أخر الاخبار

إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية / مهم

.
.
.
.

إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية

تقديم

تعد إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة من المواضيع التي أثير حولها نقاش واسع،من قبل الباحتين والفقهاء خصوصا مع تطور الاجتهاد القضائي، وذلك من أجل البحث عن الوسائل والضمانات الكفيلة بحمل الإدارة على تنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهتها . ففي الواقع لا قيمة لمبدأ المشروعية في الدولة ما لم يعترف بمبدأ احترام القضاء، بل لا قيمة للقانون بغير تطبيق ولا قيمة للأحكام القضائية بدون تنفيذها . وإلا فماذا يجدي أن يجتهد القاضي الإداري في إيجاد الحلول الناجعة بما يتلائم وضمان الحقوق والحريات ومبدأ المشروعية إذا كانت أحكامه لا تطبق،فما يطمح إليه كل متقاضي من دعواه لدى القضاء الإداري ليس هو إغناء الاجتهاد القضائي في المادة بل استصدار حكم لصالحه يحمي حقوقه ، فبدون تنفيذ تصير الأحكام بدون جدوى ويفقد الناس ثقتهم في القضاء ويذب اليأس وينعدم الأمن والاستقرار .

وتكمن إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة بالأساس في غياب مسطرة فعالة وناجعة لإجبار الإدارة على التنفيذ .ولهذا يبقى التساؤل المطروح هل استطاع الاجتهاد القضائي إيجاد الضمانات الكفيلة لحمل الإدارة على تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهتها ؟ أم أن الأمر على خلاف من ذلك مرتبط بأخلاقيات الإدارة من جهة، وعقلية المسؤول من جهة أخرى ؟

ويتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من الأسئلة الفرعية :
- ما هي الصعوبات التي تعيق تنفيذ الأحكام الإدارية ؟
- وما هي مبررات الإدارة التي تحتج بها للامتناع عن تنفيذ الأحكام الإدارية ؟
- وهل تمت هناك ضمانات كفيلة بحمل الإدارة على تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها؟

وللإجابة على هذه الإشكالية فإننا نقترح التصميم التالي :

التصميم
المبحث الأول: الصعوبات والمبررات التي تحتج بها الإدارة للامتناع عن تنفيذ الأحكام الإدارية.
المطلب الأول :صعوبات تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة.
الفقرة الأولى : انعدام مسطرة خاصة لتنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة.
الفقرة الثانية : محدودية سلطة القاضي في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية.

المطلب الثاني: مبررات الإدارة في الامتناع عن تنفيذ الأحكام الإدارية .
الفقرة الأولى : الرفض الصريح لاستحالة تصحيح المركز القانوني للمتضرر.
الفقرة الثانية : ضعف الموارد المالية الكفيلة بحمل الإدارة على تنفيذ الأحكام الإدارية.
الفقرة الثالثة : الحفاظ على النظام العام وسير المرفق العمومي.ٍ
المبحث الثاني: الوسائل والضمانات الكفيلة بحمل الإدارة على تنفيذ الأحكام القضائية.
المطلب الأول: وسائل جبر الإدارة على تنفيذ الأحكام الإدارية .
الفقرة الأولى : الضغط الذي يمارسه المتضرر .
الفقرة الثانية : الضغط الذي يمارسه القاضي.
الفقرة الثالثة : ربط مسألة عدم التنفيذ بمسؤولية الإدارة.
الفقرة الرابعة : توقيع جزاءات على الممتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية.
الفقرة الخامسة : لجوء المتضرر لمؤسسة ديوان المظالم.
المطلب الثاني:دور سلطة الوصاية في حمل الإدارة على تنفيذ الأحكام الإدارية.
خاتمة

المبحث الأول: الصعوبات والمبررات التي تحتج بها الإجارة للامتناع عن تنفيذ الأحكام الإدارية.

سنقوم خلال هذا المبحث إلى التطرق إلى صعوبات تنفيذ الأحكام الإدارية ضد الإدارة ( المطلب الأول ). والمبررات التي تحتج بها الإدارة للامتناع عن تنفيذ الأحكام الإدارية ( المطلب الثاني ).

المطلب الأول :صعوبات تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة.

الفقرة الأولى : انعدام مسطرة خاصة لتنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة.

لم ينص القانون 90_41 على مسطرة خاصة لتنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضد الإدارة مكتفيا بالقول ’ يتم التنفيذ بواسطة كتابة ضبط المحاكم الإدارية التي أصدرت الحكم’ وفي المادة السابعة منه ,تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك,

باستقراء مختلف القواعد المتعلقة بالتنفيذ الجبري الواردة في الباب الثالث من قانون المسطرة المدنية تجعل من الصعوبة بما كان تطبيق بعض الفصول لاسيما الفصل 440 القاضي بقيام عون تنفيذ بالإجراءات المتعلقة بالتقييم في حالة رفض المدين الوفاء بالدين المحكوم به , فهي تتعلق بالالتزامات المالية فقط ولا تتجاوب وأحكام دعوى الإلغاء .

