أخر الاخبار

واجب الإحتياط في الصّفقات العمومية


للسيدة :جاوي حورية: 
 طالبة بصف الدكتراه بجامعة جيلالي اليابس
بسيدي بلعباس- الجزائر
واجب الإحتياط في الصّفقات العمومية
واجب الإحتياط في الصّفقات العمومية

إنّ موضوع الصّفقات العمومية يكتسي أهمية قصوي تظهر من خلال تعدد أدوارها ووظائفها وإتساع مجالات تدخّلها بإعتبارها أداة بواسطتها يتم إنجاز الأشغال العمومية وتسليم التوريدات والقيام بالخدمات التي تقتضي خدمة المصلحة العامة للبلاد.
ولأنّ الصّفقات العمومية لها علاقة بالمال العام، وجب أخذ الحيطة والحذروتجنب كل المخاطر والتعثّرات التي تحول دون تحقيق تنفيذ الصّفقة وتحقيق المصلحة العامة،فهناك واجبات وتدابير وقائية تقع على عاتق الإدارة ،وتدابير أخرى تقع على عاتق المتعاقد.
ونظرا لكثرة التجاوزات المتعلقة بالمال العام و إهداره في غير محله والتماطل أيضا في تنفيذ الصفقات العمومية فنحن نرى أنه على طرفي العقد الإحتياط من أجل تنفيذ جيد  للصفقة وبالتالي الحفاظ على المال العام ، ونظرا لأهمية الموضوع نتساءل و نقول:
هل يمكن إعتبارواجب الإحتياط مبدءا من مبادئ الصّفقات العمومية؟ وما هي واجبات كل من الإدارة والمتعاقد من أجل ضمان تنفيذٍ جيد للصّفقة؟  وعليه سنتولى الإجابة وفق الخطة التالية.
المبحث الأول :ماهية الصّفقات العمومية
المطلب الأول:تعريف الصّفقات العمومية  .
المطلب الثاني :مبادئ الصّفقات العمومية.
المطلب الثالث:خصائص الصّفقات العمومية
المبحث الثاني :واجب الإحتياط في الصّفقات العمومية.
المطلب الاول :واجب الإحتياط الواقع على عاتق المصلحة المتعاقدة .
المطلب الثاني : واجب الإحتياط الواقع على عاتق المتعاقد.


المبحث الأول: ماهية الصفقات العمومية.
الصّفقات العمومية هي ذلك التصرف القانوني الذي تصدره الإدارة في إطار أداء الوظيفة الإدارية وهذا قصد تحقيق الخدمة العمومية وتسيير المرافق العمومية، وهي عبارة عن عقد إداري يتخذ طبيعة وشكل خاص يجعله مختلف في العديد من جوانبه عن العقود الخاصة، ما يجعلها بذلك تنفرد بالعديد من الأحكام سواءا كانت تشريعية أو تنظيمية.
المطلب الأول: تعريف الصّفقات العمومية.
لمعرفة المفهوم الحقيقي للصّفقات العمومية يجب التطرق إلى تعريفها من جوانب مختلفة لغويا ،تشريعيا وفقهيا وهذاما سنتناوله في هذا المطلب.
الفرع الأول :التعريف اللّغوي والإصطلاحيي.
في اللغة كلمة صفقة تعني العقد أو البيعة ويقال صفقة رائجة أو خاسرة .
أما في الاصطلاح فكلمة صفقة دلالة على نقل السلع أو الخدمات من شخص لآخر، كما يتضمن المفهوم أنها صيغة تجارية بحتة إحتكرتها اللّغة الاقتصادية وتداولته كمصطلح خاص بعالم المال والأعمال .
الفرع الثاني :التعريف التشريعي.
لقد عرّفها المشرع الجزائري من خلال المادة الرابعة في قانون الصفقات العمومية ، بأنها " عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به، تبرم وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم قصد إنجاز الأشغال واإقتناء اللّوازم أو الخدمات والدراسات لحساب المصلحة المتعاقدة".إذن المشرع االجزائري يرى أن الصّفقات العمومية هي عقود مكتوبة تبرمها المصلحة المتعاقدة قصد إنجاز أشغال او إقتناء لوازم أو خدمات وهذا وفق شروط  قد نص عليها قانون الصفقات العمومية .حيث أن المصلحة المتعاقدة  تتمثل في الإدارة تبرم صفقات عمومية من أجل تحقيق المصلحة العامة  مع الإهتمام  بحماية المال العام .

الفرع الثاني : التعريف الفقهي .
