أخر الاخبار

الجهات المؤهلة بتسلم التبليغ على ضوء قانون المسطرة المدنية




سمير ووال
طالب باحث بماستر قانون العقار والتعمير
بالكلية المتعددة التخصصات الناضور

  مقدمة
       يشكل حق التقاضي من بين أبرز الحقوق المكفولة و المحفوظة للجميع بمقتضى الدستور ٬ إذ به  يستطيع أي شخص تم المساس بحقه من قبل الغير اللجوء إلى الجهاز القضائي بغية الحكم له بما يدعيه ,و الوسيلة التي تمكنه من تحقيق هذا المبتغى هو  رفع دعوى أمام القضاء المختص ضد الشخص  الذي أقدم على انتهاك حق من حقوقه ٬و حتى يتسنى للمحكمة الحسم في موضوع النزاع ٬يلزمها أن تقوم بإستدعاء الأطراف محل الدعوى للمثول أمامها ٬ باعتبار تبليغ الإستدعاء الوسيلة القانونية التي تتحكم في سير إجراءات الدعوى منذ بدايتها إلى نهايتها لارتباطه الوثيق بها, فهو يمكن المبلغ إليه من تتبع المساطر القضائية المتخدة ضده من حضور الجلسات و إعداد دفاعه ومناقشة الدعوى .  

ولضمان توصل المعني بالأمر بالإستدعاء الموجه له , الملاحظ أن المشرع قام  سنة 2011 بإدخال تعديلات هامة على طرق التبليغ مراعيا الإشكالات التي تطرحها البعض منها –سابقا-  ساعيا من وراء ذلك تعزيز ثقة المواطن بجهاز القضاء .

   والتبليغ يتم للشخص نفسه أو  في الموطن الذي تتعدد أحواله حسبما تعلق الأمر بشخص طبيعي أو معنوي , ومما ينبغي  الإشارة إليه أن الطريقة التي  تم بها تسلم بها الاستدعاء للحضور للجلسة أهمية قصورى خصوصا على مستوى الوصف التي تعطيه الهيئة القضائية للحكم –حضوري, بمثابة حضوري , غيابي-  باعتباره الأساس الذي يعتمد عليه في تحديد الوسيلة التي يمكن فيها للمعني بالأمر الطعن في الحكم الصادر في حقه  , وسنخصص هذه الدراسة للحديث عن الجهات المؤهل لها تسلم الاستدعاء لما لها من الأهمية بمكان مثيرين التساؤل التالي: ماهي الحالات التي يعتد بها لاعتبار الاستدعاء مسلم طبقا للقانون؟
للإجابة عن التساؤل  أعلاه سأتطرق إلى التصميم الآتي :
المطلب الأول: تسليم الإستدعاء للأشخاص الذاتيين
المطلب الثاني :تبليغ الإستدعاء للأشخاص المعنوية


