أخر الاخبار

ماهية الاستشارة القانونية

ماهية الاستشارة القانونية

-المطلب الأول:مفهوم الاستشارة القانونية ومميزاتها
-الفقرة الأولى: مفهوم الاستشارة القانونية:

   - لم يعط المشرع المغربي تعريفا واضحا للاستشارة القانونية ، ولقد حاول الفقه ملئ هذا الفراغ وبذلك بإعطائها العديد من التعريفات، التي تصب في نفس الاتجاه.
    - يمكن تعريف الاستشارة القانونية بأنها:"طلب الرأي القانوني بخصوص مسالة معينة قد تكون أو لا تكون موضوع نزاع، حيث يسعى من خلالها طالب الاستشارة أي المستشير إلى إبراز موقف القانون بخصوص الموضوع المطروح، مستعينا بالخبرة القانونية والعملية للمستشار الذي يعمل على بيان الحل القانوني والتصرف السليم الذي يتعين إتباعه لتحقيق الغاية من الاستشارة القانونية."-1-
-فأساس الاستشارة القانونية هو تحديد الأوضاع القانونية التي يتعين اعتمادها في
ضوء الأحكام القانونية الوضعية، وهذا هو المعنى الدقيق الذي يجب أن ينصرف إليه ذهن مقدم الاستشارة القانونية حتى تقبل منه.
-ويمكن انجاز الاستشارة القانونية بمناسبة وضع من الأوضاع الآتية:  
1- طلب الاستشارة لمعرفة حكم القانون بخصوص مسألة موضع النزاع أو يحتمل أن تكون محله في المستقبل وما يحتمله ذلك من عرض  الأمر غلى القضاء ، فيكون هدف الاستشارة في هذه الحالة، معرفة حكم القانون والوقوف على احتمالات صدور الحكم لصالح او ضد المستشير.
2- أن يطلب شخص الاستشارة حتى يكون على بصيرة عند تصرفه ، فلا يعرض نفسه للمسائلة أو الخسارة ،أو لسد الثغرات التي يحتمل أن يستفيد منها، من يتعاقد أو يتعامل معه.2-


-الفقرة الثانية : مميزات الاستشارة القانونية :
   -  تتميز الاستشارة القانونية بعدة مميزات تنفرد بها ، ويمكن حصرها في أربع مميزات وهي كالتالي:
* أنها تحليل قانوني
* أن القائم بها رجل مختص
* أنها تتطلب دراسة قانونية
* أنها تفرض إعطاء رأي موضوعي متجرد.
1 - ميزة التحليل القانوني: يقصد بها أن الاستشارة القانونية تقوم على معرفة موضوعها ،أي طبيعة النزاع، بهدف تحديد مجالها ضمن القواعد القانونية ، هل هي استشارة قانونية تهم المجال التجاري،أو الشعل أو الجنائي... وإعطائها التكييف القانوني الملائم وفق القواعد القانونية التي تنظمها.
2- ميزة القائم بها: معناها أن الاستشارة القانونية تقتضي طرحها على مختص في القانون، كأستاذ جامعي، أو محامي له تجربة عملية لعدة سنوات أمام المحاكم ،أو موثق، أو  مستشارا قانونيا مختصا، باعتبارهم أكثر دراية والماما بالقواعد القانونية لإعطاء الحل والحكم الملائم، لكل واقعة قانونية، بناءا على مقتضيات القانون.

3-استناد الاستشارة القانونية إلى الدراسة القانونية: مفادها أن إعطاء أي استشارة قانونية، إلا وتقتضي إيجاد مجال لها في البحث بتأني وتبصر، ضمن القواعد القانونية عن السند الصائب لحل المشاكل المطروحة، تفاديا لما قد يترتب عنه من عراقيل أو احتمالات غير متوقعة .
-فهي دراسة لكل جوانب الواقعة والرد على كل الاحتمالات استنادا للمقتضيات
القانونية، والاجتهادات القضائية والاتجاه الأحدث والأرجح بينها.
4- ميزة الموضوعية والتجرد : يقصد بها أن الاستشارة القانونية تفترض الابتعاد عن العواطف و الميولات الذاتية ، ولو كان طالب الاستشارة من أفراد أسرة المختص بإعطائها، لان الأمر يستلزم إعطاء الرأي السليم لكل واقعة قانونية تعرض على رجل مختص في القانون .
والرأي الموضوعي يستهل من البدء في التحليل القانوني مرورا بالمقتضيات القانونية وتفسيرها وتأويلها إلى غاية إعطاء الحل الملائم للواقعة.