بالإضافة إلى هذا التعريف التشريعي للصّفقات العمومية، إقترح الفقه بدوره العديد من التعريفات، نخص بالذكر منها تعريف
L. Richer   الذي إعتبر أن الصّفقة "عقد تتزود بموجبه الإدارة بمواد أو خدمات و تنجز أشغالا مقابل دفع ثمنها"كما إعتبر R. Romeuf  الصفقة العمومية  "عقد بموجبه يلتزم شخص خاص تجاه شخص عمومي بإنجاز أشغال عمومية أو تزويده بمواد أو خدمات بغية تحقيق مرفق عام بثمن محدد بهذا العقد و ذلك تحت مراقبة الشخص العمومي و لحسابه".
مما سبق ذكره يمكن تعريف الصّفقة العمومية على أنها عقود إدارية مكتوبة يتم إبرامها وفق الطرق التي تحددها النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها، وهذه الطرق يقصد  بها إتباع وإحترام المبادئ التي تمكن الإدارة من تحقيق أحسن إنجاز سواء من الناحية الفنية أو المالية  إبتغاءا للمصلحة العامة وحفاظا  على المال العام.

المطلب الثاني :مبادئ الصفقات العمومية.
ترتكز الصّفقات العمومية في واقع الأمر على مبادئ ثلاثة أساسية لا يمكن لها أن تقوم أو تبرم بدونهاو تتمثل في مبدأ المنافسة ومبدأ المساواة ومبدأ الإشهار.
الفرع الأول:مبدأ المنافسة.
   تحدّث المشرع الجزائري على هذا المبدأ في المادة الثالثة من قانون الصّفقات العمومية حيث قال: " لضمان نجاعة الطّلبات العمومية والإستعمال الحسن للمال العام، يجب أن تراعي في الصّفقات العمومية مبادئ حرية الوصول للطلبات العمومية...." إنّ لفظ يجب يبين أن المنافسة مبدأ أساسي وهام جدا لا يمكن الإستغناء عنه وهذا كله قصد ضمان نجاعة الصفقات العمومية، والمنافسة مشروعة في مختلف الجوانب الحياة خاصة عندما يتعلق الأمر بالصّفقات العمومية.
إذن مبدأ المنافسة يقوم على أساس وقوف الإدارة موقفا حياديا إزاء المتنافسين.
الفرع الثاني: مبدأ المساواة بين المتنافسين:
المقصود بالمساواة بين المتنافسين إيجاد نفس الفرص لكل من يتقدم إلى المناقصة أو المزايدة وهذا دون أي تمييز و يجب معاملة جميع المشتركين في المناقصة معاملة متساوية.كما يقضي مبدأ المساواة بين المتنافسين في العطاءات عدم جواز إستبعاد أي متقدم لأسباب غير قانونية.وقد أكدت المادة 03 من المرسوم الرئاسي رقم 10 / 236 هذا المبدأ بنصها" لضمان نجاعة الطلبات العمومية والإستعمال الحسن للمال العام، يجب أن تراعى في الصفقات العمومية مبدأ حرية الوصول للطلبات العمومية والمساواة في معاملة المترشحين وشفافية الإجراءات.
الفرع الثالث: مبدأ العلانية في التعاقد . يجب أن لا يكون إبرام العقد الإداري سريا، وتقصد بالعلنية معرفة الكل أي الجميع بأن الدولة سوف تبيع أو تؤجر أو تشترى أو سوف تقوم بعمل عام .... إلخ والغاية من هذا حتى لا تعقد الصّفقات العمومية في أجواء يشوبها الشك، لأن عدم الإعلان عن الصّفقة العمومية لا يتيح الفرصة لمن يرغب في التعاقد كي يتنافس ويشارك إن إعلان الإدارة عن رغبتها في التعاقد شرط ضروري وهذا لضمان نجاعتها ومنح فرص متكافئة للراغبين في التعاقد .ويظهر أخذ المشرع الجزائري بهذا المبدأ في نص المادة 45 من المرسوم الرئاسي 10/236 المتضمن الصّفقات العمومية. إلى جانب هذه المبادئ الثلاثة يمكن ان يضاف لها مبدأ رابع وهو ذلك المتعلق بواجب الحيطة والحذر نظرا لاهمية ذلك في ضمان تنفيذ حسن للصّفقة العمومية.
كما ترى الباحثةCatherine prebissy  أنه إلى جانب إحترام مبدأ المنافسة والمساواة والإشهار ،يضاف أيضا إحترام مبدأ آخروهو مبدأالحيطة و الحذرفي مرحلة تنفيذ الصّفقة.
