أخر الاخبار

الصندوق المغربي للتقاعد, دراسة في مسببات الأزمة وسيناريوهات الإصلاح

.
.
.

الصندوق المغربي للتقاعد دراسة في مسببات الأزمة وسيناريوهات الإصلاح

    منذ مدة ليست بالقصيرة وموضوع إصلاح صناديق التقاعد بالمغرب يثير نقاشات يسيل لها الكثير من المداد، نظرا لأهمية هدا الورش في الإصلاح،ليس إداريا فقط بل وسياسيا كذالك.

   وإذا كان موضوع إصلاح صناديق التقاعد بالمغرب،كموضوع فرض نفسه مع أواخر التسعينات فإنه لا يزال يفرض نفسه إلى اليوم، كإحدى الأوراش المستعجلة للإصلاح والتي كلما تأخرت زمنيا إلا وزادت تعقيدا وتكلفتها ارتفاعا.

  وفي هذه الدراسة المقتضبة لن نتطرق لجميع أنظمة التقاعد بالمغرب،على اعتبار أن قطاع التقاعد بالمغرب يضم أربعة صناديق وهي:

الصندوق المغربي للتقاعد CMR
الصندوق الجماعي لمنح رواتب التقاعد RCAR
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS
الصندوق المهني المغربي للتقاعد CIMR

وسنقتصر على الصندوق المغربي للتقاعد، لكونه مثار جدل دائم، ولكون الأزمة المطروحة تمسه وترتبط به أساسا[1] ،

وفي إطار معالجتنا للموضوع تبقى الإشكاليات المحورية التي ستحاول هذه الدراسة أن تجد لها جوابا تتمحور حول:

ماهية الصندوق المغربي للتقاعد؟
ما هي مسببات أزمته؟
كيف السبيل للخروج من وضعية الأزمة و ما هي الحلول المقترحة لتجاوز هذا الوضع؟

ومناقشة مختلف هذه الإشكاليات سيتم عبر النقاط التراتبية التالية:

أولا: ماهية الصندوق المغربي للتقاعد

سنبرز في هذا النقطة الإطار القانوني الذي يخضع له الصندوق وتركيبته وكذا الأنظمة المختلفة التي يشرف عليها، مع ميزانيته بمواردها ونفقاتها

_1_: الإطار القانوني للصندوق وتركيبته

يعد الصندوق المغربي للتقاعد من أولى مؤسسات الاحتياط الاجتماعي بالمغرب نظرا لعدد المنخرطين والمتقاعدين المنتمين له وقد أحدث بموجب ظهير شريف في فاتح شوال 1348 الموافق لـ 2 مارس 1930[2] وبعد مدة طويلة سيتم إعادة هيكلة هذه المؤسسة لمسايرة الواقع بجميع تطوراته وذالك بموجب القانون رقم 95-43 القاضي بإعادة تنظيم الصندوق المغربي للتقاعد [3] مع المرسوم التطبيقي له رقم 749-95-2 الصادر في 8 رجب 1417 الموافق لـ 20 نونبر  1996[4].

وإضافة إلى هذه النصوص نجد القانون رقم 011.71 المحدث بموجبه نظام لرواتب التقاعد المدنية،[5] والقانون رقم 012.71 يعين بموجبه حد سن موظفي وأعوان الدولة والبلديات والمؤسسات العمومية المنخرطين في نظام رواتب التقاعد المدنية[6].

ويعد الصندوق المغربي للتقاعد مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي (المادة 1 من قانون 95-43) يوجد مقرها بالعاصمة الرباط (المادة2 من المرسوم)، وتخضع لوصاية الدولة ومراقبتها المالية (المادة 2 من القانون)، هذه الوصاية يمارسها وزير المالية بموجب المادة 2 من مرسوم 20 نونبر 1996.

ويسير الصندوق عبر مجلس إدارة تتوزع تمثيليته كالتالي:

6 أعضاء يمثلون الدولة منهم رئيس مجلس الإدارة الذي هو رئيس الحكومة.
عضو واحد يمثل الجماعات المحلية.
3 ممثلين للمستفيدين المنخرطين في نظام المعاشات المدنية
2 ممثلين للمستفيدين المنخرطين في نظام المعاشات العسكرية
ممثلين آخرين لنظامين المعاشات المدنية والعسكرية [7].

