقم 02.12 وللمرسوم رقم 2.12.412 ومخلا بمبادئ تكافؤ الفرص والاستحقاق والكفاءة والشفافية، مما يجعله مشوبا بعيب مخالفة القانون "(1).

أثار انتباهي مضمون الحوار الذي أجراه الصحفي المحجوب الدريوش المنشور بجريدة "العلم"، عدد 23374 بتاريخ 18 نونبر 2015، مع الأستاذ محمد الهيني، عضو مؤسس بنادي القضاء ونائب سابق للوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، حول القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور، وكذا المرسوم رقم 2.12.412 الصادر في 11 أكتوبر 2012 بتطبيق أحكام المادتين 4 و 5 من القانون التنظيمي رقم 02.12 فيما يتعلق بمسطرة التعيين في المناصب العليا التي يتم التداول في شأن التعيين فيها في مجلس الحكومة، فضلا عن عدم التطبيق السليم لأحكام هذا القانون التنظيمي من طرف بعض القطاعات الحكومية، كقطاع التربية الوطنية.

والواقع، أن اهتمامي بالمقال الحوار يرجع بالدرجة الأولى إلى بعض الإشكاليات التي يطرحها القانون التنظيمي رقم 02.12، وأيضا إلى اللغط الذي صاحب مناقشته في البرلمان، فضلا عن التعليقات والمؤاخذات القانونية التي رافقت تطبيقه على أرض الواقع.

وكنت آمل أن تكون قراءة الأستاذ الهيني، من موقعه وتجربته كقاض سابق، قراءة مستفيضة ومقلقة لبعض الجوانب التي تحتمل أكثر من قراءة، واستجلاء بعض الغموض واللبس الذي يلف الهندسة الانشائية لهذا النص، وكذا التأويل المغرض لفحوى بعض مقتضياته من طرف بعض القطاعات الحكومية.

لكن، للأسف، لم تكن أجوبة الأستاذ الهيني شافية بقدر وسعة الأسئلة المطروحة، لاسيما وأن باب الاجتهاد والتأويل يحتمله النص، خاصة في القضايا المرتبطة بالإجراءات الشكلية لمسطرة التعيين، وكذا التقيد بفحوى وأحكام النص التشريعي.

أما القول بأن القانون التنظيمي رقم 02.12 يكتسي دلالة سياسية، فهو أمر مردود عليه، لأن هذا النص جاء في إطار ملائمة النصوص القانونية المرتبطة بالتعيين في المناصب العليا مع مستجدات الوثيقة الدستورية، تطبيقا للفصل 49 و92 من الدستور، خاصة الفقرة الأخيرة منه التي تنص على أن مجلس الحكومة، تحت رئاسة رئيس الحكومة، يتداول في القضايا المرتبطة بتعيين الكتاب العامين، ومديري الإدارات المركزية بالإدارات العمومية، ورؤساء الجامعات والعمداء، ومديري المدارس والمؤسسات العليا، وأيضا تكييف المنظومة القانونية للتعيين في المناصب العليا مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الموقعة بنيويورك في 31 أكتوبر 2003، التي صادق عليها المغرب بتاريخ 9 ماي 2007، حيث تنص في مادتها السابعة على اعتماد نظام للتوظيف يقوم على مبادئ الكفاءة والشفافية والمعايير الموضوعية، مثل الجدارة والإنصاف والأهلية في اختيار  الأفراد لتولي المناصب العمومية وضمان تناوبهم على المناصب عند الاقتضاء، واعتماد تدابير تشريعية وإدارية مناسبة، بما يتوافق مع أهداف الاتفاقية لوضع معايير تتعلق بالترشيح للمناصب العمومية.

وبخصوص لائحة المؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتيجية التي يتم تعيين المسؤولين عنها في المجلس الوزاري فيبلغ عددها واحد وأربعون (41)، وليس تسعة وثلاثون (39) كما ورد في المقال، منها أربعة وعشرين (24) مؤسسة عمومية وليس عشرين (20)، وسبعة عشرة (17) مقاولة عمومية استراتيجية وليس تسعة عشرة (19)، وذلك طبقا للقانون التنظيمي رقم 12.14 بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور.