بالإضافة لصعوبة تطبيق مسطرة الإكراه البدني في حق شخص معنوي,

وعمليا وفي ظل غياب صيغة تنفيذية تتلاءم وطبيعة الأحكام الإدارية فإن الأمر اقتضى تذييل الأحكام الإدارية بالصيغة التنفيذية الخاصة بالأحكام المدنية وهذا ما شكل إشكالا لدى كتابة الضبط التي تكتفي بوضع طابع يحمل عبارة نسخة مسلمة طبق الأصل ولأجل التنفيذ.

كما اتفقت المحاكم الإدارية بالمغرب لسد هذا الفراغ التشريعي من خلال وضع صيغة تنفيذية على أمل أن يفكر المشرع في وضع صيغة خاصة بالأحكام الإدارية .

كذلك وبتطبيق مقتضيات الفصل439 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على أن لكتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم أن تنسب عنها كتابة ضبط المحكمة الإدارية التي يجب أن يقع التنفيذ في دائرتها القضائية .

فإننا نجد إمكانية تولي إنابة قضائية إلى محكمة إدارية أخرى دون انتقال عون التنفيذ التابع للمحكمة المصدرة للحكم إلى المدينة التي سيتم بها التنفيذ ,وهذا لا يطرح أي إشكالية من الناحية النظرية .

إلا أن مشكل يبقى في حالة كان التنفيذ سيجري في مدينة لا توجد بها محكمة إدارية.

الفقرة الثانية : محدودية سلطة القاضي في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية

ينص الدستور على أن القضاء مستقل عن السلطة التنفيذية والتشريعية, فهو مستمد من طبيعة العمل القضائي الذي يتجلى في حسم المنازعات بتطبيق القانون، وليس مجرد وظيفة تتولاها المحاكم استنادا لمبدأ فصل السلط , كما أنم الاستقلال يعتبر مهمة تنبعث من ضمير القاضي وأخلاقياته انطلاقا من تحقيق التوازن بين المصلحة العامة واحترام الحريات الفردية . وكل ذلك يجب أن يبدأ من تجاوز المعوقات المرتبطة بالقضاء والقاضي شخصيا, والمتمثلة في القيود المفروضة عليه سواء من خلال التزامه بعدم عرقلة عمل الإدارات العمومية أو منى حلال احتكار هذه الأخيرة لسلطة الإكراه بحكم مبدأ فصل السلط , فكيف للقاضي الإداري أن يلزم الإدارة على تنفيذ حكم قضائي صدر ضدها. أو يلزمها عل تسخير قوتها من أجل تنفيذ حكم قضائي صدر في مواجهتها.

وقد رفضت الإدارة بالفعل استخدام القوة العمومية لتنفيذ حكم يقضي بإفراغ أرض يملكها "سيطبول" احتلت بدون سند قانوني , صرح المجلس الأعلى بتجاوز السلطات الإدارية للأحكام النافذة المفعول والمذيلة بصيغة التنفيذ يشكل شططا في استعمال السلطة , لخرقه القواعد الأساسية للتنظيم والإجراءات القضائية. والتي باحترامها يحترم النظام العام حيث رفضت وزارة الداخلية منح استعمال القوة العمومية لتنفيذ الحكم المشار إليه رغم حمله لقوة الشيء المقضي به.

وأمام محدودية دور القاضي الذي لا يملك إلا النطق في مواجهة الإدارة بجميع أنواع الأحكام التي يصدرها ضد الخواص وأنه يكتفي فقط بإلغاء القرارات الإدارية الغير مشروعة والحكم بالتعويض المالي عن الأضرار اللاحقة بالأفراد بسبب تصرفات الإدارة أو موظفيها ونظرا لكون القاضي لا يستطيع في إطار دعوى الإلغاء أن يحل محل الإدارة بإصدار قرار جديد يحل محل القديم ولا يستطيع إجبار الإدارة عن فعل أو الامتناع عن فعل شيء, ويفسر هذا من خلال الفصل 25 من قانون م,م الذي يمنع عن المحاكم أن تتخذ أي قرار يعرقل نشاط الإدارة العمومية أو توجيه أوامر وتعليمات إليها.

المطلب الثاني: مبررات الإدارة في الامتناع عن تنفيذ الأحكام الإدارية

رغم كون القضاء الإداري يصدر أحكاما ضد الإدارة إما بإلغاء قراراتها الغير مشروعة أو الحكم عليها بتعويض المتضرر . إلا أنه لا يتوفر على سلطة حقيقية على إجبارها على التنفيذ .

بحيث في الغالب ما تتضرع الإدارة بمبررات ذاتية كضعف مواردها المالية أو بالرفض الصريح لاستحالة تصحيح المركز القانوني للمتضرر, أو لضمان الحفاظ على النظام العام وحسن سير المرفق المحلي.

الفقرة الأولى : الرفض الصريح لاستحالة تصحيح المركز القانوني للمتضرر

غالبا ما تلجأ الإدارة لإصدار قرار صريح برفض(قرار سلبي) بحيث تتمسك بصعوبة التنفيذ لاستحالة في تصحيح المركز القانوني للمتضرر كإلغاء وظيفة أو تعيين موظف أخر في نفس الوظيفة , أو لثشبت الإدارة بوجود غموض على مستوى الأحكام .