_2_: أنظمة الصندوق وميزانيته

لقد عهد للصندوق بإدارة الأنظمة التالية:

المعاشات المدنية
المعاشات المدنية عن الزمانة
المعاشات العسكرية
المعاشات العسكرية عن الزمانة
معاشات الزمانة الممنوحة لرجال التأطير والصف بالقوات المساعدة
المعاشات الممنوحة للمقاومين وأراملهم وفروعهم وأصولهم
الإعانات الإجمالية الممنوحة لبعض المقاومين وأعضاء جيش التحرير وخلفهم.
المعاشات والإيرادات والإعانات الأخرى [8].

ويعتمد الصندوق في إدارة أنظمته المختلفة على موارد تتألف من [9] :

الاقتطاعات من أجل المعاش وكذا الاقتطاعات عن تصحيح الخدمات المترتبة على الموظفين المستخدمين المنخرطين في نظام المعاشات.

الاقتطاعات والقنوات المحولة إليه تطبيقا للقوانين المعمول بها في هذا المجال

مساهمات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة ومساهمات هيأة الإلحاق المتعلقة بتأسيس الحق في المعاش الممنوح للمستخدمين المنخرطين في نظام المعاشات.

المبالغ المحولة في ما يتعلق بحقوق المعاش المؤسسة في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد.

المبالغ المستحقة على الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة، لتغطية النفقات المتعلقة بالمعاشات والإيرادات والإعانات المشار إليها سالفا.

المبالغ المستحقة على الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة فيما يتعلق بالمصاريف المترتبة على إدارة المعاشات.

المبالغ المستوفاة بغير حق والمرجعة للصندوق.

حاصلات توظيف الأموال والحاصلات الناتجة عن استغلال ممتلكات الصندوق.

الزيادات على التأخير والغرامات.

الإعانات المالية والهبات والوصايا والحاصلات المختلفة.

جميع الموارد المالية التي يمكن منحها مستقبلا للصندوق.

وبالرغم من تعدد موارد الصندوق فإنها تبقى غير كافية لإدارة مختلف أنظمة التقاعد التي يطلع بها ،خاصة إذا علمنا أن المساهمات التي تقدمها الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية تشكل نسبة مهمة من موارد الصندوق،وأن تماطل هده الهيئات في أداء مساهماتها، وعدم احترامها للآجال المنصوص عليها في المادة 6 من مرسوم 20 نونبر 1996،[10] هو ما يعد من بين الأسباب التي أدت إلى ظهور عجز في ميزانية الصندوق، خاصة في ظل تعدد نفقاته التي تشمل : [11]

صرف المعاشات والإيرادات والإعانات والمستحقات الأخرى الداخلة في نطاق الأنظمة التابعة للصندوق.

المبالغ المرجعة من الاقتطاعات لأجل المعاش.

التسبيقات عن المعاشات الممنوحة للمتقاعدين وإن اقتضى الأمر لخلفهم.

الأجور عن الخدمات المقدمة لحساب الصندوق فيما يتعلق بتحصيل الموارد وصرف المعاشات.

وعموما فإن الصندوق المغربي للتقاعد ما فتئ يعرف عجزا مستمرا على مر السنين فما هي مسببات هذا العجز إذن؟

ثانيا: مسببات أزمة الصندوق المغربي للتقاعد

تعددت مسببات أزمة الصندوق المغربي للتقاعد، وإذا كان أغلب الدارسين يجمعون على أن أسباب الأزمة ترجع لمرحلة التسيير المباشر للدولة لهذا الصندوق، فإنهم لم ينتبهوا إلى أن عملية المغادرة الطوعية المسماة انطلاقة هي التي كرست الأزمة وعمقتها.

_1_: بوادر ومسببات أزمة الصندوق

إن أزمة الصندوق المغرب للتقاعد حقيقة هي أزمة ناتجة عن سيرورة تاريخية طويلة من التسيير اللاعقلاني للصندوق،وسوء تدبير أنظمته غياب الحكامة، من خلال هيمنة الأمد القصير على أنماط القيادة السائدة عوض الأمدين المتوسط و الطويل ،علما أن معالجة إشكالية التقاعد تستوجب نظرة شمولية متكاملة على المدى البعيد[12]،فأزمة الصندوق  ترجع أساسا إلى مرحلة تاريخية ممتدة من سنة 1956 إلى غاية سنة  1996 أي على مدى 40 سنة، خضع فيها الصندوق للتسيير المباشر من لدن الدولة، هذه الأخيرة التي لم تؤد واجبات مساهماتها طيلة المدة السابقة حيث وصلت مجموع المبالغ المتخلدة بذمتها لفائدة الصندوق حوالي 11 مليار درهم، متسببة بذلك في عجزه،هذا العجز له مسبب آخر تجلى في كون نظام الصندوق المغربي للتقاعد لا يخضع للتساوي مع باقي الصناديق الأخرى من حيث الاقتطاعات الموجهة للدولة والاقتطاع الذي يساهم به الموظف، والمتمثل في الثلث ، كذلك تبقى مسألة تمويل عجز نظام المعاشات العسكرية بالفوائد السنوية التي يسجلها نظام المعاشات المدنية أهم مسببات أزمة الصندوق، وذلك في مخالفة صريحة وواضحة لمقتضيات المادة 12 من قانون 95-43 التي تؤكد على مراقبة التوازن المالي للنظامين كلا على حدة.