وبالرجوع للسؤال المتعلق ب"مدى قانونية التفاف بعض القطاعات الحكومية، كالتربية الوطنية مثلا، من خلال تكليف أشخاص بعينهم، وبعد مرور مدة يتم تثبيتهم، أو إعطائهم نفس المهمة في مكان آخر"(2)، فإن جواب الأستاذ الهيني كان فضفاضا وغير دقيق. كما أن الإحاطة ببعض الأسئلة، في مجملها، ظلت حبيسة النص، حتى في بعض الإشكاليات التي تساءل النص وتقتضي الاجتهاد والتأويل. فمثلا السؤال المتعلق بمدى قانونية تعيين شخص في منصب سام تتجاوز خمس (5) سنوات أو أكثر، لم يتجرأ المحاور على إثارة مفهوم تجاوز القانون أو حتى طرح مفهوم المشروعية، وفق ما نصت عليه المادة العشرون (20) من القانون رقم 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية.

والحالة هاته، أن المادة 11 في فقرتها الثالثة من المرسوم رقم 2.12.412 تنص على أنه "يمكن للسلطة المعنية أن تكلف مؤقتا ولمدة لا تتجاوز ثلاثة (3) أشهر، من داخل الإدارة أو المؤسسة العمومية مسؤولا بالنيابة في منصب شاغر لأي سبب من الأسباب."

ويستنتج من هذا المقتضى، أن السلطة المعنية بالاختصاص لها كامل الصلاحية في تكليف من تراه مناسبا للقيام بمهام المنصب الشاغر، شريطة احترام المدة الزمنية المنصوص عليها في المادة 11 من المرسوم رقم 2.12.412.3.

فالسلطة التقديرية للإدارة، في هاته الحالة، تمنحها حرية الاختيار والتصرف في تكليف من تراه أهلا ومناسبا لشغل المنصب الشاغر من غير التقيد بالكيفيات والشكليات المنصوص عليها في المادة الثالثة من المرسوم رقم12.412.3 بتطبيق أحكام المادتين 4 و5 من القانون التنظيمي رقم 02.12 فيما يتعلق بمسطرة التعيين في المناصب العليا التي يتم التداول في شأن التعيين فيها في مجلس الحكومة، إلا أنها تبقى سلطة غير مطلقة مادامت مقيدة بفترة زمنية محددة.

وعليه، فمسألة "التكليف" لها سندها القانوني والمرجعي، وفق الكيفيات والشروط المحددة في النص. لكن الإشكال القانوني الذي لم يتم التطرق إليه، هو الحالة التي يتم فيها تجاوز المدة المحددة في النص، أي عدم التقيد بالمهلة المحدد في ثلاثة (3) أشهر:
ü    ما هي الجزاءات المترتبة عن ذلك؟
ü    وماهي الآثار القانونية المترتبة عن التصرفات والأعمال الإدارية التي مارسها المسؤول المكلف بعد المدة المحددة في المادة 11 من المرسوم رقم 2.12.412؟

الواقع، أن المشرع لم يتطرف إلى الجزاءات المترتبة عن هذا التجاوز، وترك باب الاجتهاد مفتوحا للجهة القضائية المختصة لتوقيع الجزاءات المترتبة عن مخالفة فحوى النص، علما أن المسؤول خلال مدة تكليفه، يمارس بعض الاختصاصات ذات التأثير المباشر على المرفق العمومي في علاقته بالمرتفقين والمتعاملين معه.

 فمدة "التعيين" أو "التكليف" هي الفترة الزمنية المحدد قانونيا لممارسة الحق أو المطالبة به، وفقا للضمانات المنصوص عليها في القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور، وانقضاؤها يؤدي، بطبيعة الحال، إلى بطلان الأعمال والتصرفات الإدارية المترتبة عنها.