المطلب الثاني:مجال الاستشارة القانونية وشروط ممارستها
   الفقرة الأولى:مجال الاستشارة القانونية ومستلزماتها الأولية
      لا يجب الاعتقاد أن الاستشارة القانونية تشمل مجالا محددا،بل قد تتعلق بعدة مجالات لا يمكن حصرها . وهكذا، فقد يطلب بنك من مستشاره القانوني معرفة حكم القانون في المسائل التي تعرض عليه، ليحدد السبيل السليم لإعماله تلافيا لكل مساءلة قانونية. كما قد يطلب مقاول من احد المستشارين القانونيين معرفة حكم القانون بالنسبة لعمال المقاولة التي يزمع القيام بها، مزودا مستشاره بكافة العناصر الواقعية. كما قد يطلب هده الاستشارة القانونية نفس المقاول متى قام نزاع بينه وبين مهندس البناء، أو المالك للعقار ليتعرف على ما إذا كان –مثلا- في مقدوره إن يلجا للقضاء من عدمه، ومدى نجاح مسعاه فيما لو لجا إلى القضاء . كما يمكن إن تطلبها الزوجة في حالة عدم قيام زوجها بواجباته أو العكس . أو في حالة رغبة المستهلك الإقدام على اقتراض من بنك مبلغ مالي ....
    وحتى يمكن للمستشار إعطاء حل سليم للواقعة محل النزاع ، أو قد تكون محله ، فالاستشارة تقتضي مستلزمات أولية منها ما يهم طالبها ، ومنها ما يتعلق بمقدمها-3-
    بالنسبة لطالب الاستشارة القانونية فيتعين عليه تقديم كافة العناصر الواقعية للمستشار القانوني ، حتى يتأتى بيان الوصف أي حكم القانون موافقا لواقع الحالة المعروضة .
يتعين على طالب الاستشارة تقديم أسانيده أو حججه . إذ على ضوئها يمكن للمستشار تقديم رأيه القانوني السليم بوضوح ودقة .
وإجمالا فعلى طالب الاستشارة إن يحيط المستشار علما بكافة العناصر المتعلقة بالواقعة ، وجزئياتها حتى ما كان منها تافها لطالبها ر وهي ذات أهمية بالنسبة للمستشار لإعطاء الإجابة الصحيحة وفق مقتضيات القانون .
 __________

       وبالنسبة لمقدم الاستشارة فيجب عليه أن يحدد بدقة إطار الاستشارة والنقاط التي تثيرها   ولذلك يتعين عليه أن يبدأ بفحص الطلب جيدا لتحديد العناصر الواقعية التي يرتب القانون عليها نتائج محددة. وقد تكون العناصر الواقعية بسيطة لا تعقيد فيها، ويكون الحكم القانوني بشأنها واضحا لا يثير لبسا. مثل هذه الاستشارة لا تحتاج جهدا كبيرا من المستشار. فإذا طلبت جهة معينة من مستشارها مثلا بيان حكم القانون للإعلان عن وظيفة شاغرة، فان الوقائع تكون بسيطة وحكم القانون فيها لا يثير عنتا . وقد يكون الأمر أكثر تعقيدا في فروض أخرى . فمن يريد إن يرفع دعوى على آخر كان قد باعه كميات كبيرة من أجهزة "الحاسوب الالى " تبين أنها لا تعمل بصورة طبيعية وفعالة يطرح موضوع الاستشارة مسائل معقدة وشائكة .
-   ففي هده الحالة يتعين على المستشار أن يطلب من طالب الاستشارة جملة من العناصر الواقعية المتوفرة لديه وكافة الأوراق والمستندات المتعلقة بعملية البيع . بل قد يطلب منه إيضاحات عديدة من شانها الكشف عن الرأي القانوني السليم سيما وان بعض نقاط النزاع تخضع لمحض تقدير القاضي . فعليه أن يستوضح منه عما إذا كان العيب ينقص قيمة الشيء نقصا محسوسا أم انه يمكن التسامح بشأنه وانه من السهل إصلاحه بإجراء بعض التعديلات البسيطة في برمجته،ورأي الخبراء في هذه العيوب إن كان قد استعان بخبراء وان يستفسر عما إذا كانت هده العيوب سابقة على عملية شراء الأجهزة أم لا .
     وقد يستفسر منه عما إذا كان ظهور العيب يرجع إلى الخطأ أو إهمال منه . وله إن يستوضح منه عما إذا كانت هده العيوب ظاهرة أم لا . وهل كان من الميسور عليه إن يقف عليها بحكم تخصصه، وهل صرح له البائع بخلو المبيع من العيوب.....
    بعد ضبط نطاق الوقائع يستخلص المستشار النقاط التي تستحق المعالجة ويبين النتائج المترتبة عليها أو المتفرعة عنها إن وجدت . فيكون عليه إن يحدد المسائل القانونية التي يطلب بيان رأي القانون فيها. ويتفقد المستشار –بطبيعة الحال – عند بيان الحكم القانوني بمصادر القاعدة القانونية التي يحددها المشرع الذي يبحث عن حكم المسالة المطروحة في ظله = هل هي مدنية أم تجارية، أم جنائية، أم مسطرية...
   وان قدر المستشار في ضوء الوقائع التي استخرجها إن المسالة تحتمل أكثر من وجه في ضوء عناصر قابلة للتغير أو الإثبات المضاد كان عليه إن يعرض لمختلف الفروض ومحددا الحكم القانوني لكل فرض من الفروض في ضوء الظروف المحتملة لكل منها . ويمكن للمستشار –بطبيعة الحال – إن يعطي وجهة نظره هو الشخصية في ضوء الآراء
والاجتهادات المتعلقة بالموضوع على أن يطرح أسانيده القانونية.