مما يبقي لصاحب المصلحة الحق في العودة للقضاء الإداري من جديد لإلغاء قرار الامتناع ,أو طلب تعويض عن الضرر عند اللزوم ,مما يدخله في دوامة مفرغة وطويلة ومكلفة, ويعتبر حكم "فابريكي" من الأحكام الشهيرة التي تعبر بشكل واضح عن هذه الوضعية ,إذ صدر قرار من مجلس الدولة الفرنسي بإلغاء قرار عزل السيد "فابريكي" من عمله كحارس في البلدية إلا أن العمدة امتنع عن التنفيذ بإصدار قرار صريح بعدم التنفيذ تحت طائلة استحالة إرجاع الموظف لحالته الأصلية , ليتولى بعد ذلك مجلس الدولة من جديد إلغاء القرار وقد تكرر الأمر 7 مرات.

لكن هذه الوضعية وبعد الشروع في تطبيق قانون 16 يوليو 1970 الذي خفف من هذا الوضع على عكس المشرع المغربي الذي لازال يواجه هذا المبرر بتعنت الإدارة .

الفقرة الثانية : ضعف الموارد المالية الكفيلة بحمل الإدارة على تنفيذ الأحكام الإدارية.

وتعتبر الصعوبات المادية من بين أهم العوامل المؤثرة في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية وغالبا ما تختبئ الوحدات المحلية بستار انعدام أو قلة الموارد المالية الكفيلة بتنفيذ الحكم الإداري وهذا ما حاول بعض التشريعات المقارنة تجاوزه . بتدخل التشريع لإلزام الوحدات المحلية بتوفير الاعتماد من أجل تنفيذ الحكم الإداري .

ففي فرنسا ومن خلال إصدار قانون 539 _80 الصادر في 16 يوليوز 1980 الذي ينص على ضرورة صدور أمر بالدفع حين يقضي حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به على هيئة محلية عادية بدفع مبلغ محدد فإن المبلغ يجب أن يصدر في إذن بالصرف في أجل محدد أقصاه 4 أشهر من الحكم . وفي حالة عدم صدور الأمر أو الإذن في آن واحد تقوم به سلطة الوصاية من تلقاء نفسها.

أما المشرع الجزائري فاعتبر الحكم بمثابة أمر بالدفع ولم يفرق بين الإعتمادات وسمح لموظف الخزينة بدفع المبلغ المحكوم به حتى في حالة انعدام الإعتمادات, على أن يتم خصم المبالغ من ميزانية الجماعات المحلية.

الفقرة الثالثة : الحفاظ على النظام العام وسير المرفق العمومي.ٍ

غالبا ما تتحجج الإدارة بعدم تنفيذها بالمصلحة العامة لضمان حسن سير المرفق المحلي . بحيث كل تصرف لا يستهدف المصلحة العامة يعتبر انحرافا في استعمال السلطة , وقد استمد القضاء الإداري هذا التبرير من خلال رفض الدفوع المستندة للمصلحة العامة من أجل تخلص الإدارة من التزاماتها بتنفيذ الأحكام .

وذلك لاعتبار ضرورة الخضوع للمصلحة العليا التي تعني احترام القانون وطاعة أحكام القضاء وان لا مصلحة تعلو على هذه المصلحة , فأحكام الإلغاء تقرر لتصويب الانحرافات الإدارية وتحقيقا لصالح العام .

نفس المبرر سيعتمده مجلس الدولة الفرنسي باستبعاد هذا المبرر باعتبار تنفيذ أحكام القضاء من طرف الإدارة إنما هو تحقيق للمصلحة العامة . المتجسدة في حماية سيادة القانون وكلما امتنعت الإدارة عن تنفيذ الأحكام اعتبر فعلها خروجا عن المصلحة العامة .

كما يعتبر النظام العام من أهم المبررات لتملص الإدارة من تنفيذ الأحكام والذي يصعب معه اثبات انحرافها في استعمال السلطة في ظل السلطة التقديرية الواسعة التي تتمتع بها أمام صعوبة تحديد مفهوم النظام العام وغموضه , وكونه من أهم أسباب وجود الإدارة ذاتها .

إلا أن القضاء الإداري سيعاود الكرة برفض الذرائع المستندة لنظام العام لاعتبار احترام الشيء المقضي به هو أيضا مبدأ أساسي وهو أصل من الأصول القانونية تمليه الطمأنينة العامة , وتقدي بضرورة الاستقرار في الحقوق والروابط الاجتماعية, إلا أنه في حالة وجود ظروف معينة تستوجب الحفاظ على سلامة الدولة ومن شأن التنفيذ أنى يعرض النظام العام للاضطراب حقيقي فإن للسلطة التنفيذية حق تأخير أو تعطيل تنفيذ الحكم كما جاء من خلال حكم إدارية مراكش 2003 , التي اعتبرت رفض الوالي الاستجابة لطلب استعمال القوة العمومية في إطار السلطة التقديرية وكونه ساهر على الحفاظ على الأمن والحيلولة دون الإخلال به هو قرار سليم مادام من الثابت من الوثائق ومن شأن التنفيذ سيؤدي حتما للوقوع في اضطرابات تمس الأمن العام.