المطلب الثالث: خصائص الصّفقات العمومية:
إنّ إعتبارالصّفقات العمومية من العقود الإدارية أمر يجعلها تتميز بعدة خصائص نذكر منها ما يلي:
الفرع الأول:من الجانب الشّكلي:
1- أنهاعقود مكتوبة:
    قيّد المشرع الجزائري الصّفقات العمومية بالكتابة وهذه الأخيرة تستمد صفتها الرّسمية من وجود السلطة الإدارية طرفا جوهريا في هذا العقد وهي ما يعرف في صلب النّصوص القانونية 'بالمصلحة المتعاقدة' إذن تبنى المشرع مبدأ الكتابة الشكلية للصّفقات العمومية وهي شرط جوهري نظرا للأهمية الإستراتيجية للصّفقات العمومية وتعلقها بالمال العام ، بالإضافة إلى الحجم المالي الذي تخصصه الدولةلإنجاز الصّفقات العمومية وفي هذا المجال تشير المادة السادسة من القانون بأنه:" كل عقد أو طلب يساوي مبلغه ثمانية ملايين دينار ( 8.000.000 دج) أو يقل عنه لخدمات الأشغال أو اللوازم وأربعة ملايين دينار(4000.000 دج) لخدمات الدراسات أو الخدمات لا يقتضي وجوبا إبرام صفقة في مفهوم هذا المرسوم. )
بمفهوم المخالفة لهذا الحكم فإن كل عملية مالية تزيد عن المبالغ المذكورة في المادّة أعلاه تصب في شكل صفقة عمومية.والشكلية المنصوص عنها في المادة الرابعة هي الشكلية للإنعقاد والقضاء الإداري الجزائري كان صارما فيما يتعلق بشرط الكتابة بالنسبة للصفقات العمومية.
2- تنظيمها بمقتضى مرسوم رئاسي:
كماهومعلوم أن المرسوم الرئاسي هو الشكل القانوني لسلطات رئيس الجمهورية،وقدتم تنظيم الصّفقات العمومية بمقتضى المرسوم الرئاسي250/02المشارإليه سابقا والذي خضع لعدة تعديلات آخرها بمقتضى المرسوم الرئاسي13/03 .
وهذا نظرا لإعتبارالصّفقات العمومية بمثابة المجال الهام والإستراتيجي لتسييروإستهلاك الأموال العمومية وتنفيذ المشاريع التي لها علاقة وثيقة بتحقيق الخدمات العمومية للجمهور هذه الأهمية هي التي جعلت النظام القانوني للصّفقات العمومية يخضع إلى عدة تطورات إستجابة للتغيّرات والمؤشرات الإقتصادية التي عاشتها الجزائر، بالإضافة إلى التعديلات التشريعية التي مرّ بها قانون الصّفقات العمومية
الفرع الثاني : من جوانب أخرى.
1- تعلقها بالأموال العامة:
إنّ الصّفقات العمومية تتعلق أساسا بتسيير وإستهلاك الأموال العمومية، هذه الأخيرة التي عرّفها الفقه بأنها تلك الأموال المنقولة والثابتة المملوكة للدولة أو الأشخاص المعنوية العامة والتي يتم تخصيصها للمنفعة العمومية، وهي ما يعرف بالدومين العام.فالأموال العامة هي ملك لجميع أفراد الوطن ، فالحفاظ عليها مسؤولية الجميع .
2-إستخدام أساليب القانون العام: حينما تتعاقد الإدارة بهدف تسيير المرافق العمومية فإنها تلجأ في ذلك إلى أساليب القانون العام وتظهر هذه الأخيرة من خلال تضمين العقد شروطا إستثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص وتمتّع الإدارة بإمتيازات السلطة العامة التي تظهر في إصدار أوامر وتعليمات لتنفيذ العقد الإداري.
3-الإدارة هي أحد طرفي العقد :
حتى يعتبر العقد إداريا يجب أن يكون أحد طرفيه شخصا من أشخاص القانون العام، سواء تعلق الأمر بالدولة أو بأحد الأشخاص المعنوية الإقليمية أو المرفقيةوهذا ما يميزه عن العقود الخاصة التي تبرم بين أشخاص القانون الخاص.
