أخر الاخبار

تعرف على السياق التاريخي لدعوى الإلغاء في النزاعات الادارية

السياق التاريخي لدعوى الإلغاء في النزاعات الادارية
السياق التاريخي لدعوى الإلغاء في النزاعات الادارية


السياق التاريخي لدعوى الإلغاء

تختلف الدول في الطريقة التي تنظم بها الرقابة القضائية على أعمال الادارة, فمنها مايأخذ بالنظام القضائي الموحد, حيث لاوجود لقضاء إداري مستقل عن القضاء العادي , ومنها ما يأخذ بالنظام القضائي المزدوج, حيث توجد جهتان قضائيتان، إحداهما تختص بالنزاعات بين الأفراد وهي المحاكم العادية, والثانية تختص بالنظر في النزاعات الإدارية ممثلة بالمحاكم الإدارية.

وأساس النظام المزدوج في فرنسا التي ستعد مهد للقضاء الإداري يرجع إلى أساسين, أولهما سياسي دستوري حيث يرى مبتدعو هذا النظام بأنه تطبيق لمبدأ فصل السلطات الذي نادى به مونتسكيو,واعتنقه من بعده مشرعو الثورة الفرنسية, كما أنه ومن جهة أخرى يعتبر بمثابة رد فعل لسلطة المحاكم التي تعتدي على الإدارة وتعيق نشاطها .وثانيهما تاريخي,حيث عرف ا لفرنسيون قبل الثورة الفرنسية وجود سلطات الحكم في يد الملك حيث نظام الملكية المطلقة,ووجدت في هذه الفترة محاكم قضائية تدعى البرلمانات Parlements وهي ممثلة للملك في وظائفه القضائية,حيث كانت تمارس سيطرة رجعية على الإدارة وتتدخل في شؤونها وتعارض وتعرقل كل حركة إصلاحية ,مما حدى برجال لثورة الفرنسية إلى منع لامحاكم القضائية القائمة من الفصل في المنازعات الإدارية للحفاظ على استقلال الإدارة تجاه السلطة القضائية من خلال تبنيهم لمبدأ الفصل بين السلط .

وصدر قانون 16-24 غشت 1790 ملبيا لهذا الاتجاه حيث ألغى هذه المحاكم القضائية(البرلمانات) وإنشاء الإدارة القاضية(الوزير القاضي)كمرحلة أولى قبل إنشاء مجلس الدولة الفرنسي,ومنع القضاء العادي من النظر في المنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها,وأصبحت الهيئات الإدارية هي صاحبة الاختصاص في الفصل في هذه المنازعات.

واستمرت مرحلة الإدارة القاضية إلى غاية 12 ديسمبر 1797 بنشوء مجلس الدولة في عهد نابليون بونابرت,حيث وضعت اللبنة الأولى للقضاء الإداري الفرنسي ,مع أن اختصاص المجلس كان أول الأمر استشاريا يتطلب تصديق القنصل.

وفي الوقت ذاته ثم إنشاء محاكم أو مجالس إقليمية Les conseils de Prefecture التي كانت تصدر أحكاما لا تحتاج إلى تصديق,إلا أن أحكامها تستأنف أمام مجلس الدولة الذي كانت أحكامه تعرض على القنصل.وبه فالمجلس لم يكن له سلطة القضاء وإصدار الأحكام فسمي بذلك بالقضاء المقيد Justice Retenue إلى غاية 1872 حيث أصبح قضاء مفوض حيث صدر قانون يمنح المجلس الاختصاص في البث نهائيا في المنازعات الإدارية دون تعقب جهة أخرى.

وبسبب تراكم العديد من القضايا أمام المجلس.حدد المشرع اختصاصه على سبيل الحصر بموجب المرسوم الصادر في 30 شتنبر 1953.وأصبحت المحاكم الإدارية التي كانت تسمى بالمجالس الإقليمية صاحبة الاختصاص العام في المنازعات الإدارية

ونجد على أنه في المغرب,وفي الفترة ماقبل الحماية قد عرف القانون الإداري الذي من خلاله نستشف وجود قضاء إداري من خلال ولاية المظالم التي كانت من المهام التي يضطلع بها السلطان بصفته القاضي الأسمى.إلا أن هذا لايعني الحديث عن دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة ,بسبب عدم وجود استقلال للسلط أو على الأقل لعدم استمرار ولاية المظالم في أداء مهامها مدة كافية لتطويرها إلى يصل القضاء الإداري بمعناه الحديث .بالإضافة أنه وفي عهد الحماية لم تعرف دعوى الإلغاء ذلك بأن الفصل الثامن من ظهير 12 غشت 1913 كان يمنع على المحاكم أن تعرقل أعمال الإدارة أو تلغي قراراتها .

وجاء حال المغرب تباعا للسياق الذي كانت تعرفه فرنسا ومنه لم يصبح من حق المغاربة طلب الالغاء امام القضاء الا بعد احداث المجلس الاعلى بظهير 27 شتنبر 1957 و الذي له مهمة مزدوجة.

وفي الاصلاح القضائي لسنة 1974 الذي استند الى مبدا اساسي يمكن تقريب القضاء من المتقاضين ثم تسهيل مسطرة التقاضي في مجال دعوى الالغاء،فجعل الطعن الاداري الذي يسبق الطعن القضائي اختياريا بعدما كان في المسطرة السابقة اجباريا.

و تم احدات المحاكم الادارية التي شرعت في العمل في 4 مارس 1994 التي اصبحت تبت في كل من القضاء الشامل و قضاء الالغاء بمقتضى قانون 90-41 و استمر الحال الى غاية 14 فبراير 2006 باحدات محاكم الاستئناف الادارية بموجب قانون 80.03 لتحل محل الغرفة الادارية بالمجلس وبموجب احداث هذه المحاكم الاستئناف الادارية المختصة في استئناف احكام الاعلى التي مارست اختصاصات هاته المحاكم استثناء منذ تاسيس المحاكم الادارية سنة 1993.
المحاكم الادارية و اوامر رؤسائها و تكون القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف الادارية قابلة للطعن بالنقض امام المجلس الاعلى ماعدا القرارات الصادرة في المنازعات الانتخابية و كذا في تقدير شرعية القرارات الادارية.

ودعوى الإلغاء في التجاوز لاستعمال السلطة تمثل ضمانة أساسية لتحقيق المشروعية حماية لحقوق الأفراد و حرياتهم لما يتوفر عليه القاضي من ضمانات الحياد و الاستقلال وتعتبر دعوى الإلغاء رقابة فعالة من خلال ما يتضمنه أحكام القضاء بحجية الشئ المقضي به بالحسم في النزاع بصفة نهائية و بسبب ما تتمتع به السلطة الإدارية في الوقت الراهن من القدرة على التنفيذ الجبري بالإضافة إلى الامتيازات و السلطات التقديرية و الاستثنائية المعترف بها للإدارة كانت الحاجة للامان بالرقابة القضائية و التعمق والوعي بها لضمان الحقوق والحريات.



منقول بتصرف

ليصلك جديد المقالات القانونية والمعرفية قم بالتسجيل في القائمة البريدية ادناه



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-