نفس الاتجاه سيتبناه المجلس الأعلى حيث أكدت الغرفة الإدارية غير ما مرة عدم جواز الأحكام القضائية في الحالات الاستثنائية.

المبحث الثاني: الوسائل والضمانات الكفيلة بحمل الإدارة على تنفيذ الأحكام القضائية.

سنتحدث خلال هذا المبحث عن الوسائل والضمانات الكفيلة بحمل الإدارة على تنفيذ الأحكام الإدارية، تم بعد ذلك سنتطرق إلى دور سلطة الوصاية في حمل الإدارة على حمل الوحدات المحلية على تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها.

المطلب الأول:وسائل جبر الإدارة على تنفيذ الأحكام الإدارية .

إن أساليب الضغط على الإدارة تتمضهر لنا من خلال التقنيات التي قد يلجأ إليها المتضرر الذي صدر الحكم لصالحه سواء تعلق الأمر باللجوء إلى السلطة الرئاسية العليا أو القضاء، أو من خلال الدور الذي يمارسه القاضي في مواجهة الإدارة أو تحميل هده الأخيرة المسؤولية عن عدم التنفيذ .

ويمكن للمتضرر أيضا أن يطالب بتوقيع جزاءات على الموظف الممتنع عن التنفيذ ، كما يمكن أن يلجأ لمؤسسة ديوان المظالم الشبيهة بنظام الوسيط في فرنسا، ونظام الأمبدسمان في اسكندينافيا ، باعتبارها مؤسسة مستقلة عن باقي السلطات، وتملك وسيلة معنوية فعالة للضغط تتمثل في التقرير الذي تنجزه بشأن حالة أو الذي يتم عرضه على أنظار جلالة الملك.

الفقرة الأولى : الضغط الذي يمارسه المتضرر .

يمكن للشخص الذي صدر الحكم لفائدته وامتنعت الإدارة عن تنفيذه، أن يلجأ للسلطة الرئاسية العليا التي تعلو السلطة المصدرة للقرار ، أو يلجأ للسلطة التي تمارس عليها الوصاية إذا كانت تتمتع بالشخصية المعنوية العامة.إلا أن فعالية هذه الوسيلة تبقى رهينة بتبسيط تقنيات العمل الإداري ، والعمل على تجاوز التعطيل الذي تعرفه المراسلات ، وضرورة الإسراع في الإجراءات. كما يمكن للشخص المعني بالأمر أن يرفع الدعوة يطالب فيها بإلغاء قرار الإدارة بعدم تنفيذ الحكم القضائي، وذلك عن طريق دعوى تجاوز السلطة ، وفي هذا الإطار فإن القضاء الإداري وانطلاقا من المبادئ التي أرساها حكم "كيرا"، تدخل حينما رفضت هذه الأخيرة تنفيذ حكم قضائي صادر لصالح السيد "طيبول" جان موريس يقضي بإفراغ أرض مملوكة له من مجموعة أشخاص يحتلونها دون سند، حيت كرر نفس الحيثية المتضمنة في حكم كيرا ، حيث أن تجاهل السلطات الإدارية للأحكام النافدة والمذيلة بصبغة التنفيذ . كما يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض أو إلغاء أو هما معا.

بيد أن تفوق الإدارة وانعدام نص قانوني يجرم تصرفها لن يغير الوضع بعد صدور الحكم القضائي الثاني. وهنا لابد من عرض القضية التي جعلت الطاعن يدخل في حلقة مفرغة منذ 1965إلى 1981 بسبب تعنت الإدارة ويتعلق الأمر بالسيد أبو قاسم العلوي الذي كان يعمل خليفة . فصدر قرار بعزله عن عمله فطعن فيه بالإلغاء، فأصدر المجلس الأعلى قرارا في النازلة بتاريخ 22 فبراير 1965 بإلغاء قرار العزل، إلا أن وزير الداخلية امتنع عن تنفيذ الحكم . وطعن أبو قاسم من جديد في قرار رفض تنفيذ الحكم . فأصدر المجلس الأعلى من جديد حكما بتاريخ 24 – 11- 1967 يقضي من جديد بإلغاء قرار وزير الداخلية، غير أن هذه الأخيرة امتنعت مرة أخرى عن تنفيذ الحكم الثاني، ليتوجه الطاعن إلى المحكمة الإقليمية بالرباط في 31- 10 – 1968 مطالبا الإدارة بتعويضه عما لحق به من أضرار .فصدر الحكم لصالحه إلا إن محكمة الاستئناف بالرباط خفضت من المبلغ المحكوم به الشيء جعله يطعن بالنقض من جديد .

وعلى الرغم من هذه الإمكانيات المتاحة للمحكوم له إلا أنها تبقى مع ذلك جد محدودة لأن جوهر المشكل يظل قائما وهو عدم رغبة الإدارة في تنفيذ الأحكام، أو تنفيذها حسب ما تقتضيه أوضاعها أو يتماشى مع رغبتها .

الفقرة الثانية : الضغط الذي يمارسه القاضي.