فيما تضيف التقارير الحكومية مؤشرا آخر كمسبب لأزمة الصندوق،ألا وهو العامل الديمغرافي الذي يكمن في ارتفاع متوسط أمد الحياة لدى المغاربة حيث وصل إلى 75 سنة، وانخفاض معدل الخصوبة.؟

وفي تقرير صادر عن مكتب دراسات فرنسي " أكتوريا"[13] حول إصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب، قدر حجم الخلل الذي سيعرفه الصندوق المغربي للتقاعد، وبالتالي حجم العجز المالي بحوالي 517 مليار درهم،وتم وضع إحتمال ظهور هذا العجز ابتداء من سنة 2012 على أنه من المتوقع أن تنفذ احتياطات الصندوق في أفق سنة 2019  مما يعني عدم تمكين المتقاعدين من الحصول على رواتبهم.

وهذه التوقعات نفسها ثم رصدها من قبل تقرير صادر عن البنك الدولي تحت عنوان: المتقاعدون في المغرب نحو إستراتيجية متكاملة للإصلاح [14] والذي حمل الدولة ـ كذالك ـ أثناء تسييرها المباشر للصندوق مسؤولية الأوضاع التي آل إليها.

أما المجلس الأعلى للحسابات فقد أشار في تقرير له حول منظومة التقاعد بالمغرب[15] والصادر في يوليوز 2013 ، إلى أن نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد يعاني من إختلال مالي هيكلي،فالناتج التقني للنظام سيأخذ منحى تراجعي إبتداءا من سنة 2014 وستعرف الإحتياطات المالية للنظام إنخفاضا لتصبح سلبية ابتداء من سنة 2021.

وفي نظر المجلس فإن أهم عناصر إختلال نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد تكمن في:

الطابع السخي لخدمات النظام مقارنة مع مجهود المساهمات المؤداة، حيث يمنح الصندوق عن كل سنة من الاشتراكات قسطا سنويا بمعدل2.5%  من آخر راتب[16].

اعتماد آخر راتب كوعاء للتصفية وليس على أساس معدل الرواتب المؤداة خلال فترة العمل أو جزء منها،الأمر الذي يترتب عنه الحق في معاشات مرتفعة.

تراجع العامل الديمغرافي،حيث انتقل المؤشر الديمغرافي من 12 نشيطا لمتقاعد واحد سنة 1986 إلى 6 نشيطين سنة 2001 إلى 3 في سنة 2012،ومن المتوقع أن يصل هدا المعامل إلى نشيط واحد لكل متقاعد سنة 2024.

نقائص مرتبطة بنظام الحكامة وبعض قواعد التدبير خاصة على مستوى آليات القيادة.

_2_: عملية المغادرة الطوعية وتكريس أزمة الصندوق

إرتباطا بمسؤولية الدولة ، وفي إطار تقييم بعض السياسات العمومية،قد لا ينتبه البعض أو يتم تجاهل الدور الرئيسي الذي لعبته عملية " المغادرة الطوعية" في تكريس أزمة الصندوق المغربي للتقاعد،كيف ذالك؟

يكمن الأمر في حرمان الصندوق المغربي للتقاعد من مجموع المساهمات التي كان سيؤديها المشتركون لو استمروا في عملهم  إلى غاية بلوغهم السن العادي للتقاعد، ومن جهة أخرى تحمل الصندوق عبء أداء أقساط المعاشات للمغادرين بشكل مبكر.

وتستنتج الكلفة بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد من خلال الفرق بين:

المعاشات التي كان سيتحملها الصندوق في حالة لو أن المغادرين استمروا في العمل إلى غاية بلوغهم السن القانوني للتقاعد.