ويستفاد من هذا التحديد، أن المشرع إنما ترك للإدارة مهلة ثلاثة أشهر لتدبير واستكمال مسطرة التعيين دون الخروج عن المقتضيات المنصوص عليها في ذات النص، كما أن المشرع أراد التقيد بمبدأ توازي الشكليات، كإحدى قواعد النظام العام، لتفادي الخروج عن المشروعية، واحترام القاعدة العامة للتعيين في المناصب العليا المبنية على مبادئ ومعايير محددة ودقيقة.
فالمشرع المغربي بتحديده مدة "التعيين" و"التكليف" إنما أراد حماية المراكز القانونية للمسؤولين المعنيين، وكذا العمل على استقرار الأوضاع الإدارية. وهو نفس الاتجاه الذي أكده حكم المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها الصادر بـتـاريخ 24 يونيو2016، حيث اعتبرت " إن تجاوز مدة تفعيل ما سمي " قرار التكليف" في النازلة لثلاثة أشهر وعدم توجيهه في منحى تعيين مسؤول بالنيابة فقط، يجعله منتقلا من طابعه المحدد في الزمن المحصور في المدة أعلاه باعتباره مناط تحديد مجال تدخل الوزير".
ولذلك فإن "القرار لما صدر لمدة غير محددة واستمر تنفيذه لمدة تتجاوز ثلاثة أشهر يكون قد ترتب عنه سحب الاختصاص من رئيس الحكومة لشغل المنصب المذكور"
وهو "منحى مخالف للمستقر عليه دستورا وقانونا وقضاءً وفقها، وأن ما يترتب عن الإلغاء من آثار تؤدي إلى شغور منصب المسؤولية موضوع الطعن، لا يشكل مانعا قانونيا يحول دون تدخل المحكمة للتصريح بعدم مشروعية القرار بعد أن رفع أمامها الطعن، لأن هذا الشغور يعد نتيجة لعدم قانونية القرار بسبب ما ارتكبته الإدارة من خطأ متمثل في عدم تصحيحها للوضع بالإعلان عن فتح باب الترشيحات داخل ثلاثة أشهر وبالتبعية عدم تعيين مسؤول وفقا للمسطرة القانونية، لكون المشرع نص صراحة على عدم صلاحية الوزير في تعيين مسؤول بالنيابة لمدة تتجاوز الأمد المذكور، بما يستفاد منه أن مسطرة التعيين ينبغي أن تستنفذ جميع إجراءاتها داخل هذا الأجل، والقول بخلاف ذلك يكون مخالفا لصريح المادة 11 المذكورة ومناقضا للأهداف الدستورية والتشريعية بتنظيم مسطرة للتعيينات تتحقق باعتمادها الشفافية ويراعى بتفعيلها تكافؤ الفرص، وهو ما يؤدي لاعتبار مدة الثلاثة أشهر ملزمة والنص على صلاحية الوزير للتعيين في إطارها استثناء من أصل إسناد الاختصاص لرئيس الحكومة"(3).
فتجاوز مدة الثلاثة (3) أشهر المنصوص عليها في المادة 11 من المرسوم رقم 2.12.412 الصادر في 11 أكتوبر 2012 بتطبيق أحكام المادتين 4 و5 من القانون التنظيمي رقم 02.12 فيما يتعلق بمسطرة التعيين في المناصب العليا التي يتم التداول في شأن التعيين فيها في مجلس الحكومة يعتبر مخالفا للقانون وتدخلا في اختصاصات وصلاحيات رئيس الحكومة.