4- إحاطتها بحماية قانونية خاصة:
  إن القراءة العميقة لقانون الصّفقات العمومية توحي بوجود العديد من الأحكام التي خصّها المشرع بها، لاسيما على ضوء التعديلات الأخيرة التي طرأت على هذا القانون بهدف تعزيز الشفافية وتثمين مردود الصّفقات العمومية وتظهر هذه الحماية القانونية في تضمين الصّفقات العمومية جملة من الشّروط والإجراءات الشّكلية وتحديد الشّروط التي تبرم وتنفّذ وفقها الصّفقات وكذلك كيفية إختيار المتعامل المتعاقد،وكافة القواعد الموضوعية والإجراءات الشكلية التي تسري على المناقصات و الإستشارة المسبقة المنصوص عنها في قانون الصّفقات العمومية02/250المعدّل والمتمّم .
5-أنها تقوم على مبادئ أساسية:     
 إن أهم ميزة للصّفقات العمومية أنها تخضع لمبادئ أساسية  وهي مبدأ المنافسة ومبدأ الإشهار والمساواة  .
وهذا ما جاء به المشرع الجزائري في قانون الصّفقات العمومية في المادة الثالثة منه كما تم ذكره سابقا.
6- أنها تتميزبالعالمية :                                                                                        
   الصّفقات العمومية تبرم في أغلب دول العالم  وكل دولة لها قانون صفقات عموميةخاص بها ففي الجزائر نجد قانون 250/02 المعدل والمتمم وأيضا يوجد قانون الصّفقات المغربي وفي فرنسا قانون الصفقات الفرنسي ونفس الشيئ بالنسبة لباقي دول العالم  وهذا بالرغم من تواجد بعض الإختلافات والتسميات نجد أن الشيئ المشترك بين صفقات معظم دول العالم أنها تخضع لمبادئ المنافسة والمساواة والإشهار وكذلك ربط إبرام الصّفقات العمومية بضرورة المحافظة على البيئة وهذا ما يسمى بالصّفقات الخضراء،حيث أننا نجد أن مختلف التشريعات قد تفطنت لأهمية حماية البيئة وضرورة إحترام مبدأ الإحتياط في كل المجالات دون إستثناء خاصة في مجال الصّفقات العمومية لما لهذه الأخيرة من أهمية واضحة وعلاقتها المباشرة بالبيئة .
المبحث الثاني: واجب الإحتياط في الصّفقات العمومية:
للصّفقات العمومية أهمية كبرى في الإقتصاد الوطني لذلك أولاها المشرع الجزائري أهمية خاصة لعلاقتها المباشرة بالمال العام، وبالتالي المصلحة العامة فكان لابد من الحرص والحذر وتحقيق واجب الإحتياط في جميع مراحل الصّفقة وهذا لضمان نجاعتها وحسن سيرها.
نلمس هذا الإحتياط في عدة جوانب منها الكتابة، الدراسات المسبقة، دفتر الشروط، الالتزام بالمبادئ الثلاث (منافسة، الإشهار، المساواة) في عملية إختيار المتعامل المتعاقد، الضمانات والرقابة بأنواعها.
المطلب الأول: واجب الإحتياط الواقع على المصلحة المتعاقدة .
على المصلحة المتعاقدة القيام بواجبها المتمثل في الإحتياط وتوخي الحذر من كل عائق يعرقل تنفيذ الصّفقة.ومبدأ الإحتياط يوجّه إلى صاحب القرار العمومي الضامن للمصلحة العامة والقادر على تسيير المخاطر على المدى البعيد.
الفرع الأول: كتابة العقد ووضع دفتر الشروط.
  1. كتابة العقد:
جاء في تعريف الصّفقات العمومية في المرسوم 03/13في المادة 4 "الصّفقات العمومية عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به، تبرم وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم قصد إنجاز الأشغال وإقتناء اللوازم والخدمات والدراسات، لحساب المصلحة المتعاقدة" .فنحن نرى أن هذه الصفقات هي عقود مكتوبة فشرط الكتابة هنا دال على حرص المشرع على أن تكون العقود مكتوبة والإهتمام بكتابة العقد يوفر جانب  حماية للطرفين ويقطع دابر الإحتيال والإخلال في التنفيذ، وهذا حفاظا على المال العام وفي القرآن جاءت الإشارة إلى تعزيز معنى حفظ الحقوق من خلال الكتابة، ويدخل في ذلك المعاني المتضمنة في الكتابة قال الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ..."
ففي الكتابة تصاغ المعاني الأصلية للعقد مع تفصيل للالتزامات وبيان للحقوق والواجبات وحتى الآجال.
  1. وضع دفتر الشروط:
    دفتر الشروط (Cahier Des Charges) يتكون من مستندات ووثائق الصّفقة التي تحوي المواصفات التفصيلية والتصاميم والرسومات والجداول المتعلقة بموضوع الصّفقة، كما تتضمن الشروط والتعليمات اللازمة والإجراءات الواجب إتباعها من قبل المشتركين في الصّفقة، وتبين الجزاءات والغرامات المترتبة على الإخلال بالشروط والمواصفات المطلوبة.