فإن كان المشرع المغربي لم ينص على أي مقتضى صريح يسمح بالتنفيذ الجبري ضد الإدارة، فإن القاضي الإداري المغربي قد لعب دورا كبيرا في إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية من خلال تكييفه لوسائل التنفيذ المنصوص عليها في الباب الثالث من قانون المسطرة المدنية، خاصة وسيلتي الغرامة التهديدية، والحجز وذلك حتى يعطي لأحكامه الجدوى والفعالية التي يراها تكريسا للمبادئ المطابقة للقواعد العامة الغير المختلفة في قانونيتها .

أولا : الغرامة التهديدية

عرفها بعض الفقهاء على أنها عقوبة مالية تفرض عن كل يوم تأخير يحكم بها القاضي لضمان تنفيذ الحكم من المحكوم عليه، وتبدأ من يوم إصدار الحكم بالغرامة إلى غاية امتثال المحكوم ضده لتنفيذ الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به .

وقد اعتمد الاجتهاد القضائي المغربي في فرض الغرامة التهديدية على وحدة القضاء من جهة، التي تقتضي تطبيق قواعد المسطرة المدنية على المنازعات على حد سواء ذلك أن وحدة مسطرة التنفيذ خصوصا أن المحاكم الإدارية تعتبر محاكم عادية مندرجة في النظام القضائي للمملكة مع تخصصها في المادة الإدارية .

ومن جهة أخرى وبالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية المحال إليه بموجب المادة 7 من قانون 90-41 نجده ينص على في الباب الثالث المتعلق بالقواعد العامة للتنفيذ من خلال الفصل 488 على الغرامة التهديدية كوسيلة من وسائل إجبار المحكوم عليه على التنفيذ في غياب أي نص قانوني يستثني الإدارة من هده الوسيلة ، وبالتالي فإن كلمة المنفذ الواردة في الفصل، جاءت عامة مما يعني جواز تطبيق وسيلة الغرامة التهديدية ضد أشخاص القانون العام كلما تعلق الأمر بالامتناع عن التنفيذ . وهذا فعلا ما كرسه القضاء المغربي من خلال حكم "العيطاوي" ضد جماعة "تولفيت" من خلال تحديده للغرامة التهديدية في مواجهة المسؤول ( رئيس المجلس الجماعي )الممتنع عن التنفيذ، ليكون بذلك القضاء المغربي قد أبان عن واقعية كبيرة في التفسير الواسع لمقتضيات المادة 7 من القانون 90-41 . وتطبيقها تطبيقا رقيقا يتماشى وروح القانون .

إلا أن المجلس الأعلى في قراره عدد 935 الصادر بتاريخ 11-03-1999 القاضي بإلغاء حكم إدارية مكناس ( الحكم السابق ذكره ) قد برر موقفه هذا بعدم إمكانية جبر الإدارة على تنفيذ الحكم الإلغاء عن طريق الغرامة التهديدية مادام القضاء الإداري قد اقتصر على إلغاء قراره الذي اعتبر شططا في السلطة وأنه يبقى أمام المعني بالأمر الحق اللجوء إلى القضاء الإداري لطلب التعويض لما يترتب عن ذلك مسؤولية الهيئة المحلية . وعلى هذا فالمجلس الأعلى وهو يلغي الحكم يكون قد أسدا الستار عن إمكانية الحكم بالغرامة التهديدية في مواجهة الشخص الممتنع عن التنفيذ باعتباره مرتكبا لخطأ شخصي ,مستبعدا بذلك هذه الوسيلة من دعوى الإلغاء متراجعا عن المكتسب القضائي الذي نادى به حكم إدارية مكناس.

ثاانيا: الحجز على أموال الجماعات الترابية.

يعتبر الحجز على أموال الجماعات الترابية , أحد طرق التنفيذ الجبري ,التي تطبق في إطار قواعد القانون الخاص والتي يتعضر ممارستها في مواجهة الإدارة إلا إذا تعلق الأمر بالأملاك الخاصة لهذه الأخيرة . ومقرر فقها وقضاءا أنه لا يجوز الحجز على المال العام وأن طرق التنفيذ الجبري محصورة في شأنه , وتعتبر هذه القاعدة من النظام العام , و ذلك أن الحجز ينتهي ببيع المال العام بيعا قضائيا والحال أن البيع الاختياري ممنوع فيه وهذا ما أقره القاضي الإداري المغربي من خلال الحكم الصادر سنة 16_03_1971. حيت وقد انتهت المحكمة إلى أن مال البلدية المودع لدى البنك هو مال عام فإنه ينبغي أن تقول كلمتها فيما إدا كان من الجائز الحجز عليه أم أن الحجز عليه غير جائز , فمن يقول إن الملكية مقيدة بتخصيص الشيء للمنفعة العامة يترتب على ذلك منطقيا أنه لا يجوز لدولة أن تتصرف في هذا المال لما يتنافى والمصلحة العامة، فمتى تقرر أنه لا يجوز التصرف في المال العام بما يتعارض مع تخصيصه للمنفعة العامة وجب القول كذلك بأنه لا يجوز الحجز على المال العام.