المطلب الأول: تسليم الإستدعاء للأشخاص الذاتيين
من خلال قراءة مقتضيات الفصل38  المعدل بمقتضى القانون رقم 33.11   نستخلص أن التبليغ اما للشخص نفسه (الفقرة الأولى) أو في الموطن (الفقرة الثانية):
الفقرة الأولى : التسليم إلى المعني بالإستدعاء نفسه
يطلق على هذا النوع من التسليم  بالتبليغ اليقيني و هو يشكل ضمانة حقيقية لتحقيق عناصر الدعوى كما هي متعارف عليها مسطريا ؛كتحقيق المواجهة بين الأطراف و خدمات حق الدفاع.  و مزية التسليم إلى المعني بالأمر نفسه أن هذا الأخير تكون له المدة الكافية لمواجهة خصمه في الدعوى٬ إذ يقوم بإعداد الدفوع و الحجج التي تفند إدعاءات المدعي و كذا إتصال المدعى عليه بمن رفع الدعوى ضده حتى يتسنى له التوصل الى حل رضائي حول موضوع النزاع في الحالات التي يسمح بها القنون بذلك. أما بخصوص فائدة توصل المدعي بالاستدعاء بنفسه  فذلك يمكنه من معرفة تاريخ الجلسة حتى يعمل على تزكية مقاله الإفتتاحي وذلك عبر الطلبات الإضافية و نشير هنا إلى أنه في الحالة التي يتم التبليغ  إلى الشخص نفسه فيكون صحيحا سواء تم في الموطن او في غير موطنه كالطريق العام أو المقهى. و لعل هذا هو قصد المشرع من تنصيصه في الفقرة الأولى من الفصل38 على أن التسليم يحصل "…في أي مكان آخر يوجد فيه …" على أن يتعين الذكر بأنه تلقى على عاتق المبلغ مسؤولية التأكد من كون الشخص الذي سلمه الإستدعاء هو المعني بها إذ يترتب عن تسليمها لغير المعني بها بطلانها وقد يعرض العون للمسؤولية.
و الملاحظ أن المفوضين القضائيين عندما لا يجدون المعني بالأمر فإنهم يعمدون إلى ترك إشعار له بضرورة الحضور لتسلم ورقة  الإستدعاء٬ وفي حالة عدم الحضور  بهذا الإجراء يقوم المبلغ بإعادة التبليغ  طبقا للفصل38 من ق م م.
و سيطرح في هذا السياق ذاته تساؤل حول الحالة التي يرفض فيها المعني بالإستدعاء تسلم الإستدعاء؟
نلمس الإجابة عن هذا التساؤل في الفصل39 حيث يشير العون أو السلطة المكلفة بالتبليغ إلى ذلك في شهادة التسليم و يرسلها إلى كتابة الضبط بالمحكمة.
غير أن الإشكال الحقيقي الذي تطرحه الفقرة الاولى من الفصل39  هو أنه يطبق نفس الإجراء الذي أسلفنا الحديث عنه بخصوص رفض المبلغ إليه التوقيع على شهادة التسليم ٬ووجه الإشكال هنا يكمن في الحالة التي لا يكون بمقدور المبلغ إليه التوقيع كأن تكون يديه مبتورتان أو يكون جاهلا للتوقيع.
 الواقع العملي يؤكد حسب شهادة أحد الممارسين  أن المفوض القضائي يعمد في الحالة التي يجهل فيها المبلغ إليه التوقيع يقوم بوضع البصمة٬ أما الحالة التي تكون فيها يداه مبثورتان فإنه يشير إلى هذه القوة القاهرة في شهادة التسليم و تبقى لها نفس القوة التبوثية.
الفقرة الثانية :التسليم في الموطن و مختلف أحواله:
يعد الموطن أهم الخصائص التي ترتبط بشخصية الفرد لأنه هو مناط الإتصال بالشخص من حيث مراسلته ٬ مكاتبته٬ تبليغه و جميع الأعمال و التصرفات التي يقوم
بها. كما عرفه  بعض الفقه الاخر ب "مقر الشخص الذي يعتد به القانون فيما يتعلق بنشاطه و علاقاته القانونية مع غيره من الاشخاص" 
و بالرجوع الى الفصل من 518    إلى  526 نجده يحدد لنا الموطن الذي يجب أن يقع التبليغ فيه و سنحاول إعطا ء نظرة موجزة عن كل نوع من أنواع الموطن التي حددها المشرع نظرا لأهمية الموطن خصوصا في رفع دعوى قضائية.
موطن الشخص الذاتي:
تطرق المشرع المغربي للحديث عنه في الفصل  519   من ق م م ونص على أنه "يكون موطن كل شخص ذاتي هو محل سكناه العادية و مركز أعماله و مصالحه ."
وعليه فالموطن الذاتي أو الأصلي كما يعتبره بعض الفقه  "هو الذي يمارس فيه الشخص كل انشطته و اعماله ويقيم فيها بصورة اعتيادية."
وعليه فلا بد للشخص حتى يكون له موطن ذاتي أن يقيم بمنطقة معينة بصفة معتادة و مستمرة حيث يقدم فيها على القيام بجميع أعماله و أنشطته بصفة منتظمة. أما إذا كان يقيم بصفة عرضية كالإقامة في فندق أو الدور أو الشقق الموجودة بالمصطافات ما لم تكن هي مقر اقامته الدائمة و المستمرة.
مما سبق فالتبليغ يكون صحيحا في الحالة التي يتم التبليغ في الموطن الأصلي الذي يتخده مقر سكناه و تتجه نيته إلى الإستقرار به بشكل دائم٬ فالإبن متى ظل مستقرا يعيش مع والديه كان موطنه الاصلي بمقر والديه٬ ولكن بمجرد ما ينتقل للعيش في مكان آخر بعد زواجه مثلا فقد صفة الموطن الأصلي الذي كان يعتبر هو مسكن والديه وانتقل إلى المكان الذي حل به و استقر به. وعليه فصحة التبليغ تكون في الموطن الجديد٬ و هذا ما يقصده المشرع بنصه في الفصل   "يسلم الإستدعاء … أو في موطنه..."كما يعتبر موطنا أصليا للشخص طبقا للفصل   "مركز أعماه و مصالحه ."غير أنه في الحالة التي يكون فيها للشخص موطن لسكناه العادية في الآن نفسه موطن لأعماله فالحل هنا نص عليه المشرع في الفقرة الثانية من نفس الفصل المشار اليه أعلاه والذي جاء فيه ما مؤداه أن موطن الشخص الاصلي لمحل سكناه يسري بخصوص حقوقه العائلية و أمواله الشخصية .أما بخصوص حقوقه الراجعة لنشاطه المهني فيعتد فيها بموطن مركز أعماله و يقصد بهذا الموطن الأخير المكان الذي يمارس به الشخص أنشطته المهنية الخاصة به .و عليه فمتى تعلق الأمر بدعوى موضوعها يتعلق بالأنشطة المهنية فالتبليغ يتم بمركز أعماله ٬ في حين إذا كان موضوع الدعوى يتعلق بالحقوق العائلية و الأحوال الشخصية فالتبليغ يتم بمحل سكناه باعتباره الموطن الأصلب. غير أن الملاحظ أن المشرع المغربي لم يرتب البطلان في الحالة التي يتم فيها تسليم ورقة التبليغ المتعلقة بالأنشطة المهنية في محل سكناه أو العكس حيث يعتبر التبليغ في كلا الحالتين صحيحا. 