هذا الدفتر تعدّه الجهة الطارحة للصّفقة بعد دراسة دقيقة يقوم بها أهل الإختصاص.
وذكر المشرع الجزائري في المادة 10 من المرسوم الرئاسي 03/13ما يلي :
" توضع دفاتر الشروط المحينة دوريا، الشروط التي تبرم وتنفذ وفقها الصّفقات وهي تشمل على الخصوص ما يأتي:
يتم إعداد دفتر الشروط من طرف الإدارة قبل إبرام أيّ صفقة ويبلّغ لجميع المترشحين مُطلعا إياهم عن الشروط العامة، ويعتبر دفتر الشروط أساس تكوين الصّفقة حيث يحدد بموجبه كيفيات إبرام وتنفيذ الصّفقات في إطار الأحكام التنظيمية وقبل كل نداء للمنافسة وحتى بالنسبة لأسلوب التراضي  ينبغي على الإدارة إعداد دفتر الشروط بالدقة اللازمة وإبلاغه لجميع المترشحين.
وتقتضي دقة دفتر الشروط تحديد الخدمات المطلوبة أو السّلع المطلوبة ومكان التسليم والتركيب والضّمانات المطلوبة وأعمال الصّيانة.
كما يحدّد دفتر الشّروط الأشكال والأساليب المطلوبة لتقدير مطابقة المنتوج المطلوب أو الأشغال المراد إنجازها كما يتعين تحديد المواصفات التقنية كما يتعين توافق مخططات تنفيذ الصّفقة مع المعايير العالمية بوضوح.
ومن جهة أخرى، تحدّد الشّروط العامة إلتزامات المتعاقد ومبلغ الكفالة والتعويضات والعقوبات وشروط فسخ العقد والتسبيقات التي يستفيد منها المتعاقد حسب كل نوع من أنواع تسديد مبلغ الصّفقة.
من ثم يمكن القول أن دفتر الشّروط يشكل الجزء المهم في ملف الصّفقة، وهي توضح الشروط التي تبرم وفقها الصّفقات وهي تشمل خصوصا ما يأتي:
  1. دفاتر البنود الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال واللّوازم والدراسات والخدمات الموافق عليها بموجب مرسوم تنفيذي.
  2. دفاتر التعليمات المشتركة التي تحدد الترتيبات التقنية المطبّقة على كل الصّفقات المتعلقة بنوع واحد من الأشغال واللوازم والدراسات أو الخدمات، الموافق عليها بقرار من الوزير المعني.
  3. دفاتر التعليمات الخاصة التي تحدد الشروط الخاصة بكل صفقة.
ونجد أن المشرع أكّدعلى ضرورة الإعداد المسبق لدفاتر الشروط وهذا في المادة 09 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته () التي جاء فيها ما يلي: " يجب أن تؤسس الإجراءات المعمول بها في مجال الصّفقات العمومية على قواعد الشفافية والمنافسة الشريفة وعلى معايير موضوعية ويجب أن تكرس هذه القواعد على وجه الخصوص..... على الإعداد المسبق لشروط المشاركة والإنتقاء".
إذن يتعين على الإدارة أن تقوم بإعداد دفتر الشروط قبل الدّعوة إلى إبرام الصّفقة وتحدد في هذه الدفاتر شروط المشاركة في المنافسة للحصول على الصّفقة وقواعد إنتقاء المتعامل المتعاقد من بين المترشحين الرّاغبين في التعاقد معها لتنفيذ الصّفقة () وهذا حرصا على تحقيق الإنتقاء الحسن والجاد للمتعامل المتعاقد من أجل تحقيق المصلحة العامة وحماية للمال العام من سوء التسيير والضّياع.
الفرع الثاني: الدراسات المسبقة:
إن الدراسات المسبقة التي تقوم بها الإدارة تسمح بتحديد دقيق للحاجيات المطلوبة وتسمح بإتخاذ القرار النهائي لتنفيذ المشروع كما تضمن تنفيذ إنجاز المشروع بصفة سليمة من الأخطاء، عليه فإنه يتعين القول أن الدراسات المسبقة ضرورية لكل صفقة (واجبة).
كما يجب أخذ الوقت اللازم الذي تقتضيه الدراسات وإتخاذ القرارات والمخطّطات المطلوبة بكل وضوح وإختيار مكتب أو مكاتب الدراسات المؤهلة أو المختصة بالنظر إلى كل مشروع والعمل على توافق الهيئة المتعاقدة مع مكاتب الدراسات.