المعاشات المصروفة بالنسبة للمستفيدين من التقاعد المبكر وفق شروط  عملية المغادرة الطوعية أي بنسبة 2% قبل حد السن القانوني للتقاعد و 2,5% بعد بلوغهم هذا السن.[17]

هذا مع مراعاة الربح غير المحصل في مداخيل الصندوق من مساهمات الدولة واقتطاعات الموظفين وكذا التعويضات العائلية التي سيمنحها الصندوق للمتقاعدين الجدد.

وعموما فقد قدرت التكلفة الإجمالية لعملية المغادرة الطوعية على الصندوق المغربي بحوالي 7,483 مليار درهم. وقد سبق للمدير العام للصندوق م ت في حوار له مع جريدة Aujourd’hui le Maroc أن صرح بأن عملية المغادرة الطوعية قلصت نسبة الساكنة النشيطة بما يقارب39 ألف نسمة، مما ساهم في تقليص مداخيل الصندوق مقابل رفع تكاليفه[18]

هذه التكلفة أثرت على توازنات الصندوق الذي يوجد في وضعية متأزمة أصلا، مما طرح مسألة الإصلاح بشدة لإيجاد حل لأزمة الصندوق المتفاقمة.

ثالثا: سيناريوهات إصلاح الصندوق  المغربي للتقاعد

إن إصلاح الصندوق تختلف رؤاه بحسب اختلاف الفاعلين والمتدخلين ما بين الدولة والمنظمات الدولية والنقابات العمالية.

1- وجهة نظر الدولة في الإصلاح:

إن مقاربة الدولة لإصلاح صندوق التقاعد يمكن استقصاؤها من خلال تقريري مكتب الدراسات " أكتوريا" والمجلس الأعلى للحسابات.

فحسب مكتب الدراسات الفرنسي  " أكتوريا" الذي كلفته الدولة بإعداد دراسة " حول أنظمة التقاعد بالمغرب"  وهي الدراسة التي قدمت في 20 أبريل 2010 فإن إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد يمر عبر السيناريوهات التالية:

توحيد أنظمة التقاعد أو إدماجها في نظامين رئيسيين.

رفع سن التقاعد إلى 62 سنة.

الرفع من نسبة الاقتطاع لتصل إلى 20% بشكل تدريجي بإضافة نسبة 2% سنويا.

خفض معاشات المتقاعدين.

وهذه المقترحات الثلاثة الأخيرة هي نفسها مقترحات البنك الدولي.

أما المجلس الأعلى للحسابات وإنسجاما مع منهجية التشخيص التي قام بها فإنه يوصي بتبني إصلاح يمر عبر مرحلتين:إصلاح مقياسي وإصلاح هيكلي.

المرحلة الأولى: الهدف منها تقوية ديمومة أنظمة التقاعد ككل وتخفيض ديون الأكثر هشاشة منها وتسهيل الإندماج على المدى الطويل،وفي هذه المرحلة يقترح المجلس القيام بالإصلاحات التالية:

الرفع من السن القانوني للإحالة على التقاعد إلى 65 سنة على مدى 10 سنوات،مع منح المنخرطين إمكانية تمديد فترة نشاطهم.

تغيير وعاء احتساب الحقوق بصفة تدريجية،باعتماد معدل أجور من 10 إلى 15 سنة الأخيرة من العمل عوض آخر أجرة.

نسبة القسط السنوي 2 % بدل 2.5 %  المعتمدة حاليا.

نسبة المساهمة 30%  موزعة كما يلي:24% بالنسبة للنظام الأساسي )بدل 20 % المعتمدة حاليا(، و6 % تتعلق بالنظام الإضافي المبني على الرسملة،يتحملها بشكل متساوي المشغل والأجير.[19]

المرحلة الثانية: في هده المرحلة سيتم القيام بإصلاح هيكلي يمر عبر محطتين:

الأولى: من خلالها سيتم البدأ في إصلاح هيكلي بغية إدخال تعديلات تضمن تقارب وإنسجام مختلف الأنظمة،بهدف وضع نظام ذو قاعدة موحدة وعامة لمجموع النشيطين بالقطاعين العام والخاص[20]،ومن بين الخيارات التي يضعها المجلس على هذا المستوى:

وضع قطبين للتقاعد،عمومي وخاص،وذلك بدمج أنظمة تقاعد القطاع العمومي.

المحافظة على الأنظمة مع إصلاح عميق لنظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد بصفة خاصة لتقريبه من الأنظمة الأخرى.