وعليه، فإن الأعمال الإدارية التي يمارسها المسؤول المكلف خلال المدة التي تتجاوز ثلاثة (3) أشهر هي أعمال تنتفي فيها شرعية التعيين وفق منطوق النص. وبالتالي، فهي أعمال مشوبة بعيب الاختصاص ومخالفة القانون، أي أنها تصرفات باطلة وغير مشروعة.
ونفس الأمر، ينطبق على المسؤولين الذين يتم تعيينهم في المناصب العليا المشار إليها في البند (ج) من الملحق رقم (2) المرفق بالقانون التنظيمي رقم 02.12، حيث تنص المادة العاشرة من المرسوم رقم 2.12.412، على أن التعيين في هذه المناصب يتم لمدة خمس (5) سنوات تجدد تلقائيا، لمدة خمس (5) سنوات أخرى، باقتراح من السلطة الحكومية المعنية. كما يمكن، في إطار الحركية، عند انقضاء مدة التعيين أو قبل ذلك، تنقيل شاغلي المناصب العليا لتولي منصب آخر من نفس المستوى داخل نفس القطاع أو في قطاع آخر أو مؤسسة عمومية، مع مراعاة خصوصيات المنصب المراد شغله. ويتم هذا التعيين، وجوبا، بمرسوم بعد التداول بشأنه في مجلس الحكومة، وباقتراح من السلطة الحكومية المعنية.
فالمشرع ترك خيارات متعددة للسلطة المعنية لتدبير واستكمال إجراءات مسطرة التعيين في المناصب العليا، سواء عن طريق تجديد التعيين أو إجراء حركية داخل القطاع المعني، شريطة احترام الشكليات المنصوص عليها في المادة العاشرة من المرسوم رقم 2.12.412.
ولعل الحكمة التي أرادها المشرع من هذا التحديد، الذي تم تأكيده في الرسالة الملكية الموجهة إلى الوزير الأول بتاريخ 15 نونبر 1993، وكذا منشور الوزير الأول رقم 98/40 بتاريخ 22 شتنبر 1998، هو دمقرطة منظومة التعيين في المناصب العليا من خلال تأمين وضمان دورة النخب، وتجديد العنصر البشري وضخ دماء جديدة في مسار تطوير وتجويد الإدارة وإعادة الثقة في أعمالها، وكذا نبذ كل الظواهر السلبية التي تسيئ للمرفق العمومي (المحاباة، المحسوبية، الحزبية، الرشوة...)، لاسيما وأن تطبيق نظام الحركية الإدارية، الذي أقرته الرسالة الملكية السامية، يهدف في المقام الأول إلى تجنب بقاء الموظف المسؤول في نفس المنصب ونفس المركز لمدة تتجاوز المدة المسموح بها قانونيا، تفاديا لتعثر سير الادارة ونشوء عادات تخل بحسن تدبيرها، ولما له من انعكاس مباشر على حسن تدبير المرافق العمومية وعلى مستوى الخدمات المقدمة، وفق ما جاء في المنشور المذكور أعلاه.
وصفوة القول، فإن تحديد المدة الزمنية من طرف المشرع هو إلزام السلطة المعنية للتقيد بالنص، أي الالتزام بالمشروعية، باعتبار أن "القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له" طبقا لم ينص عليه الفصل السادس من الدستور.
وعليه، فإن انقضاء مدة التعيين المحددة قانونيا في خمس (5) سنوات، دون تجديدها أو إجراء حركية داخل القطاع المعني، هو إعلان ضمني بانقضاء مدة التعيين في المنصب الذكور. وبالتالي، فالأعمال والتصرفات الإدارية الناتجة عنها هي أعمال أيضا مشوبة بعيب الاختصاص ومخالفة القانون، أي أنها تصرفات باطلة وغير مشروعة بقوة القانون.
ومما لا مراء فيه، أن أي طعن في التصرفات والأعمال الإدارية التي باشرها المسؤول خلال هذه المدة، أي المدة التي تتجاوز خمس (5) سنوات، لدى الجهات القضائية المختصة سيفضي حتما إلى إلغاء جميع القرارات المتخذة خارج المدة المحددة قانونيا.
فالقاضي الإداري، في هاته الحالة، باعتباره قاضي المشروعية، لا يحتاج إلى أدنى اجتهاد أو تأويل لإصدار حكم بإلغاء جميع القرارات والأعمال الإدارية التي تمت خارج المهلة الزمنية المحددة في النص القانوني، لأن القرار الإداري يجب أن يصدر عن سلطة إدارية ذات أهلية قانونية، لاسيما وأن مفهوم الاختصاص هو أساس وجوهر المشروعية، فضلا عن أن القاضي الإداري لا يناقش الطعن في القرارات الإدارية إلا من حيث مخالفتها أو مطابقتها للمشروعية اعتمادا على المبدأ العام " القاضي يقضي ولا يدير".