وبالتالي فإنه لا يجوز الحجز على أموال الدولة والأشخاص الاعتبارية العامة سواء إن كان الحجز تحفظيا أو تنفيذيا على اعتبار أن هذا الإجراء يتعارض ومبدأ تخصيص الأموال العامة ,وأن الحجز بهذا الشكل يعطل سير المرفق العام ويحول دون تنفيذها لوظيفة النفع العام . إلا أنه ومن جهة أخرى يكاد يتفق الفقه والقضاء على عدم جواز الحجز على الأموال العامة يبقى قاصر على ما يستلزم المرفق العام بحيث إذا ما كانت هناك أموال غير مخصصة لإدارة المرفق فإنه يجوز الحجز عليها , وهذا ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية , بوجدة وهي تأمر بإجراء حجز تحفظي على عقار مملوك ملكية خاصة لبلدية وجدة ضمانا لأداء الديون الناتجة عن نزع الملكية .

وحيت أن وزير الداخلية المغربي أشار في منشوره عدد182 بتاريخ 11_05_1991.

إلى أن ممتلكات الجماعات العمومية لا تقبل أن تكون محلا للحجز ,هي الأموال العمومية دون الأملاك الخاصة التي ليس هناك من الناحية القانونية والقضائية ما يمنع إيقاع الحجز عليها .

وبالتالي فإن العمل القضائي يكون قد أقر إيقاع الحجز التحفظي على العقارات المملوكة ملكية خاصة مما يجوز حجزها سواء تحفظيا أو تنفيذيا وبيعها لاستيفاء الدين المترتب بذمة الشخص المعنوي العام .

إلا أن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى سوف تسير على نحو مخالف لما هو مقرر بالمحاكم الإدارية من خلال رفض إيقاع الحجز التحفظي على عقار مملوك ملكية خاصة للمجلس الجماعي .

لكن حيت أن الأمر المستأنف أسسه تعديله إلى أن الجماعة المطلوب ضدها الإجراء ,تعتبر من الأشخاص القانون العام التي تفرض فيها ملائمة ذمة ولا يخشى عليها العسر وتؤدي ديونها وفق قواعد المحاسبة العمومية. وقد جاء في إحدى قرارات الغرفة الإدارية وهي تؤيد أمر رئيس المحكمة الإدارية بفاس القاضي برفض طلب حول إيقاع الحجز التحفظي على عقار مملوك ملكية خاصة للمجلس الجماعي.

لكن حيت إن الأمر المستأنف عندما أسس تعديله على أن الجماعة المطلوب ضدها الإجراء تعتبر من أشخاص القانون العام التي تفرض فيها ملائمة ذمة ولا يخشى عليها العسر وتؤدي ديونها وفق قواعد المحاسبة العمومية فكان ما أثير بدون أساس .

يستفاد مما سبق ذكره أن العقارات المملوكة ملكية خاصة لأشخاص المعنوية العامة لا يجوز الحجز أو إيقاع الحجز التحفظي عليها خلافا للأموال المنقولة التي لا يترتب عن حجزها تعطيل سير المرفق العام باضطراد وانتظام والتي يطلق عليها الأموال الخاصة للشخص المعنوي العام والتي يمكن حجزها تنفيذيا لاقتضاء دين مترتب بذمتها .

وتطبيقا لهذا الاتجاه تم الحجز التنفيذي على أموال بلدية بني إدرار تنفيذا للحكم القضائي القاضي عليها بأداء مبالغ مالية لفائدة المسمى "هدو محمد " وتم حجز منقولات تلك البلدية الممثلة في سيارة وتلفاز ومكيف الهواء باعتبار هذه المنقولات لا يضر بيعها واستيفاء الدين المستحق على البلدية بسير المرفق البلدي وهي لا تعتبر في جميع الأحوال لازمة لسير ولا لتعطيل المرفق العام.

الفقرة الثالثة : ربط مسألة عدم التنفيذ بمسؤولية الإدارة.

إن امتناع الإدارة أو تماطلها في تنفيذ الحكم القضائي الصادر ضدها بدون وجود مبرر مقبول, يعتبر خطأ من جانبها . وتحقق مسؤولية الإدارة بتلازم مع الضرر المتحقق الوقوع الذي يمس بحق تابت للمتضرر ماديا أو معنويا , وينبغي أن يكون امتناع الإدارة هذا , أو تعنتها هو السبب في حدوت الأضرار التي لحقت بالمحكوم له .

وإذا كانت الأخطاء التي تتسبب فيها المرافق العامة تطرح إشكالا قانونيا من خلال تحليل مقتضيات الفصلين 80و79 من ق.ل.ع. ذلك أن بعض الفقه (ناغاسي ساكيوت ) حاول تأسيس مبدأ المسؤولية الشخصية للموظف المتسبب في عدم تنفيذ الحكم القضائي على قرينة أن قيام الموظفين بالمهام الموكولة إليهم من طرف الإدارة ينبغي أن يقترن بتحميلهم المسؤولية شخصيا. على اعتبار أن الامتناع عن التنفيذ هو نتيجة لهذه الإرادة البشرية التي تستخدمها الإدارة .وقد ذهبت المحكمة الإدارية بمكناس في قضية لها بتاريخ 23 يونيو 1998 إلى حد فرض غرامة تهديدية على المسؤول " الغداري " بصفة شخصية باعتباره المتسبب المباشر في عدم تنفيذ حكم القضاء بيد أن تحمل المسؤولية من طرف الموظف شخصيا , يجب ألا يحجب عن أعيننا التسلسل الإداري الموجود داخل الإدارة . لذلك فالموظف الأعلى في التسلسل الإداري بما يملكه من سلطات رئاسية تمكنه من تعديل أو إلغاء أو سحب قرار مرؤوسه الذي امتنع عن التنفيذ , هو الذي ينبغي أن يتحمل المسؤولية انطلاقا من ضلوعه في هذه المسألة .