الموطن المختار:
يقصد بالموطن المختار المكان الذي يتخده الشخص لتنفيذ عمل قانوني معين كإختيار مكتب محامي بالنسبة لعمل قانوني معين "كمحل مخابرة"أو لبيع أوإجارة كما إذا اشترى شخص أرضا بعيدة عن موطنه يتفق مع البائع على أن يكون له موطن قريب من الأرض بالنسبة لهذا البيع٬ ولا يتبث هذا الإتفاق إلا كتابة حسما لكل خلاف (الفصل 524  )  وهذا الموطن يكون مقصورا على الأعمال المتعلقة بالبيع مثلا أي بالغرض الذي حدد على ضوئه هذا الموطن.  و الموطن الأصلي لا يتأثر بتغيير المعني لموطنه الأصلي حيث يبقى المكان الذي خصص لممارسة عمل معين هو موطنه المختار٬ ومن صور تطبيق الموطن المختار كأن يتم الإتفاق مع شخص آخر في عقد على اعتبار مكان معين موطنا فيما يتعلق بهذا العقد بما في ذلك المحكمة المختصة.  و الجدير بالإشارة إلى أن هناك حالات يكون فيها الشخص ملزما بتحديد موطن مختار كما هو الشأن في الحالة التي لا يكون فيها لأحد الأطراف موطن حقيقي داخل دائرة نفوذ  محكمة الإستئناف المرفوع الدعوى أمام أحد  المحاكم التابعة لها٬ ونفس الأمر بالنسبة للمستأنفون و المستأنف عليهم و منهم من يقيم خارج دائرة نفوذ محكمة الاستئناف المعروضة الدعوى أمام أحد المحاكم التابعة في نفوذها٬ بضرورة تعيين موطن مختار وفي حالة عدم القيام بتحديد موطن مختار فإن الجزاء الذي رتبه المشرع على هذه الحالة هو أن كل إجراء يكون صحيحا في حقهم لدى كتابة الضبط كما هو الشأن بخصوص الإستدعاء٬ وقد سمح المشرع المغربي للأطراف الملزمين بتعيين موطن مختار إمكانية إنتداب وكيل لهم موطن داخل دائرة نفوذ محكمة الإستئناف غالبا ما يكون محامي٬ وفي حالة عدم توفر الوكيل على موطن إذ ذاك يتعين عليه تعيين موطن مختار إذ يعمد المحامي إلى إختيار ذلك الموطن لدى أحد زملائه الذين لهم  موطن حقيقي في نفود محكمة الاستئناف المعروضة  أمام أحد  محاكمها  التابعة لها والتي وكل فيها المحامي من قبل أحد أطراف الدعوى.  غير أنه في الحالة التي لا يعمد فيها المحامي بتعيين موطن مختار فيعتبر ذلك قبولا بالتواصل مع كتابة ضبط المحكمة للإطلاع على الإجراءات و تسليم التبليغات خصوصا أن التبليغ يعتبر صحيحا منذ اليوم الذي تتوصل كتابة الضبط وثيقة التبليغ من العون المكلف بذلك. وطبقا لمقتضيات الفصل     524  نجد المشرع ينص صراحة على ترجيع الموطن المختار الخاص بتنفيذ بعض الإجراءات وإنجاز أعمال و إلتزامات ناشئة عنها عن الموطن الحقيقي و الموطن الأصلي وذلك تيسيرا للأشخاص و تجنبا للمشاق و التكاليف. 
علاوة على ما سبق نجد المشرع يوجب كذلك في القانون  14/07 المتعلق بالتحفيظ العقاري ضرورة تعيين طالب التحفيظ لموطن مختار تحت طائلة رفض طلب.  
و يتعين  الإشارة في ختام حديثنا عن الموطن المختار أن المشرع سمح بمقتضى القانون33.11 المعدل للفصل 38  من ق م م إمكانية تبليغ الإستدعاء في الموطن المختار بعد التضارب إذا  كان حاصلا بخصوص هذه الإمكانية قبل التعديل.


