أخر الاخبار

ﺃﻳﺔ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ ﺟﻬﺮﺍ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﻣﻘﺎﺭﺑﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻓﻘﻬﻴﺔ ﻭﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ



ﺃﻳﺔ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ ﺟﻬﺮﺍ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﻣﻘﺎﺭﺑﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻓﻘﻬﻴﺔ ﻭﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ
------
ﺗﺜﻴﺮ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻨﻲ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻖ، ﺑﻞ ﻭﺍﻟﺴﺨﻂ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺳﻮﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﺃﻭ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻷﻥ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﺣﺴﺐ ﻋﻠﻤﻲ ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﺃﻥ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺃﻱ ﻣﻐﺮﺑﻲ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﺯﺩﻫﺎﺭ ﺍﻟﻤﺪ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ .

ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘَّﺼﺮﻑ ﺭﻏﻢ ﺧﻄﻮﺭﺗﻪ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻣﻨﺎ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻤﺘﺄﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻬﺎﺩﺋﺔ ﻷﻥ ﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻃﻴﻦ ﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ؛ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻓﻌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻭﺗﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﺪﻭﺍﻓﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻨﺔ .

ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﺫﻣﺔ ﻣﻦ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﻪ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺎﺭﺿﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﻳﻨﻄﻠﻘﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻲ .

ﻟﺬﻟﻚ ﺳﻨﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﻮﺍﺛﻴﻖ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺛﻢ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ :

ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻷﻭﻝ : ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻤﻮﺍﺛﻴﻖ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺁﻛﻠﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺟﻬﺮﺍ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺇﺳﻼﻣﻲ :

ﻳﻤﻴﺰ ﻋﺎﺩﺓ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ ‏( 1 ‏) ﺑﻴﻦ ﻧﻮﻋﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻜﻴﺎﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻭﺟﻮﺩﻩ ﻛﺎﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﻭﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ :
• ﺣﻖ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ .
• ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ .
• ﺣﺮﻳﺔ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﻭﺍﻷﺣﺰﺍﺏ .
• ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻨﻘﻞ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ .
• ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻭﺍﻷﻣﻮﺍﻝ .
• ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻐﻞ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ .
ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻫﻲ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ 9 ﺇﻟﻰ 15 ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ .

ﻭﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻳﺪﺭﻛﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮﺓ، ﻭﻫﻲ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﺛﺎﺑﺘﺔ، ﻻ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻭﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻜﻞ ﺯﻣﺎﻥ ﻭﻣﻜﺎﻥ ‏(2 ‏) .

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﺃﻭ ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ، ﻭﻫﻮ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﻣﺘﺤﺮﻙ ﻭﻣﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻳﺴﺘﻤﺪ ﻣﻔﻌﻮﻟﻪ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻛﺄﺩﺍﺓ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒﻠﻮﺭ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻛﺈﻋﻼﻧﺎﺕ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺩﻭﻥ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﻜﻔﻲ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺩﻳﺒﺎﺟﺔ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﺷﺎﺭﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﻗﺮﺍﺭ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺃﺻﻴﻠﺔ ﻓﻴﻬﻢ، ﻭﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺔ ﻭﺛﺎﺑﺘﺔ ، ﻳﺸﻜﻞ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .

ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 29 ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺨﻀﻊ ﺃﻱ ﻓﺮﺩ ﻓﻲ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﻭﺣﺮﻳﺎﺗﻪ، ﺇﻻ ﻟﻠﻘﻴﻮﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﺮﺭﻫﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻣﺴﺘﻬﺪﻓﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺑﺤﻘﻮﻕ ﻭﺣﺮﻳﺎﺕ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻣﻬﺎ .

ﻛﻤﺎ ﻧﺼﺖ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 12 ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻟﻠﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﻘﻴﻴﺪ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﺃﻋﻼﻩ ﺑﺄﻳﺔ ﻗﻴﻮﺩ ﻏﻴﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﺣﺮﻳﺎﺗﻬﻢ .

ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺗﻢ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 18 ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺼﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺇﺧﻀﺎﻉ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺩﻳﻨﻪ ﺃﻭ ﻣﻌﺘﻘﺪﻩ ﺇﻻ ﻟﻠﻘﻴﻮﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻔﺮﺿﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﺣﺮﻳﺎﺗﻬﻢ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ .

ﻳﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺃﻥ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻛﻴﻔﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻧﻮﻋﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﻘﻴﺪﺓ ﺑﻌﺪﻡ ﺯﻋﺰﻋﺔ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﻦ ﻷﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻻ ﺗﺸﺠﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻐﺎﺏ، ﺇﺫ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﻭﻟﻰ ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ، ﺃﻭ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ : ‏« ﺩﺭﺀ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪﺓ ﺃﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﺟﻠﺐ ﺍﻟﻤﻨﻔﻌﺔ ‏» .

ﻭﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺘﺴﺎﺀﻝ ﻫﻞ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﻌﻠﻨﻲ ﻟﺮﻣﻀﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺧﻠﺨﻠﺔ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻭﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﻦ ﻭﻣﺲ ﺑﺤﻘﻮﻕ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ؟

ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﺇﻓﻄﺎﺭ ﺭﻣﻀﺎﻥ :
ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻣﻮﻃﺄ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﻓﻄﺮ ﻣﺘﻌﻤﺪﺍ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ: ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻣﺎﻟﻚ ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺍﻟﺰﻫﺮﻱ، ﻋﻦ ﺣﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﺎﻥ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﺃﻓﻄﺮ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻓﺄﻣﺮﻩ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ‏(ﺹ‏) ﺃﻥ ﻳﻜﻔﺮ ﺑﻌﺘﻖ ﺭﻗﺒﺔ، ﺃﻭ ﺻﻴﺎﻡ ﺷﻬﺮﻳﻦ، ﺃﻭ ﺇﻃﻌﺎﻡ ﺳﺘﻴﻦ ﻣﺴﻜﻴﻨﺎ . ﻗﺎﻝ : ﻻ ﺃﺟﺪ، ﻗﺎﻝ ﻓﺄﺗﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ‏( ﺹ ‏) ﺑﻌﺮﻕ ﻣﻦ ﺗﻤﺮ، ﻓﻘﺎﻝ : ﺧﺬ ﻫﺬﺍ ﻓﺘﺼﺪﻕ ﺑﻪ، ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻣﺎ ﺃﺟﺪ ﺃﺣﻮﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻨﻲ ﻗﺎﻝ : ﻛﻠﻪ .

ﻗﺎﻝ ﻣﺤﻤﺪ، ﻭﺑﻬﺬﺍ ﻧﺄﺧﺬ، ﺇﺫﺍ ﺃﻓﻄﺮ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﺘﻌﻤﺪﺍ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺑﺄﻛﻞ ﺃﻭ ﺷﺮﺏ ﺃﻭ ﺟﻤﺎﻉ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﻗﻀﺎﺀ ﻳﻮﻡ ﻣﻜﺎﻧﻪ، ﻭﻛﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﻈﻬﺎﺭ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﻖ ﺭﻗﺒﺔ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻓﺼﻴﺎﻡ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺇﻃﻌﺎﻡ ﺳﺘﻴﻦ ﻣﺴﻜﻴﻨﺎ، ﻟﻜﻞ ﻣﺴﻜﻴﻦ ﻧﺼﻒ ﺻﺎﻉ ﻣﻦ ﺣﻨﻄﺔ، ﺃﻭ ﺻﺎﻉ ﻣﻦ ﺗﻤﺮ ﺃﻭ ﺷﻌﻴﺮ .

ﺃﻣﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﺃﻓﺘﻰ ﺑﺄﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺃﻓﻄﺮ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻣﺴﺘﺤﻼ ﻟﺬﻟﻚ، ﻭﻫﻮ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﺘﺤﺮﻳﻤﻪ ﺍﺳﺘﺤﻼﻻ ﻟﻠﻪ ﻭﺟﺐ ﻗﺘﻠﻪ، ﻭﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﺎﺳﻘﺎ ﻋﻮﻗﺐ ﻋﻦ ﻓﻄﺮﻩ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺮﺍﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ، ﻭﺃﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﺣﺪ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﻭﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﺟﺎﻫﻼ ﻋﺮﻑ ﺑﺬﻟﻚ، ﻭﺃﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﺣﺪ ﺍﻟﺰﻧﺎ، ﻭﻳﺮﺟﻊ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ ‏( 3 ‏) .

ﻳﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﻓﻄﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻋﻤﺪﺍً ﻭﺛﺎﺏ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ، ﺍﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﻤﺎﺩﻳﺎ ﻓﻲ ﻏﻴﻪ ﻓﺎﻟﻘﻮﻝ ﻗﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﻱ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﺩﻕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ .

ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻲ ﻣﻦ ﺁﻛﻞ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺟﻬﺮﺍ :
ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 274 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﺍﻷﺭﺩﻧﻲ ﺭﻗﻢ 16 ﺳﻨﺔ 1960 ﻛﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﺗﻌﺪﻳﻠﻪ ﺳﻨﺔ 2001 ﻣﻦ ﻳﻨﻘﺾ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻋﻠﻨﺎ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﺑﺎﻟﺤﺒﺲ ﺣﺘﻰ ﺷﻬﺮ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻐﺮﺍﻣﺔ ﺣﺘﻰ 15 ﺩﻳﻨﺎﺭﺍ .

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻔﺼﻞ 222 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻓﻘﺪ ﻧﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﺮﻑ ﺑﺎﻋﺘﻨﺎﻗﻪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ، ﻭﺗﺠﺎﻫﺮ ﺑﺎﻹﻓﻄﺎﺭ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﺭ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻋﻤﻮﻣﻲ، ﺩﻭﻥ ﻏﺪﺭ ﺷﺮﻋﻲ، ﻳﻌﺎﻗﺐ ﺑﺎﻟﺤﺒﺲ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺇﻟﻰ 6 ﺃﺷﻬﺮ ﻭﻏﺮﺍﻣﺔ ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ 200 ﺩﺭﻫﻢ.

ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﺣﺴﺐ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻻ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺟﻬﺮﺍ ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺻﻮﻍ ﺷﺮﻋﻲ، ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺑﺎﻟﻤﺴﻮﻍ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺣﺴﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ؟ ﻓﻬﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﺃﻭ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺒﻠﻮﻍ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ .

ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ sans matif admis par cette religion ﺃﻱ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺒﺮﺭﺍﺕ ﺩﻳﻨﻴﺔ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻻﺯﻣﺔ ﺇﺫﺍ ﺍﻧﻌﺪﻣﺖ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺒﺮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﻓﻄﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺒﺮﺭﺍﺗﻪ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﺑﺎﻟﺤﺒﺲ ﻭﺍﻟﻐﺮﺍﻣﺔ ﻭﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺒﺮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻛﻞ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻠﻬﻮ .

ﻭﻳﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻇﻞ ﻣﻨﺴﺠﻤﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻟﻠﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺗﺘﻮﺍﺭﻯ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺍﻟﻤﺲ ﺑﺎﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺃﻣﻨﻪ ﻭﻃﻤﺄﻧﻴﻨﺘﻪ .

ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﺍﻟﻤﻄﺮﻭﺡ ﻫﻞ ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻮﻥ ﻳﻮﻡ ﺍﻷﺣﺪ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻷﻛﻞ ﺟﻬﺮﺍ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ﻳﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻔﺼﻞ 222 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻲ؟
ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻳﺴﺘﺸﻒ ﺃﻧﻪ ﻳﺨﺺ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺑﺎﻋﺘﻨﺎﻗﻬﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﻳﺘﺠﺎﻫﺮﻭﻥ ﺑﺎﻹﻓﻄﺎﺭ ﻭﻧﻬﺎﺭﺍ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻋﻤﻮﻣﻲ .

ﺇﺫﻥ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺗﺘﻠﺨﺺ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ :
1 ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺠﺎﻧﻲ ﺑﺎﻋﺘﻨﺎﻗﻪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ .
2 ﺃﻥ ﻳﺘﺠﺎﻫﺮ ﺑﺎﻹﻓﻄﺎﺭ ﻧﻬﺎﺭﺍ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ .
3 ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻋﻤﻮﻣﻲ .
4 ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻋﺬﺭ ﺩﻳﻨﻲ .
ﻭﺣﺴﺐ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻓﺈﻥ ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﺳﺘﻮﻓﺖ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺠﻨﺤﺔ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﺮﻛﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺘﺠﺎﻫﺮ ﺑﺎﻹﻓﻄﺎﺭ ﻧﻬﺎﺭﺍ، ﺃﻱ ﺍﻟﺒﺪﺀ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﺠﻨﺤﺔ ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﻉ ﻓﻲ ﺍﻷﻛﻞ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﺇﻧﻤﺎ ﺣﺎﻭﻟﻮﺍ ﻭﻟﻢ ﻳﻨﻔﺬﻭﺍ ﻟﻈﺮﻭﻑ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺇﺭﺍﺩﺗﻬﻢ . ﻭﺣﺴﺐ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻔﺼﻞ 115 ﻻ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺠﻨﺤﺔ ﺇﻻ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﻧﺺ ﺧﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ .

ﻭﺃﻣﺎﻡ ﻏﻴﺎﺏ ﻧﺺ ﺧﺎﺹ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﻻ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺼﻞ 222 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻲ ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ .

ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﻻﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﻫﺆﻻﺀ ﻻ ﻳﻌﺪ ﻓﻌﻼ ﺟﺮﻣﻴﺎ ﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻘﻊ ﺗﺤﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ 220 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﺑﺎﻟﺤﺒﺲ ﻣﻦ 6 ﺃﺷﻬﺮ ﺇﻟﻰ 3 ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻭﻏﺮﺍﻣﺔ ﻣﻦ 200 ﺇﻟﻰ 500 ﺩﺭﻫﻢ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻏﺮﺍﺀ ﻟﺰﻋﺰﻋﺔ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﻣﺴﻠﻢ ﺃﻭ ﺗﺤﻮﻳﻠﻪ ﺍﻟﻰ ﺩﻳﺎﻧﺔ ﺃﺧﺮﻯ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺠﻤﻬﺮ ﺑﺪﻭﻥ ﺭﺧﺼﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺤﻄﺔ ﺍﻟﻘﻄﺎﺭ ﺃﻱ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﺰﺩﺣﻢ ﺑﺎﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﻳﺄﻣﻪ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻭﺍﻟﺮﺷﺪﺍﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻬﺪﻑ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺃﻣﺎﻡ ﻋﺪﺳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﻣﻴﺮﺍ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻮﻃﻦ، ﻭﻗﺪ ﻳﻨﺠﻢ ﻋﻨﻪ ﺿﺮﺭﺍ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ، ﺑﻞ ﻭﻳﻀﺮ ﺑﺴﻤﻌﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻻﺳﻼﻣﻲ، ﻭﻗﺪ ﻳﺆﺩﻱ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻰ ﺗﺄﻟﻴﺐ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ، ﺑﻞ ﺍﻷﺧﻄﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻗﺪ ﺗﺸﺠﻊ ﺍﻟﻌﺼﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻄﺮﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ .

ﺇﻥ ﻛﻞ ﺗﺼﺮﻑ ﺃﻭ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺩﺍﺧﻞ ﺇﻃﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺗﺼﺪﻳﺮ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻭﺍﻥ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺣﺴﺐ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻔﺼﻞ 6 ﻣﻨﻪ، ﻭﺍﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻫﻮ ﺃﺳﻤﻰ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻷﻣﺔ، ﻭﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻻﻣﺘﺜﺎﻝ ﻟﻪ، ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻻ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘﺴﺎﻫﻞ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻻ ﻳﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺃﻣﺎ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﺀ ﻭﺭﺍﺀ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺃﻏﺮﺍﺽ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺃﻭ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺳﻴﺆﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﺑﻠﺪﻧﺎ ﺍﻟﻤﺘﻄﺮﻓﻴﻦ ﻭﻳﻘﻮﺽ ﻣﺠﻬﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ .
__
منقول للفائدة
ﻫﻮﺍﻣﺶ :
1 ‏) voir Ph Brand : la nation de liberté publique en droit francais L G D J paris 1968 p 8 .
2 ﻣﺤﻤﺪ ﺿﺮﻳﻒ : ‏« ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ ‏» ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻌﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ، ﺍﻟﻤﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻳﻒ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﺗﻮﺯﻳﻊ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﻃﺒﻌﺔ 1994 ﺹ 13
3 ‏) ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ : ‏« ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ‏» ، ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺑﻴﺮﻭﺕ ﻃﺒﻌﺔ 1987 ،ﺹ .473



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-