وعموما تنصب الدراسات على النجاعة، الملائمة، التأثير على البيئة ،الدراسة الجيو تقنية للأرض بالنسبة لمشاريع الإنجاز، الدراسات القبلية، الدراسات المختلفة.
1- دراسة النجاعة:
هذه الدراسة ضرورية في حياة المشروع وهي تسمح بالإجابة على التساؤلات الآتية:
هل المشروع قابل للإنجاز؟ وما هي الشروط التقنية والمالية لذلك؟
2- دراسة الملائمة:
تسمح هذه الدراسة من قياس أهمية ومردودية المشروع المراد إنجازه ويمكن بالتالي تحديد إيجابيات وسلبيات المشروع، كما تهدف هذه الدراسة لتحديد أهداف التنمية وإشباع الحاجات الاجتماعية.
3- دراسة تأثير المشروع على البيئة (القانون رقم 83/03 المؤرخ في 05/04/1983)
وتهدف هذه الدراسة إلى ضمان عدم تأثير المشروع على البيئة وذلك باستثناء الأشغال المحددة بالمرسوم التنفيذي رقم 78/90 المؤرخ في 27/02/1990 وتنصب هذه الدراسة على:
تحليل ودراسة موقع إنجاز المشروع.
تحليل ودراسة تأثير المشروع على البيئة.
أخذ الإحتياطات الممكنة للحد أو الإنقاص من الأضرار التي يمكن أن تنجرّ عن المشروع وكذا رصد الأموال الممكنة للتصدي لذلك.
معرفة الأسباب التي من أجلها وُضع المشروع.
وتخضع هذه الدراسة لتحقيقٍ عام ينتهي بقرار من وزارة البيئة يتضمن الموافقة أو رفض إنجاز المشروع، وعن عدم القيام بمثل هذه الدراسة فعل مجرم قانونا.
4- الدراسة الجيوتقنية للأرض:
وتسمح هذه الدراسة من تحديد الخصائص الميكانيكية للأرض المراد إنجاز المشروع عليها، وتوجه مثل هذه الدراسة صاحب المشروع لاختيار الأرضية المناسبة.
5- الدراسة القبلية (دراسة المشروع الأول) :
ويتمثل في المشروع التمهيدي العام (A.P.S) والمشروع التمهيدي المفصل (A.P.D).
فالأول يهدف إلى تحديد الترتيبات وإقتراح الأولويات ومن ثم إقتراح صورة المشروع.
بينما الثاني ينصب على تعميق الدراسة للحالة المتوصل إليها للمشروع وفي هذه الدراسة ينبغي أن يكون للمصلحة المتعاقدة المعلومات الضرورية للمشروع، لاسيما الأهداف المرجوة من المشروع،المهام ،والبرنامج  الزمني لتنفيذ المشروع، الميزانية المطلوبة، التنظيم والمراقبة.
6- الدراسات المختلفة للشبكات:
ويبدأ ذلك بحصر الشبكات الموجودة أو المطلوبة ومن ثم إيجاد وسائل تفاديها والمحافظة عليها تتم الدراسات بهذا الشأن مع الهيئات المختصة ( سونلغاز، البريد، مؤسسة توزيع المياه......)
هذه الشبكات كثيرا ما تنجرّ عنها أضرار قد يوجد بها حلا بالعقد إن لم يتوفر ذلك .
فيمكن إجراء خبرة لتحديده، وعلى المصلحة المتعاقدة ألاَ تباشر تنفيذ المشروع، إلا إذا كانت الأرضية تسمح بذلك أي لا يوجد عائق.
الفرع الثالث: الرقابة أساس حسن تنفيذ الصّفقة:
   إنه من الضّرورية إخضاع الصّفقات العمومية للرقابة تلازم مختلف مراحلها قبل الإبرام وأثناء التنفيذ وبعده والهدف الأساسي في تسليط هذه الرقابة هو التأكد من تطبيق الأهداف المرجوة من وراء التعاقد وإلزام الهيئات العمومية والمستقلة بالتقييد بأحكام قانون الصّفقات العمومية خاصة منها تطبيق مبادئها الثلاثة ،المنافسة والإشهار، والمساواة بين المتنافسين .
ونظرا لأهمية الرقابة نجد ان المشرع قد خصص لها بابا كاملا وهو الباب الخامس من المرسوم الرئاسي 03/13وحدّد أنواع الرقابة منها: الرقابة الداخلية، الرقابة الخارجية، رقابة الوصاية.