الموطن القانوني: 
هناك بعض الحالات التي يتدخل فيها المشرع ويقوم بتعيين المكان الذي يعتبر موطنا بالنسبة لبعض الأشخاص وهكذا نجده في الفصل   من ق م م يحدد الموطن القانوني لكل من فاقدي الاهلية و الموظف العمومي.
حيث نجده يحدد الموطن القانوني لفاقد الأهلية في موطن حاجره و بالرجوع إلى قواعد مدونة الأسرة و خصوصا القواعد المنظمة للأهلية و أحوالها يتضح بأن منعدم الأهلية هو الصغير غير المميز و المجنون وفاقد العقل  وكذا الصغير المميز الذي بلغ سن التمييز والسفيه و المعتوه.
وفي جميع الأحوال فمتى تبث أن الشخص فاقد للأهلية يتم الحجر عليه والتحجير لا يتم إلا بحكم٬ وفي هذا السياق صدر قرار معن محكمة النقض جاء فيه" الأصل في الإنسان البالغ سن الرشد كمال الأهلية و بالتالي تعتبر تصرفاته صحيحة وعلى من يدعي نقصان أو انعدام الأهلية بسبب الجنون أو السفه أو ما شابه ذلك أن يثبته او يستصدر حكما بتحجيره." 
ويتعن الذكر أن فاقدي الأهلية لا يمكنهم أن يتصرفوا في أموالهم ولا متابعة قضاياهم حيث ينوب عنهم في ذلك نوابهم الشرعيين٬ وهم المسموح لهم بتسلم الإستدعاءات المتعلقة بفاقدي الأهلية حتى و لو كان القاصر يقيم في بيت آخر أومدرسة داخلية أو غيرها.  ويجدر لفت النظر هنا إلى أنه إلى جانب الحجر القضائي هناك نوع آخر من الحجر يطلق عليه الحجر القانوني وهو عبارة عن عقوبة اضافية بموجبها يمنع على المحكوم عليه بعقوبة حبسية من التصرف في أمواله وقد تطرق المشرع الجنائي للحديث عن هذا النوع من الحجر وحيثياته في الفصول36   مكرر مرتين و38و 37   من ق م م٬ حيث يتوضح من مجمل هذه الفصول أن المحكوم عليه يحرم عليه من مباشرة حقوقه المالية طوال مدة تنفيذ العقوبة الأصلية بحيث ينوب عنه وكيله أو الوصي القضائي المعين للإشراف على إدارة أموال المحكوم عليه.
يضاف إلى ما سبق نجد المشرع حدد للموظف العمومي موطن قانوني في الفصل521/2 والذي ينص على ما يلي " يكون الموطن القانوني للموظف العمومي هو العمل الذي يمارس فيه وظيفته" ٬وعليه يستشف من خلال هذا الفصل أن موطن الموظف العمومي يتحدد حصرا في المحل الذي يزاول وظيفته٬ و بالتالي وجب متى تعلق الأمر بموظف عمومي وجب أن يتم التسليم بمقر عمله٬ باستثناء الحالة التي نص عليها المشرع في الفصل75    من النظام الأساسي للوظيفة العمومية و المتعلقة بالحالة التي يتغيب فيها الموظف عن الحضور للعمل بغير مبرر قانوني ٬حيث يتم التبليغ له في آخر عنوان شخصي مصرح به للإدارة بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل. وعليها إثبات توصله بالإنذار ويتوجب على الإدارة التأكد من أن الموظف المعني بالتبليغ لا يزال يقيم في آخر عنوان مصرح لديها.
غير أن المشرع لم يحدد إذا كان الأمر يتعلق بشؤون وظيفته أم بقضاياه الخاصة أو هما معا٬ مما دفع البعض إلى إطلاق اللفظ واعتبار موطن الموظف هو الموطن القانوني لجميع القضايا المتعلقة به.
ومن جهة أخرى يطرح تساؤل بخصوص  موطن الموظف المغربي الذي يمارس مهامه في الخارج؟