الفقرة الرابعة : توقيع جزاءات على الممتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية.

إن الموظف الذي يمتنع عن تنفيذ حكم قضائي يضع نفسه أمام مسؤولية تترتب عنها عقوبات تأديبية وإن اقتضى الحال عقوبات جنائية :

1_الجزاءات التأديبية .

إذا كان من بين واجبات الموظف العمل على احترام سلطة الدولة كما نص على ذلك الفصل 13 من ظهير 24 فبراير 1958 المتعلق بالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية , فإن احترام أحكام القضاء يعتبر احتراما للسلطة القضائية .

وعدم احترام هذه الأحكام يجعل الموظف المسؤول في وضعية المخل والمخالف لواجبات الوظيفة , بيد أن تواجد الموظف تحت إشراف سلطة رئاسية عليا يجعل في أغلب الأحيان الصيغة التنفيذية للأحكام الصادرة ضد الإدارة أمر لرؤساء الإدارات بقصد التنفيذ أو احترام هذا الأمر يجد أساسه من كونه يصدر عن أعلى سلطة في البلاد وهو الملك . باعتبار تواجده فوق كل السلطات وأن الأحكام القضائية تصدر باسمه , ومخالفة هذا الأمر لا تعفي المسؤول المعني بالأمر مهما كانت درجته في السلم الإداري من تحمل المسؤولية الجزائية .

2_متابعة الموظف الممتنع عن التنفيذ جنائيا.

إن عدم تنفيذ حكم قضائي من طرف الإدارة يعتبر بمثابة تحقير لهذا الحكم , وبتالي تحقير السلطة القضائية , وفي هذا الإطار تعتبر الفقرة الثانية من المادة 266 من القانون الجنائي : انه يعاقب بالعقوبات المقررة في الفقرتين 1و3 من الفصل263 على الأفعال أو الأقوال أو الكتابات العلنية التي يقصد منها تحقير المقررات القضائية أو يكون من شأنها المساس بسلطة القضاء أو استقلاله.

الفقرة الخامسة : لجوء المتضرر لمؤسسة ديوان المظالم.

إن إحداث مؤسسة ديوان المظالم استجابة لمتطلبات تنمية التواصل بين كل من الموظفين أفراد أو جماعات وبين الإدارات , أو في هيئة تمارس صلاحيات السلطة العمومية. وفي الوقت يرتبط بحت الإدارات والهيئات على الالتزام بضوابط سيادة القانون والإنصاف.

وفي هذا الإطار يمكن أن تشكل هذه المؤسسة وسيلة مهمة ولصالح المتقاضين يمكن من خلالها دعوة الإدارات العمومية على تطبيق الأحكام القضائية الصادرة في مواجهتها.

وعلى الرغم من كون هذه المؤسسة لا تتوفر على آليات زجرية لإجبار المحالفين وإخضاعهم للقانون , فإن دورها المعنوي سيكون حتما قوي التأثير على فعالية الإدارات العمومية ,لاسيما وأن والي المظالم يرفع للملك تقريبا سنويا يتضمن حصيلة أعماله.

كما أنه يرفع تقرير للوزير الأول بخصوص الحالات المرتبطة بالامتناع عن تنفيذ حكم قضائي نهائي ناجم عن أفعال صادرة عن موظف أو عون تابع للجهة التي صدر الحكم في حقها أو عدم قيامه الواجب.

المطلب الثاني:دور سلطة الوصاية في حمل الإدارة على تنفيذ الأحكام الإدارية.

تعرف الوصاية على أنها هي الرقابة التي توليها سلطة الوصاية المركزية على قرارات السلطة اللامركزية في الحالات والشروط، ووفقا للأوضاع التي حددها المشرع، فهي بذلك تختلف إذن من السلطة الرئاسية في أنه لا يوجد هناك خضوع عام من إحدى السلطات لسلطة أخرى، كما هو الحال في علاقة السلطة المرؤوسة بالسلطة الرئاسية ، وإنما تراقب سلطة الوصاية تصرفات السلطة الخاضعة للوصاية في الحالات التي يحددها القانون، ومن ثم فلا تستطيع السلطة المركزية أن تحل قرارها محل قرار السلطة الخاضعة للوصاية إلا في الحالات المحددة بالقانون .

على هذا وفضلا عن ما تقدم فإن سلطات الوصاية تلعب دورا أساسيا ومحوريا في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية لاسيما الأحكام القاضية بالتعويض المالي للمحكوم له، فهي بذلك وسيلة إدارية تتيح للمتضرر استخدام وسائل أخرى لحث الوحدات المحلية على تنفيذ حكم إداري .