الفقرة الثانية: الشروط المتطلبة في الاستشارة
 ليس كل استشارة يطلبها أي شخص بشأن واقعة تخصه تعد فعلا، عملا استشارة قانونية بل يتطلب الوضع أولا اللجوء إلى شخص مختص في القانون لتقديمها لطالبها وثانيا يتعين على الشخص المستشار إبداء رأيه يشكل متجرد
وبعيدا كل البعد عن أي مشاعر أو عواطف بشأنها تقتضي الاستشارة القانونية:الحياد – الصراحة والتعليل القانوني والإفادة.
فبخصوص الحياد : فيتعين على محرر الاستشارة تقديم رأيه بدون وجود أي ميولات لأي طرف في النزاع لان العواطف والمشاعر لا تتلاءم مع إعطاء الحل للمشاكل القانونية بل المتطلب دراسة الواقعة من كل جوانبها لإعطاء الحكم الصائب فوضع المستشار مثل وضع القاضي الذي تقدم له الحجج من قبل أطراف الخصومة وما عليه إلا تطبيق القانون.
اما بخصوص الصراحة: فالمتطلب من مقدم الاستشارة الجرأة في التعبير عن رأيه بصورة واضحة لا ضبابية ولا غموض فيها ولا تناقص وبمعنى آخر يجب على مقدم الاستشارة أن يعطي تفسيرا دقيقا للوقائع المعروضة عليه،وفق ما تقتضيه أحكام القانون بلغة سليمة وواضحة لا إبهام فيها.
وبالنسبةللتعليل القانوني: فيقتضي من المستشار أن يدلي برأيه في الواقعة المعروضة عليه بالشرح والتفسير،والإقناع بالأدلة الدامغة مع مراعاة أحكام القانون،حتى يتوصل في الأخير إلى تقديم رأي سليم محللا تحليلا قانونيا ومنطقيا ومن الطبيعي أن تفسير المستشار للواقعة وشرحه لها حتى تكون معللة قانونا يرتكز فيها إلى الآراء الفقهية والأحكام القضائية المتعرضة لمثل الواقعة المعروضة.
   وأخيرا يتعين أن تكون الاستشارة مفيدة لطالبها بمعنى أنها تقدم له الحل الناجع للواقعة والإفادة لا تتحقق إلا بتقديم البراهين من خلال تفحص المواقف الفقهية والاجتهادات القضائية التي تعرضت لنوازل مماثلة.
أخيرا يتعين أن تكون الاستشارة مفيدة لطالبها ،بمعنى تقدم له الحل الناجع للواقعة . والإفادة لا تتحقق إلا بتقديم البراهين من خلال تفحص المواقف الفقهية، والاجتهادات القضائية التي تعرضت لنوازل مماثلة، لتلك التي قدمها طالب الاستشارة .وبتقديم الاستشارة يكون المستشار أبدى رأيه النهائي، لامجرد عرض المشاكل والفرضيات المحتملة ،بل رأيه يعبر عن موقفه الشخصي من المسالة بصورة موضوعية وواضحة وبسيطة، حتى يفيد بها طالب الاستشارة .




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-