وهو نفس المقتضى الذي نصت عليها المادة العشرون (20) من القانون رقم 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية، إذ نصت على أن "كل قرار إداري صدر من جهة غير مختصة أو لعيب في شكله أو لانحراف في السلطة أو لانعدام التعليل أو لمخالفة القانون، يشكل تجاوزا في استعمال السلطة، يحق للمتضرر الطعن فيه أمام الجهة القضائية الإدارية المختصة". كما عن أن الإدارة المعنية، في هاته الحالة، تكون مسؤولة عن خطئها، باعتبار أن الخطأ يرتكز في جوهره على ارتكاب فعل غير مشروع، وفق منطوق الفصل الثامن والسبعون (78) من قانون الالتزامات والعقود الذي عرف الخطأ بأنه " ترك ما كان يجب فعله أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه، وذلك من غير قصد لإحداث الضرر". لأن الإخلال بالالتزامات القانونية هو الذي يشكل جوهر العنصر المادي للخطأ، ولا فرق بين أن يكون هذا الخطأ مقصودا أو غير مقصود. وهي مسألة جد معقدة، خصوصا إذا كان المسؤول يمارس أعمالا وتصرفات إدارية ومالية ذات طبيعة حساسة، مثل المصادقة على الصفقات، التوقيع على الوثائق والتصرفات الإدارية المرتبطة بنقل وتعيين الموظفين والاقتطاع من أجورهم...
وهو ذات الرأي الذي تبنته الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، في تقريرها السنوي، حيث دعت إلى التطبيق السليم للمقتضيات المسطرية الضامنة لمبادئ التنافس الشريف على جميع المستويات، كما شددت على ضرورة التقيد بالمدة المحددة قانونيا في روح التشريع، أي خمس (5) سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، والحرص على توخي التداول على ممارسة المسؤولية مع مراعاة المساواة وتكافؤ الفرص ونبذ جميع أشكال التمييز.
والجدير بالذكر، أن الإعلان عن فتح باب الترشيح لشغل إحدى المناصب العليا المنصوص عليها في البند (ج) من الملحق رقم (2) يتم ضمنيا في إطار تعاقدي لمدة خمس (5) سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وفق النموذج المحدد بموجب قرار الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة رقم 3448.12 الصادر في 25 من ذي القعدة 1433 ( 12 أكتوبر 2012) بتحديد المطبوع النموذجي المنصوص عليه في  المادة 3 من المرسوم رقم 2.12.412 الصادر في 24 من ذي القعدة 1433 (11 أكتوبر 2012) بتطبيق أحكام المادتين 4 و 5 من القانون التنظيمي رقم 02.12 فيما يتعلق بمسطرة التعيين في المناصب العليا التي  يتم التداول في شأن التعيين فيها في مجلس الحكومة، وكذا تقديم ملف للترشيح يتضمن وجوبا تقديم مشروع شخصي أو خطة عمل للنهوض والارتقاء بالمرفق موضوع الترشيح، وهو تأكيد ضمني باعتماد منهجية جديدة في التدبير تقوم على أساس النتائج والتعاقد. وبالتالي، ربط المسؤولية بالمحاسبة.
ومما لا شك فيه، أن "التعيين في المناصب العليا المشار إليها يبقى قابلا للتراجع عنه قبل انقضاء المدة المحددة، ويعفى بمرسوم الأشخاص المعينون في أحد هذه المناصب، إما بناء على طلبهم، أو إثر تعيين من يخلفهم في مهامهم، أو باقتراح معلل للسلطة الحكومية المعنية يرفع إلى رئيس الحكومة للبت فيه".
وهناك استثناءات أخرى، نصت عليها المادة الرابعة من المرسوم رقم 2.12.412، حيث نصت في فقرتها الثالثة على أنه "في حالة عدم التوصل بأي ترشيح، تتولى السلطة الحكومة المعنية، بمبادرة منها، اقتراح مرشحة أو مرشح على رئيس الحكومة لعرض تعيينه على مداولات مجلس الحكومة".
وفي ذات المنحى، تنص الفقرة الأخيرة من نفس المادة على "أنه في حالة عدم اقتراح أي مرشحة أو مرشح من قبل لجنة دراسة الترشيحات، بعد استيفاء الإجراءات المسطرية المنصوص عليها في المادة الثالثة، يمكن للسلطة الحكومية المعنية أن تطلب من اللجنة المذكورة إعادة دراسة الترشيحات المقدمة لها. وإذا لم تتوصل إلى اقتراح أي ترشيح من جديد يطبق نفس الإجراء المذكور في الفقرة الثالثة أعلاه".

ذ. عبد العزيز فجال
المراجع:
(1) حكم المحكمة الإدارية بالرباط، ملف عدد: 371/7110/ 2016 حكم عدد: 2446 بـتـاريخ 24/06/2016.
(2) جريدة "العلم"، عدد 23374 بتاريخ 18 نونبر 2015.

(3) حكم المحكمة الإدارية بالرباط، ملف عدد: 371/7110/ 2016 حكم عدد: 2446 بـتـاريخ 24/06/2016.



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-