الفرع الرابع: حسن إختيار المتعامل المتعاقد:
المتعامل المتعاقد هو ذلك الشّخص الطبيعي أو المعنوي المعروف بـ"المقاول" أو "المورد" حسب الحالات وهو مكلف بتنفيذ الصّفقة (إنجاز، خدمات...).
لذلك وجب على المصلحة المتعاقدة أن تختار المتعامل المتعاقد المناسب لتنفيذ الصّفقة وهذا بإحترامها للمبادئ الأساسية للصّفقات مبدأ الإشهار والمنافسة والمساواة.
كما جاء في المادة 39 من المرسوم الرئاسي 03/13المؤرخ في 13 جانفي 2013 ما يلي: "يتعين على المصلحة المتعاقدة أن تتأكد من قدرات المتعامل المتعاقد التقنية الخاصة ومراجعه المهنية" .
فحسن إختيار المتعاقد يعني سهولة تنفيذ الصّفقة وتجنب متاعب الإخلال بالالتزامات العقدية، وبالتالي تحقيق الهدف المرجو وهو المحافظة على المال العام والمصلحة العامة.
إذن المصلحة المتعاقدة هي المختصة بإختيار المتعاقد،كما يجب أن تكون معايير إختيار المتعامل المتعاقد ووزن كل منها مذكورة إجباريا في دفتر الشّروط الخاصّ بالمنافسة وكما يجب أن يستند هذا الاختيار على الخصوص إلى ما يأتي المادة56من المرسوم10/236.
1-الأصل الجزائري أو الأجنبي للمنتوج.
2-الضمانات التقنية والمالية والسعر والنوعية وآجال التنفيذ.
3-التكامل مع الاقتصاد والوطني وأهمية الخصوص أو المواد المعالجة ثانويا في السوق الجزائرية.
4-شروط التمويل التي تمنحها المؤسسات الأجنبية والضمانات التجارية وشروط دعم المنتوجات ( الخدمة بعد البيع والصيانة والتكوين).
5-إختيار مكاتب الدراسات.
يمكن أن تؤخذ إعتبارات أخرى في الحسبان بشرط أن تكون مدرجة في دفتر شروط المناقصة.
لا يسمح بأي تفاوض مع المتعهدين بعد فتح العروض وأثناء وتقييم العروض لإختيار الشريك المتعاقد ()المادة 58 يمكن المصلحة المتعاقدة أن تسند إنجاز مشروع واحد إلى عدة متعاملين ويختص كل واحد منهم بإنجاز قسم من المشروع، إذا إقتضت مصلحة العملية إلى ذلك، وإذا نص دفتر الشروط المناقصة وهيكلة رخصة البرنامج على ذلك ويجب في هذه الحالة، أن تتضمن الصّفقة أو الصّفقات بندا ينص على أن المتعاملين المتعاقدين يتصرفون مشتركين أو منفردين، ويلتزمون بالاشتراك والتضامن بإنجاز المشروع المادة 59.

المطلب الثاني: واجب الإحتياط الواقع على عاتق المتعامل المتعاقد:
بعد توقيع العقد يصبح المتعاقد ملزما بتنفيذ العمل محل التعاقد وبضمان سير الصّفقة العمومية في الآجال المحدّدة.
لهذا يجب على المتعاقد أخذ كل التدابير والإحتياطات اللازمة لتحقيق تنفيذ العقد دون أي إخلالات وأن يتفادى الإهمال والتقصير والإهتمام بواجب الإحتياط لأن المال العام هو ملك للجميع، والمصلحة العامة هامة جدا لا يمكن أن يستهان بها ولذا وجب عليه ما يلي:
الفرع الأول: الإلتزام بتنفيذ العمل محل العقد:
يجب على المتعاقد أن يلتزم بتنفيذ العمل طبقا لشروط عقد الصّفقة.
فالإتزام بتنفيذ العمل يعني إتباع كل ما يتم توضيحه في عقد الصّفقة وفي دفتر الشروط، كما أنه ليس للمتعاقد الحق في إجراء أي تعديل للعقد وأن أي عمل يضيفه من تلقاء نفسه فإنه يعتبر إخلالا.
الفرع الثاني: الإلتزام بضمان سير العمل:
إن الإلتزام بضمان سير العمل هو إلتزام يبقى على عاتق المتعاقد حتى بعد تسليمه نهائيا وفق الإجراءات القانونية، لأن مسؤولية المتعاقد تظل قائمة حتى بعد إنهاء إنجاز العمل المطلوب، لذلك على المتعاقد الحرص دائما على إنجاز أعماله وفق الآجال والشروط المتفق عليها دون زيادة أو نقصان وهذا تفاديا للمتاعب التي قد تصيبه عند إخلاله بشروط العقد.