الثانية: في هذه المحطة التي ستتوج الإصلاح يقترح المجلس الأعلى    للحسابات،تبني نظام أساسي موحد مع أنظمة إجبارية و إختيارية،وما يمكن ملاحظته على هذا المستوى هو أن المجلس لم يرغب في اقتراح تصور محدد للاختيارات المتعلقة بهندسة هذا النظام وأهم القواعد والمقاييس التي تحكمه،بل اكتفى بتحديد معالمه فقط،كالتالي:

نظام أساسي موحد:هذا النظام يجب أن يعمم على مجموع النشيطين وتتجلى أهم خصائصه التقنية ـ حسب المجلس الأعلى للحسابات ـ في كونه نظام أساسي محدد السقف، معدل تعويض كفيل بضمان معاش مناسب،نسب مساهمة تنسجم مع مستلزمات التنافسية وحماية القدرة الشرائية للمنخرطين وديمومة النظام،بذل مجهود في المساهمات بالنسبة للمشغل،والتركيز على تغطية التقاعد،حيث لا يجب أن يتحمل هذا النظام خدمات أخرى ذات الصلة والتي يجب تغطيتها بشكل منفصل،وأخيرا إعتماد مبدأ التوزيع في تدبير هذا النظام الذي يجب أن يتولاه جهاز عمومي.

الأنظمة التكميلية: تستهدف هده الأنظمة تحمل جزء من الراتب أو الأجر الذي يتجاوز السقف المؤمن من طرف النظام الأساسي،وذلك لتمكين النشيطين من معاشات تكميلية تضمن لهم معدل تعويض مناسب،على أن هذه الأنظمة التكميلية يجب أن تراعي العوامل التالية: وضع أنظمة بمساهمات محددة وتقاسم المساهمات بين المشغلين والأجراء بشكل مختلف عن ما هو جاري به العمل في النظام الأساسي،اعتماد مبدأ الرسملة في تدبير الأنظمة الإضافية،ويقترح المجلس أن يقتصر الطابع الإجباري لهذه الأنظمة في مرحلة أولى على القطاع العام في حين تكون التغطية إختيارية في القطاع الخاص.

الأنظمة الإختيارية: يمكن أن تخصص هذه الأنظمة بطريقة إختيارية للجزء من المدخول أو الراتب الذي يفوق سقف الأنظمة التكميلية ويتحمل النشيطون وحدهم مجموع المساهمات في إطارها.

وإذا كانت مقترحات مكتب الدراسات " أكتوريا"   تعبر عن التصور الذي كانت ستستند إليه الحكومة السابقة في الحوار حول إصلاح صناديق التقاعد،فإن تصور الحكومة الحالية لا يزال غير واضح ،وبالتالي من المحتمل جدا أن يتم الإعتماد على مقترحات المجلس الأعلى للحسابات ـ نظرا لمنهجيته في تشخيص وضعية الصندوق المغربي للتقاعد وكافة أنظمة التقاعد،وواقعية مقترحاته ـ كأرضية للإصلاح،مع إضفاء بعض الإسهامات عليها،مع مراعاة أن مسألة توحيد أنظمة التقاعد،يبقى أمرا يصعب تطبيقه حاليا في ظل رفض هذا المقترح من قبل الإتحاد العام لمقاولات المغرب وغالبية النقابات.

-2- تصور النقابات العمالية : كثيرا ما أبدت النقابات  غضبها من الخطة الحكومية لإصلاح صناديق التقاعد ،سواء السابقة منها،أو الحالية،وتعتبر أنه في الوقت الذي كان يجب على الحكومة أن تضع حلولا ناجعة لتجاوز إشكالية هشاشة التوازنات المالية التي يعرفها نظام المعاشات، فإنها فضلت إصلاح أنظمة التقاعد على حساب المأجورين، وبالتالي فالنقابات ترفض المقترحات القائلة بالرفع من سن الإحالة على التقاعد إلى 65 سنة،لكونه سيترتب عنه انعكاسات سلبية على سوق الشغل والقدرة الشرائية للمنخرطين النشيطين والمتقاعدين،[21] وترفض كذلك الرفع من نسبة الاقتطاع،ويرى البعض  أن الخروج من الأزمة يمر عبر:

محاربة ظاهرة التهرب الضريبي

الزيادة في الأجور

المساءلة عن الفترة السابقة لتسيير الصندوق على اعتبار أن أزمته ليست طبيعية وإنما هي من فعل فاعل.[22]