المشرع هنا تدخل و حافظ للمغربي الذي يمارس وظيفته رسميا بالخارج أسندت له من طرف مؤسسة مغربية أو موجودة بموطنه داخل المغرب وقام بتحديد مقر إقامته  بالبلد الذي يمارس فيه هذه الوظيفة ٬و ذلك طبقا للفصل526      ق م م وقد حدد في المسطرة الثانية من نفس الفصل هذا الموطن في مركز المؤسسة العمومية التي تستخدمه أو مركز إدارته الأصلية أو القسم القنصلي بوزارة الشؤون الخارجية بالرباط إذا كان يعمل بمنظمة دولية.
يبقى في الختام التساؤل عن موطن الأجنبي المقيم بالمغرب؟
الإجابة هنا تكون بأنه وبعد حصوله على بطاقة الإقامة يصبح كالمواطن المغربي بخصوص الأحكام التي تطبق على الموطن ٬غير أن الأجنبي الذي يقوم بمهنة له في المغرب و المسندة إليه من قبل منظمة وطنية أو دولية فهنا لا يتم تطبيق القوانين التي تطبق على موطن المغربي فوق إقليم المملكة.
بعد حديثنا عن الموطن و مختلف أحوالها يتبين لنا بالرجوع الى المادة 38   من ق م م يتوضح  أن المشرع أجاز تسليم الإستدعاء إما إلي الشخص نفسه أو في موطنه أو في محل عمله أو في أي مكان يوجد فيه ٬كما سمح المشرع بتسليم الإستدعاء في الموطن المختار٬وكذلك في محل الإقامة في التي لا يوجد فيها للمعني بالأمر موطن بالمغرب .
 غير أنه تجدر الإشارة في الختام إلى بعض الإشكالات التي يطرحها التسليم في الموطن أولها يكمن في كون المشرع في التعديل الجديد بعبارة موطن بصيغة مطلقة دون تحديد الأشخاص المؤهلين الذين لهم الحق في التسلم في موطن المعني بالأمر٬ حيث أنه قد يكون المتسلم لهذا الإستدعاء من الأشخاص الذين يحقدون على المبلغ إليه فيرفض تسلم الإستدعاء أو يتسلمها ولا يقدمها للمعني بالإستدعاء٬ مما يترتب عن ذلك مجموعة من الآثار المتعلقة أساسا بخصوص الحكم الذي سيصدر في حقه ٬ونشير هنا إلى أن القضاء المغربي اعتبر الزوجة لا يمكن لها أن تسلم الإستدعاء إذا كانت في نزاع مع زوجها رغم أنها في ذمته٬  كما أن السنديك في العمارة لا يحق له تسلم الإستدعاء لأحد القاطنين في العمارة.
عموما فالملاحظ أن عبارة الموطن جاء بها المشرع في التعديل الجديد لازالت تطرح نفس الإشكالات التي كان يطرحها النص قبل التعديل بخصوص التسليم للأقارب و الخدم أو كل شخص يسكن معه.
وبخصوص التسليم في محل العمل وهو المحل الذي يوجد فيه الشخص الطبيعي في وقت من الأوقات ولو كان مقامه فيه عرضيا٬ كالموظف الذي ينتدب للقيام بعمل خارج مقر عمله فيعتبر مقر العمل المنتدب إليه أو السكن المؤقت الذي يتخده في هذه الفترة ولو كان فندقا هو محل إقامته ويصلح لأن يقيم فيه الدعوى أو تقام عليه. 
غير أن هذا النوع من  التبليغات وبالرغم من إيجابياته خصوصا في ضمان توصل المعني بالإستدعاء لهذه الأخيرة ٬غير أنه يطرح بعض الإشكالات حيث أنه غالبا ما يتحاشى الأشخاص أن يكون زملائهم في العمل على علم بخصوصياتهم سيما في الجانبين الأسري و الزجري. 
المطلب الثاني :تبليغ الاستدعاء للأشخاص المعنوية 