وبالتالي فالفرد الذي كان ضحية لعدم تقيد إحدى الهيئات المحلية اللامركزية لما بين يديه من حكم يلزمها بأداء مبلغ ما، يستطيع أن يتوجه مباشرة إلى سلطات الوصاية لكي تضع حدا لسلبية الجهة الخاضعة للوصاية، وذلك لكون الأمر يتعلق بفرض أداء دين الحال، بحيث أن أداء ديون الحال تعتبر نوعا من التصرفات اللازمة لإجبار الهيئة المحلية على تنفيذها ، وهذا بالفعل ما نص عليه المشرع المغربي من خلال المادة 77 من الميثاق الجماعي رقم 78.00 ( إدا رفض رئيس المجلس الجماعي أو امتنع عن القيام بأعمال أو امتنع عن القيام بالأعمال الواجبة عليه بمقتضى القانون ، وكان هذا الرفض سيترتب عليه التملص من مقتضى تشريعي أو تنظيمي أو مسا بالمصلحة العامة أو حقوق الأفراد جاز للسلطة الإدارية المختصة بعد التماسها منه الوفاء بواجبه القيام بذلك تلقائيا بقرار معلل يحدد موضوع المحلول )

إلا أنه في حالة رفض سلطات الوصاية على تقيد حكم قضائي القاضي بإلزام ما بذمة الجماعة الترابية من دين ، فإن التظلم الرئاسي للوزير واردا، على أن سلطة الوصاية إذا لم تستطيع تأسيس رفضها لممارسة سلطة القيد أو الأمر المباشر على اسس قانونية أو أنها أسستها على أسس واقعية خاطئة، فإن المحكوم له يستطيع دائما أن يعترض على هذه الأسباب التي أدت بسلطات الوصاية إلى رفض توجيه الأمر بالتقيد أو القيام بالتقيد المباشر وبالتالي يكون قرارها القاضي بالرفض قرارا إداريا يجوز الطعن فيه بالإلغاء.

إلا أنه ومع ذلك فإن هذه الإمكانية تكاد تكون وسائل وهمية ونتائجها غير أكيدة . لأن كل شيء في النهاية يتوقف على حسن نية سلطة الوصاية بحيث يمكن أن توافق أو لا توافق لما لها من سلطة تقديرية واسعة وإن كان للمحكوم له الطعن في قرار الرفض أمام القضاء الإداري، الذي يمنع عن تقدير أسباب الرفض ولا يمارس في هذا المجال إلا رقابة محدودة جدا وهو في هذا الأخير لا يمكنه توجيه أمر بإجراء قيد مباشر مهما كان الدين المستحق معين المقدار وحال الأداء وهذا ما حاول المشرع الفرنسي تحقيقه من خلال قانون 80\589 الصادر في يوليوز 1980 الخاص بالغرامة التهديدية في المجال الإداري وتقيد الأحكام بواسطة الأشخاص المعنوية العامة .

خاتمة

إن أهم ما يمكن الخروج به من هذا العرض هو أن ظاهرة امتناع الإدارة عن التنفيذ لا ينبغي معالجتها من الزاوية الفقهية والقضائية، بل لا بد من دراسة معمقة لجدور المشكلة وأسبابها لأنه ما من مسؤول إداري يرفض تنفيذ حكم قضائي بالإضافة إلى أن إدارة هي مؤسسة عمومية تخضع في تسييرها لنظام ومساطر وضوابط معينة وليس لمزاج الشخص المسؤول عنها .

وعلى هذا الأساس لا ينبغي على القضاء المبالغة في الاندفاع وراء حماس الفقه والبالغة في ابتكار وسائل غير منصوص عليها قانونا لإجبار الإدارة على التنفيذ دون مراعاة حساسية المهام المنوطة بها ، لأن اعتماد مقاربة جافة تعتمد على عنصر الإكراه يمكن أن يؤدي إلى أثار جانبية سلبية لا تقل خطورتها عن سلبيات عدم التنفيذ نفسه. فمشكلة الامتناع هي قبل كل شيء مشكلة الإدارة نفسها، وبالتالي فإنه يتعين البحث عن حلولها داخل الإدارة وعدم انتظار الحلول القضائية والفقهية .

المراجع
- سليمان محمد الطماوي: مبادئ علم الإدارة العامة ، الطبعة 7 مطبعة جامعة عين الشمس 1987 .
- إيشو ميمون المحاكم الإدارية المحدثة حسب صيغة القانون 90_41 .أي مولود جديد؟ المجلة المغربية للاقتصاد والقانون كلية الحقوق مراكش .الطبعة الأولى 1988 .
حسني سعد عبد الواحد، تنفيذ الأحكام الإدارية،بدون دار النشر طبعة 1984 .-
- العلمي أحمد قضاء الإلغاء والاتجاهات الحديثة مجلة القضاء والقانون عدد 130، الطبعة الأولى 1980.
- المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة " مؤلفات وأعمال جامعية " عدد 80 , 2008 .
- مجلة الفقه والقانون " إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضد الإدارة"


الثلاثاء 11 ديسمبر 2012

مصدر
http://www.marocdroit.com




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-