في حين يطالب البعض الآخر بضرورة ضخ أموال الهبات الخليجية في صناديق التقاعد كحل لأزمة التمويل.[23]؟؟

وتعيب بعض النقابات على الحكومة الحالية ،القرار الإنفرادي المتعلق بإصلاح أنظمة التقاعد،وترى أن الحل لا يجب أن يتم على حساب المتقاعدين الذين ليس لهم أي دور في الأزمة المالية التي يعرفها الصندوق[24]،هذه الأزمة التي يرى بعض أعضاء المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد،أنه يتم تهويلها وأن العجز المتحدث عنه في الصندوق لا وجود له وهو ما تأكده في نظرهم الميزانيات السنوية للصندوق[25] بل منهم من يرى بان هنالك فائض مهم في المحفظة المالية للصندوق،ويعتبر أنه لا داعي للخروج بقرارات وإصلاحات كالتي تروج لها الحكومة خاصة الزيادة في سن التقاعد وتخفيض المعاشات بأكثر من 30% للأجيال المقبلة[26].

ويمكن أن نبدي وجهة نظرنا المتواضعة ونسهم في هذا النقاش الدائر حول كيفية مواجهة أزمة الصندوق المغربي للتقاعد ،ذالك أن مطلب ضخ أموال الهبات والمساعدات الخليجية في صناديق التقاعد لا يستقيم لأن هذه الأموال غالبا ما تكون موجهة حسب رغبة الواهب،كما أن هذا الحل لن يكون سوى حلا جزئيا ومؤقتا لكون هذه الموارد مؤقتة واستثنائية في حين أن إصلاح صناديق التقاعد يجب أن يراعي المقاربة المستقبلية وتمكينه من موارد قارة، وهو ما يمكن أن يتم مثلا عبر فرض ضريبة على الثروة وتخصيص حصة منها لتمول الصندوق المغربي للتقاعد. أما عن سن التقاعد فيمكن رفعه في بعض القطاعات العمومية ونقصد هنا خصوصا سلك الجندية إمكانية رفعه إلى حدود 60 سنة،ذلك أن هذا السلك والى حدود السنوات الماضية كان يحيل على التقاعد في سن الخامسة والأربعين،وإذا علمنا أن جزء من أزمة الصندوق المغربي للتقاعد متأتية من تمويل الفائض في المعاشات المدنية للعجز في المعاشات العسكرية،فإنه من العدل أن يتم الرفع من سن التقاعد في هدا القطاع،كما ينبغي إلزام  الدولة والجماعـات الترابية والمؤسسات العمومية بأداء مستحقاتهم في الوقت المحدد،وهو ما أصبح ممكنا بل وملزما في ظل المشروع الجديد للقانون التنظيمي للمالية،ويمكن النص على المقاربة التضامنية والتكاملية بين مختلف صناديق التقاعد بالمغرب.

ومهما يكن من صواب هذه المقترحات أو خطئها ومن إختلاف وتباين الرؤى حولها، فإن المسألة المتفق عليها هو كون مطلب الإصلاح، بل التعجيل بإصلاح الصندوق المغربي للتقاعد تبقى مسألة ملحة وأن التأخر فيها لا يزيد وضعية هذا النظام إلا تأزما وهشاشة،مما ينبغي معه ضرورة تدخل السلطات العمومية عبر القيام بإصلاحات شاملة وعميقة وجريئة،في إطار تشاور وتشارك مع مختلف الفاعلين المعنيين بالقطاع،نظرا للحساسية التي يثيرها ملف إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد،هذا التدخل يجب أن يتم بشكل عاجل،لأنه في حالة عدم اتخاذ أي إجراء سيتم تمويل العجز الذي سيعرفه الصندوق من الاحتياطات المالية،التي ستراجع من 76.5 مليار درهم برسم سنة 2014 إلى 7 مليار درهم سنة 2020 على أن تنفذ هذه الاحتياطات بحلول سنة 2021،كما سيصل العجز السنوي إلى 1.4 مليار درهم سنة 2014 لينتقل إلى25.3 مليار درهم سنة 2021 و 28.9 مليار درهم سنة 2022 وقرابة 45 مليار درهم سنة 2030.

ملاحظة :من يريد الهوامش يترك بريده الإلكتروني في تعليق, أو يطلب ذلك من خلال نموذج اتصل بنا
_________
مصدر
http://www.marocdroit.com




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-