حق التقاضي ليس مخولا فقط للأشخاص الطبيعيين بل مسموح به حتى للأشخاص الإعتباريين أو المعنويين الذين يحق لهم أن يكونوا مدعين أو مدعى عليهم و الأشخاص المعنويين نوعان: الأشخاص المعنويين العامة والأشخاص المعنويين الخواص

الفقرة الأولى :الأشخاص المعنويين الخواص
الأشخاص المعنويين الخواص  أشخاص اعتباريين  يخضعون لقواعد القانون الخاص كالجمعيات و الشركات.
 كيفية استدعاء الأشخاص الطبيعيين منصوص عليه في الفصل 561  من ق م م الذي ينص على أنه توجه  الإستدعاءات٬ التبليغات ٬أوراق الإصلاح ٬الإنذارات و التنبيهات المتعلقة بفاقدي الأهلية والشركات و الجمعيات و كل الأشخاص الآخرين إلى ممثليهم القانونيين بصفتهم هذه.
     من خلال الفصل أعلاه يتضح لنا أن الجهة التي منحها المشرع حق تسلم الإستدعاء بخصوص الأشخاص الإعتبارية الخاصة محددة في ممثلها القانوني٬والذي يقصد به الشخص الذي أعطيت له هذه الصفة بمقتضى عقد إنشاء الشركة أو الجمعية أو المؤسسة بمقتضى قانونها الأساسي,غير أن الملاحظ توجه محكمة النقض إلى التوسيع في تحديد نطاق الممثل القانوني حيث جاء في أحد قراراتها  ما يلي:" و بخصوص تسلم الإستدعاء فليس ضروري أن تسلم إلى الممثل القانوني نفسه وتسلم الطي شخصيا وإنما المقصود أن يوجه إلى من ذكر ولو تسلمه موظف أو مستخدم في الإدارة أو الشركة".
 الفقرة الثانية : الأشخاص المعنوية العامة
جدير بالذكر أن الاشخاص المعنوية العامة  تخضع في تنظيمها لقواعد القانون العام,كالدولة و الجماعات الترابية
 يتم تبليغ الإستدعاء إلى الجلسة أو تبليغ الحكم أو أي إجراء آخر بخصوص الأشخاص الإعتباريين العامين  إلى من رفع الدعوى أو رفعت في شخصه أو إلى ممثله أو إلى الوكيل القضائي٬ و إلا كان التبليغ باطلا .فلو أن شخصا أقام دعوى ضد الدولة في شخص رئيس الحكومة ووزير التعليم لتعين أن يقع التبليغ لرئيس الحكومة باعتباره ممثل الدولة و الذي له الصفة في ذلك و لوزير التعليم باعتباره وزير القطاع الذي وجب فيه التعويض٬ أما إذا لم يبلغ الحكم مثلا إلى رئيس الحكومة و إنما إلى وزير التعليم فإنه لا يعتد بهذا التبليغ اتجاه رئيس الحكومة ٬ ويبقى من حقه أن يستأنف أو بطعن بالنقض ضد الحكم المبلغ إلى وزير التعليم و العون القضائي٬ ولا يواجه به رئيس الحكومة.
ونلفت الانتباه إلى أنه  في كل دعوى ترفع ضد الدولة أو إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة عمومية في قضية لا علاقة لها بالضرائب و الأملاك المخزنية يتعين فيها إدخال الوكيل القضائي٬ و إلا كانت الدعوى غير مقبولة كما يمكن إدخالها بمقال إفتتاحي مستقل شرط  أن تكون القضية جاهزة للحكم فيها.
ومما ينببغي الإشارة أن الدعوى لا ترفع فقط  ضد الإدارة المركزية (جهاز الحكومة) بل يمكن رفعها حتى ضد الجماعات الترابية وذلك في إطار للامركزية التي يعرفها التقسيم الإداري المغربي بالإضافة إلى باقي الجهات المحددة في الفصل515     من  ق م م
غير أن التساؤل الذي يطرح في ختام هذه الفقرة يتحدد مدى إلزامية هؤلاء الأشخاص الإدلاء بما يثبت صفتهم؟
الحقيقة أن الواقع العملي يفرز قواعد أخرى تتمثل في عدم إلزام الشخصيات المعنوية العامة بالإدلاء بما يفيد صفة تمثيلهم لهم٬ ودليلنا في ذلك أن القضاء المغربي لم يلزم الصندوق الوطني للقرض الفلاحي حيث جعل الصفة مترتبة على المصلحة ومما جاء في هذا الحكم" وحيث أن الصندوق الوطني للقرض الفلاحي يعتبر مؤسسة عمومية ذات شخصية اعتبارية و استقلال مالي٬ له الحق في الإدعاء لتحصيل حقوقه و أن خضوعه لوصاية الدولة والمراقبة المالية كغيره من المؤسسات العمومية لا يحرمه من إقامة الدعوى لتحصيل حقوقه مما تكون معه المصلحة قائمة في حقه٬ و بالتالي يكون الدفع المشار غير مؤسس قانونيا و بالتالي تكون الصفة بدورها قائمة. 

خاتمة
صفوة القول ,يتضح أن المشرع نص على مسطرة خاصة  للتبليغ تختلف حسبما تعلق الأمر بشخص طبيعي أو معنوي, يتعن على كل باحث في الشأن الاجرائي الالمام بها تكريسا لمبدأ  الحق في التقاضي.

         انتهى بعون من الله وتوفيقه







حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-