الفرع الثالث: الإلتزام الشخصي بتنفيذ العمل:
إن إلتزام المتعاقد بالتنفيذ الشخصي في عقد الصّفقة يفرض عليه عدم التنازل أو التعاقد بالباطن دون موافقة المصلحة المتعاقدة.
إن التنفيذ الشخصي للعقد يعني التعاون الشخصي مع المصلحة المتعاقدة على تنفيذ العقد في ظروف إيجابية، وهذا يتطلب ضرورة أخذ الحيطة والحذر والحرص على ضرورة تواجده المستمر للمتعاقد أو المثل القانوني في مكان إنجاز المشروع بغية السهر على العمل  والإشراف والمراقبة وسير الأعمال دون وقوع أي تأخير  أو تقصير أو تغيير.

الفرع الرابع: الحرص على إحترام الآجال أو المدة الزمنية المتفق عليها:
من واجب المتعاقد أن يعمل على تنفيذ أعماله في الميعاد المحدد لأن مخالفة ذلك يعني توقيع الجزاء عليه من طرف الإدارة وهذا إبتداءابغرامة التأخير إلى التعويض أو إلى فسخ العقد.
لذلك من واجبه الحرص على تنفيذ العقد في المدة المتفق عليها مع المصلحة المتعاقدة.
إن صاحب الصّفقة بإعتباره متعاونا مع الإدارة في تحقيق الصّالح العام وعلى أساس أن تنفيذه لواجباته على الوجه الأكمل من شأنه أن يحقق النتائج المرجوة من إبرام الصّفقات العمومية، فإنه يكون ملزما بتنفيذ وتسليم موضوع الصّفقة في الآجال المتفق عليها في صلب كراسات الشروط المعتمدة.
إضافة إلى كل هذه الإلتزامات يجب على المتعاقد أن يكون على علم دائم بشروط عقد الصّفقة وأن يعمل على تنفيذها كما هي دون أي تغيير، كما يجب عليه أيضا الحرص على إنجاز المشروع دون أن يتسبب في أية أضرار للبيئة ويجب عليه أيضا أن يكون على يقين أن المال العام والمصلحة العامة أولا قبل مصالحه الشخصية.




هدف1

هدف 2

مخطط يمثل عقد الصفقة المبرم بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد بهدف تحقيق المصلحةالعامة

خاتمة:
يتضح لنا من خلال دراسة هذا الموضوع أن الإدارة تتمتع في مجال الصّفقات العمومية بسلطات واسعة نابعة من مركزها التعاقدي الممتاز في مواجهة المتعاقد معها ،ونظرا لأهمية الصّفقات العمومية وتعلقها بالمال العام والمصلحة العامة كان على المصلحة المتعاقدة أخذ كل التدابير والإجراءات اللازمة لإختيار المتعاقد المناسب ،من أجل تحقيق تنفيذ جيد للصّفقة وضمان التوافق والتفاهم مع المتعاقد مما يؤدي إلى تحقيق سرعة تنفيذ الإلتزامات التعاقدية .
فهناك واجب إحتياط واقع على المصلحة المتعاقدة من إتباع لكل الإجراءات الضّرورية وإحتراٍم للمبادئ المتعلقة بالصّفقات العمومية والرّقابة عليها  وإختيار المتعامل المتعاقد المناسب ووضع الضّمانات اللازمة من أجل دفع المتعاقد لتنفيذ الصّفقة في أحسن الظّروف وإحترامه للآجال المحددة في العقد وكل هذا من أجل الحفاظ على المال العام.
كما يجب على المتعاقد أخذ كل الحيطة والحذر وعدم الإهمال و تنفيذ إلتزاماته التعاقدية دون أي إخلال أو تقصير أو تأخير.
في الاخير يمكن القول أن واجب الإحتياط في الصّفقات العمومية أمر هام لأنه يهدف إلى ضمان تنفيذ الصّفقات العمومية بعيدا عن الإخلالات و المنازعات بين المصلحة المتعاقدة والمتعاقد وكذلك المحافظة على المال العام والمصلحة العامة.
واجب الإحتياط في الصّفقات العمومية  يمكن إعتباره مبدءًاًمن مبادئ الصّفقات العمومية  إلى جانب مبدأ الشّفافية والمساواة والإشهارنظرا لأهميته البالغة، فالعمل به ضروري من أجل تنفيذٍفعال للصّفقة العمومية .




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-